دولي

أسرى أطفال... ممثّلون يُحدثون فرقاً في سجون الاحتلال

الطفل الفلسطيني ليس بمنأى عن الاعتقال

عمد ممثّلو الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى حمايتهم من ممارسات الاحتلال، وتنظيم يومياتهم، وتشجيعهم على التعليم وممارسة الرياضة وحب فلسطين. إلا أنهم قلقون بسبب نقل بعضهم إلى أماكن ليس فيها ممثلين عنهم

مرّ الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي بفترات وظروف مختلفة على امتداد تاريخ الحركة الأسيرة، أراد خلالها الاحتلال كسر إرادتهم. وأكثر ما يُقلق الحركة الأسيرة في هذه الآونة استهداف الأسرى الأطفال بنقل 33 منهم من قسم خاص لهم في سجن عوفر غرب رام الله وسط الضفة الغربية إلى سجن الدامون في جبال الكرمل، من دون ممثلين عنهم من الأسرى البالغين، للاستفراد بهم.

وبالنسبة لممثّلي الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فمن الأهمية بما كان وجود أسرى بالغين معهم. ويؤكّد الأسير المحرر والكاتب الروائي وليد الهودلي لـ "العربي الجديد" أهمية ذلك، وهو من اختارته الحركة الأسيرة كأول ممثل للأسرى الأطفال في سجن هشارون عام 1996، بعد نقلهم من سجن الرملة، إثر مطالبات متكررة من الأسرى.

ولم تتوقّف مطالبات الأسرى بوجود أسرى بالغين مع القاصرين، بل احتجوا على ذلك لتنفيذ مطلبهم، ووصلت الأمور إلى حدّ إرجاع وجبات طعام، وبعث رسائل مطلبية، إلى أن استجاب الاحتلال في عام 1996. لكنّ الموافقة جاءت أيضاً بسبب عدم قدرة الاحتلال على السيطرة على الأطفال ووجود توتر واستنفار دائم في أقسامهم.

الهودلي الذي وجد نفسه ممثلاً للأسرى الأطفال، أو كما تحب الحركة الأسيرة أن تسميهم الأسرى "الأشبال"، وأصبح ممثلاً لهم باسم كل الفصائل، يشير إلى أن الأطفال يعانون ظروفاً قاسية، من طعام سيئ وقمع متواصل وحرمان من أبسط الحقوق التي يتمتع بها الكبار، كوجود أكثر من 15 طفلاً في غرفة واحدة، وعدم توفير مواد التنظيف وأدوات الرياضة وحتى المذياع والتلفزيون.

 

ويوضح الهودلي: "بدأنا من الصفر في إنجاز بعض الحقوق، وأصبح في الغرفة ثمانية أسرى بدلاً من العدد الكبير. أعدنا تنظيم أوقاتهم، هم الذين كانوا يسهرون ليلاً وينامون نهاراً، وأعدنا لهم الثقة في أنفسهم، بعدما عانوا لفترة طويلة من لعبة استخبارية، إذ تُحاول الاستخبارات الإسرائيلية الدخول في ما بينهم. وكان الأطفال يكيلون الاتهامات إلى بعضهم بعضاً، خصوصاً أن إدارة السجون كانت تستفرد بهم وتزرع الشك في ما بينهم"، والأهم من ذلك أنّ الهودلي أعدّ لهم برنامجاً تعليمياً لتقديم حصص في اللغة العربية والرياضيات والدين ليستعيدوا الروح التعليمية، وبرنامجاً آخر للأنشطة الرياضية، ليختلف وضعهم من النواحي السلوكية والنفسية، ويعيشوا حالة استقرار حرموا منها طويلاً.

عادت الأزمة في مع انتفاضة الأقصى مرة أخرى في عام 2000، كما يروي الأسير المحرر لؤي المنسي لـ"العربي الجديد"، الذي أصبح أحد ممثلي الأطفال في عام 2010، فقبيل الانتفاضة كان قد أفرج عن معظم الأطفال، وبعد عام 2000، افتتح الاحتلال قسماً للأطفال في سجن "ريمونيم" لمن هم دون سن 16 عاماً، ومن دون ممثلين أيضاً كما يؤكد المنسي. أما من هم بين السادسة عشرة والثامنة عشرة، فكانوا في غرف البالغين في سجن عوفر، قبل أن ينقل الاحتلال الأطفال إلى أقسام خاصة في سجني عوفر ومجدو ولتعود المطالبات مرة أخرى للحركة الأسيرة بوجود ممثلين بالغين معهم، حتى تحقق ذلك.

عاش قسم الأسرى الأطفال في سجن عوفر نظاماً خاصاً، وأصبح المشرفون عليه من الكبار قرابة خمسة يتم اختيارهم بدقة وعناية، ممن لديهم القدرة وممن يتميزون بأخلاق عالية، واحد من هؤلاء الأسير المحرر عبد الفتاح دولة الذي كان مشرفاً على القسم بين عامي 2014 و2016.

يشير دولة في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى المهمة الأولى له مع أي أسير طفل وهي استقباله فور وصوله. "كنا نعرف المراحل التي مر بها الأسير من تحقيق وأكثر من محطة تخويف، يصلنا الطفل بحالة صدمة، فيحتاج إلى طريقة مختلفة لاستقباله، نطمئنه ونزوده بالملابس ومواد التنظيف ثم نبدأ بمرحلة أخرى وهي التعليم، حيث يتم وضعه في إحدى المجموعات التعليمية العشر في القسم حسب مستواه التعليمي"، ويؤكد دولة صعوبة مهمته وزملائه. أحياناً، يجب أن يكون خبيراً نفسياً، فقد يصادف طفلاً يعاني من تبول لا إرادي، أو طفل يخاف ليلاً وينادي بأنه يريد أمه، وكل ذلك عليه التعامل معه، وأحياناً من وراء أسلاك وجدران. في الليل يبيت المشرفون في غرفة خاصة لا مع الأطفال.

من نفس القسم دولي