الوطن

هيمنة المال الفاسد ..أي مصير للأحزاب السياسية

أحزاب تبحث عن فرصة جديدة للتموقع ما بعد الحراك

تجمع الطبقة السياسية على أن المال الفاسد و" الرشوة" من شأنه القضاء على الحياة السياسية للأحزاب، مشيرين إلى ما عاشته بعض قيادات الأحزاب خلال حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة حيث أن بعضها يقبع بالسجون بسبب الفساد، ويرى متتبعون أن الساحة السياسية في الوقت الراهن تعيش نوعا من الغموض حول مواقف أحزاب ما بعد الحراك وأن الفترة القادمة ستفصل بينها وتحدد الموالي والمعارض للسلطة.

 

يرى متتبعون للشأن السياسي أن الأحزاب السياسية أمام رهان تخطي " هيمنة المال الفاسد" على السياسية خاصة وأن العديد من كبريات الأحزاب السياسية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة تورطت في قضايا الفساد ما أدى إلى إفساد الممارسة السياسية وتشويهها، جراء مزاوجتها بين السياسة والمال الفاسد، ويحذر العارفون بالشأن السياسي من خطورة تداعيات استعمال المال القذر على الحياة السياسية، فهل ستتمكن أحزاب ما بعد الحراك الشعبي من تجاوز رهان التصدي للمال القذر؟.

 

  • الأحزاب السياسية و"الشكارة"

هذا وتحاول بعض الأحزاب السياسية إيجاد مكان لها في الخارطة السياسية الجديدة و التي بدأت ملامحها تظهر منذ إنطلاق الحراك الشعبي الذي أطاح بالعديد من رؤسائها في الذين تورطوا في قضايا فساد ، وتؤكد في تصريحاتها أنها ستقوم بقطيعة مع الممارسات السابقة و التي تميزت بالاستعانة بـ" الشكارة" خلال الاستحقاقات أين يمتز المال الفاسد بالسياسية، لتبقى التساؤلات مطروحة حول تمكن حكومة الوزير الأول عبد العزيز جراد من اجتثاث ما يعرف بـ"المال الفاسد" وإبعاده عن السياسة، ويشار أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كان قد أسدى في أول اجتماع لمجلس الوزراء بعد تشكيل الطاقم التنفيذي الجديد تعليمات تقضي بضرورة أخلقة الحياة السياسية من خلال تكريس الفصل بين السياسة والمال، ومحاربة الرداءة في التسيير، بالإضافة إلى إعادة النظر في بعض النصوص والقوانين الأساسية التي تنظم الحياة السياسية الوطنية مثل القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.

 

  • الأرندي : "المال القذر شوه الحياة السياسية"

حول الموضوع حذر محمد قيجي رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي من إقحام السياسة في المال الفاسد ، وقال إن الأرندي يراهن على فصل المال القذر عن السياسية، مشيرا أن المال الفاسد أفسد كل ما نعيشه نحن اليوم.

وأوضح قيجي في تصريح خاص لـ"الرائد" بالقول:" نحن في التجمع الوطني الديمقراطي هدفنا دائما هو فصل المال عن السياسة خاصة ما تعلق بالمال عن القذر التي شوهت العمال السياسي أو الفعل السياسي أو الحياة السياسية ككل" ، داعيا للتمييز بين المال الفاسد والمال المشروع ، بالإضافة إلى أخلقة الحياة السياسية ، لافتا بالقول:" كلما ابتعدنا عن المال القذر كانت الحياة السياسية أفضل وتؤدي رسالتها كما ينبغي".

