الوطن
وزارة التربية متورطة في إدراج نص في كتاب مدرسي يثير الفتنة بين الشعب
أساتذة ينتفضون ضد إثارة بعض النعرات
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 ديسمبر 2019
وجه نقابيون وتربويون وأساتذة التعليم الابتدائي تحذيرات إلى وزارة التربية الوطنية من مخاطر النصوص التي باتت تدرس للتلاميذ في المدارس، والتي تخلق التفرقة وتشجع الفتنة وسط الشعب الجزائري، وهذا على خلفية إدراج نص موجه إلى تلاميذ السنة الخامسة ابتدائي يفتح المجال للتأويل حول "الأمازيغ والعرب".
وسلط الأساتذة على نص حمله كتاب اللغة العربية الجديد الموجه للسنة الخامسة ابتدائي، والذي جاء فيه في الصفحة 50 "قال المعلم الفرنسي لمحمد: قف، أنت لا تجلس في هذا الصف "أنت عربي"، ألم تفهم بعد نظام القسم؟". لكن محمدا لم يرد أن يغير مكانه فقال بكل أدب: معذرة سيدي، أبي عربي وأمي قبائلية، لم أدر في أي صف أجلس".
واعتبر الأساتذة أن هذا النص عينة عن المنهاج الفاسد الذي تورطت فيه وزارة التربية الوطنية وببعض من السموم التي تدرس لأبناء الجزائر، واستغل الأساتذة مختلف صفحاتهم على مستوى شبكة التواصل الاجتماعي لنقل سخطهم تجاه النصوص التي باتت تدرس للتلاميذ، قبل أن ينقسم الأساتذة بين رافض للنص ومؤيد له.
وذهبت شريحة كبيرة من الأساتذة لتؤكد أن النص عبارة سياسية استعمارية واضحة، شاركت فيها الوزير السابقة نورية بن غبريت من أجل خلق الفتنة وسط الشعب الواحد ومن أجل تشجيع الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، بين الأمازيغ والعرب، رافضين أن يتم إدراج مثل هذه النصوص التي تشجع المتمدرسين على الوقوع في فخ صراع عرقي.
هذا فيما ذهب جزء آخر من الأساتذة للدفاع عن النص وتم اعتباره مقتطفا صغيرا من درس كامل، والمغزى من الدرس "أننا كلنا أبناء وطن واحد، عرب وأمازيغ"، وقالت إحدى الأستاذات "ليس هناك فرق بيننا، بالعكس مغزى الدرس رائع كلنا أبناء الجزائر".
وتساءل في هذا الصدد الناشط التربوي، كمال نواري، "أين كانت هذه الأصوات، لماذا لم تطرح مثل هذه القضايا في وقتها، ما السر في إثارة مثل هذه النعرات في هذا الوقت بالذات"، مشددة أن "الجزائر بحاجة إلى لم الشمل وليس إلى مثل هذه الفتن والنعرات".
-
"الأسنتيو" تحمل بن غبريت المسؤولية
كما تساءل من جهته المكلف بالتنظيم على مستوى النقابة الوطنية لعمال التربية "الأسنتيو"، يحياوي قويدر، عن الهدف من طرح مثل هذه المواضيع، وبهذا الشكل، في كتب مدرسية موجهة لتلاميذ الابتدائي، قائلا "لا ندري ما الهدف منها بالتحديد ولماذا يتم اعتمادها في برامج هذا الطور، في وقت كان من الأفضل، حسب قوله، لعدم التطرق لمثل هذه النصوص، خاصة أن هناك مواضيع عدة من النصوص العربية".
وحمل يحياوي قويدر المسؤولية الكاملة للطاقم القديم الذي كان مسيرا من طرف وزيرة التربية نورية بن غبريت، والتي تكفلت بتحضير هذا الكتاب الجديد الذي وزع على التلاميذ في سبتمبر الماضي.
ويعتقد ممثل "الأسنتيو" أن وزارة التربية لجأت إلى مثل هذا الموضوع من أجل إبراز الثراء اللغوي في الجزائر في الحقبة الاستعمارية، إلا أن النص له قراءتان، حيث يفتح المجال للتأويل إما من قبل الأساتذة أو التلاميذ أنفسهم، وهذا حسب توجه كل أستاذ. واعتبره يحياوي "أمرا خطيرا لا يمكن السكوت عنه".
وأضاف النقابي أن الوزارة أخطأت لدى محاولة إبراز اعتماد اللغة الأمازيغية كتراث لغوي منذ الاستعمار، منتقدا طريقة الطرح، حيث كان لابد الابتعاد عن أي شيء يفتح مجال الشك والتأويل، لأن هدف المدرسة الجزائرية هو الدفاع عن المقومات الوطنية من الأمازيغية واللغة العربية والدين وترسيخ الوحدة الوطنية لدى أبنائنا التلاميذ.
كما يرى المتحدث أن "الوزيرة السابقة كانت تحاول من النص إرضاء السلطة من خلال اعتماد سياسة إقحام الأمازيغية في النص، ولتبين للسلطة أنها تدافع عن الأمازيغية، في ظل اعتماد هذه اللغة لغة وطنية وتشجيع تدريسها بالمدارس، لكن، يقول يحياوي، إنه للأسف فإن الوزيرة أرادت إرضاء السلطة ووقعت في خطأ فادح؟".
ونقل في هذا الصدد "إنه حتى طرح السؤال في النص هناك خبث، حيث وكأنهم يريدون أن يوصلوا لنا أن هناك تفرقة في عهد المستعمر، حيث كان الأمازيغ في الحقبة الاستعمارية مفضلين لدى المستعمر، في حين أن كل الشعب الجزائري كان كاملا متكاملا متوحدا لمحاربة المحتل، ليشدد ذات النقابي أن في الفقرة كلاما خطيرا، وكنقابة "نطالب وزارة الربية بحذف هذه الفقرة من الكتاب المدرسي"، مؤكدا على أهمية الاعتماد على المواضيع التي لا تحمل التأويل، مع التأكيد على أهمية إبعاد المدرسة عن كل التجاذبات، خاصة في الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، مستغلا المناسبة ليذكر بالمطلب الملح لنقابة "الأسنتيو" والمتمثل في إدخال تعديلات وإصلاحات في البرامج المدرسية.