وفي رده على سؤال بخصوص الاتهامات التي تطال كبريات الأحزاب حول عدم فصلها للمال الفاسد عن السياسية كشف محمد قيجي بالقول:" بحكم أني نائب في العهدة الرابعة أرى أن المال الفاسد أفسد كل ما نعيشه نحن اليوم"، محذرا من إقحام السياسة في المال الفاسد للتمكن من التوجه نحو المستقبل بخطى ثابتة، وأضاف:" لا نستطيع فصل المال عن السياسية يقتضي تلاحم الجميع "، منوها بالخطاب الأخير لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي أكد على " فصل المال عن السياسة" ، لافتا أن القضية تحتاج إلى آليات أهمها تعديل قانوني الدستور و الانتخابات ، بالإضافة إلى قانون الأحزاب و الجمعيات للتمكن من فصل بين المال الفاسد عن السياسية، وقال محدثنا أن حزب الأرندي يراهن على فصل المال القذر عن السياسية .

 

  • بن زعيم: على قيادات الأحزاب محاربة " الرشوة" و المال الفاسد

في حين اعتبر السيناتور عن جبهة التحرير الوطني عبد الوهاب بن زعيم، الأحزاب السياسية لمحاربة الرشوة خاصة خلال عملية الترشيحات، مشددا على أهمية إختيار الكفاءات خلال عملية الترشحات.

وأوضح بن زعيم في تصريح مقتضب لـ" الرائد" بالقول:" ..كل شخص يضمن له الدستور ممارسة السياسة وممارسة حقوقه وكل مواطن تضمن له حقوقه السياسية الترشح والإنتخاب مهما كان مستواه"، مشيرا أنه" لكن شخص حقوق وواجبات وإذا كان الشخص يقوم بواجباته من ضرائب وحقوق الضمان ويعمل وفقا للنظام و القانون وتكون أرباحه قانونية لا يمنع من ممارسة السياسة ".

وأفاد محدثنا أن "المال الفاسد هو المتأتي من تجارة المخدرات و البشر من التهريب سواء العملة التهرب لضريبي "، وقال :" الذين يمارسون هذه المهنة معروفون لدى المصالح الأمنية "، وفي رده على سؤال حول تورط أحزاب سياسية في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وعدم فصلها بين " المال القذر و السياسية" قال بن زعيم:" الأحزاب التي تعاملت بممارسة الرشوة هناك من أعطاها وهناك من تلقاها "، داعيا الأحزاب السياسية لمحاربة الرشوة خاصة خلال عملية الترشيحات، مشددا على أهمية إختيار الكفاءات خلال عملية الترشحات ، مستدركا بالقول:" قيادة الأحزاب هي المسؤولية عن محاربة المال الفاسد على مستوى وليس المناضلون".

 

  • فراد: الحكومة الحالية ليست سياسية هي "تكنوقراطة انتقالية"

أما الدكتور محمد أرزقي فراد، الكاتب والباحث في التاريخ بجامعة الجزائر، فيرى أن الرأي العام بالجزائر متجه نحو الحراك الشعبي الذي تعرفه الجزائر منذ 22 فيفري الماضي والتحول إلى نظام جديد، وقال في تصريح مقتضب لـ" الرائد" إن "الحكومة الحالية ليست حكومة سياسية هي حكومة تكنوقراط انتقالية لتصريف الأعمال تأسست خارج الطبقة السياسية خارج الأحزاب السياسية - حكومة الوزير الأول عبد العزيز جراد ليست حكومة حزبية-"، وأضاف:" الحكومة السياسية ناجمة عن انتخابات برلمانية ".

 

  • معارضة أم موالاة..؟

هذا وأحدثت استجابة أحزاب سياسية معارضة لدعوة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون للحوار ودعمها لخارطة الطريق التي أقرها بالساحة السياسية تساؤلات أهمها:" هل تحاول المعارضة التموقع من خلال دعم قرارات الرئيس أم أنها استجابة تلبية لمتطلبات المرحلة في ظل الأزمة التي عاشتها الجزائر؟"، ويرى متتبعون أن الساحة السياسية في الوقت الراهن تعيش نوعا من الغموض حول المواقف وأن الفترة القادمة ستفصل بينها وتحدد الموالي و المعارض للسلطة.

 

من نفس القسم الوطن