الوطن

"محاربة العنف المدرسي يتطلب تشريح ومعالجة جزائريين "

رئيس النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي مزيان مريان لـ"الرائد":

 

 

 

يعتبر رئيس النقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي )سنابست( أن ظاهرة العنف المدرسي، على الرغم من بلوغها مستويات خطيرة، فهي لا تتطلب تدخل أخصائيين أجانب من أجل تشريحها ودراستها بهدف إيجاد حلول مكافحتها، في الوقت الذي تعج الجزائر بخبراء من خريجي الجامعات الوطنية ولهم خبرة لا تقل شأنا عن خبراء أجانب عن واقعنا المعاش.    

 

تحضر وزارة التربية لتنظيم أيام دراسية حول العنف المدرسي، ما رأيكم في المبادرة المتأخرة نوعا ما، أليس كذلك؟

لسنا على دراية في نقابتنا بهده الأيام الدراسية المهمة بعد، ولا ندري فحواها أو جدول أعمالها. لكن كنقابة لنا رأي في الموضوع وإذ نحن نثمن المبادرة مبدئيا حتى وإن أتت متأخرة، فإننا نعتبر أن مجرد فتح النقاش حول ظاهرة العنف المدرسي وآثاره على مردود المنظومة المدرسية يعد في حد ذاته حدثا نستحسنه ونرحب به ونشارك فيه باقتراحات إيجابية يمكن أن تفيد، كيف لا، والقطاع الذي ننتمي إليه والعائلة الكبيرة التي نعيش فيها ونعمل لصالحها وصالح الأجيال الصاعدة.

أنتم مدعوون لإبداء آرائكم حول الظاهرة إلى جانب زملائكم في النقابات الأخرى العاملة في الحقل التربوي وأولياء التلاميذ، فماذا أنتم مقترحون؟

نعم، العنف في الوسط المدرسي ظاهرة بلغت مستويات خطيرة حيث لم يسلم فيها، مع اللأسف، لا التلاميذ ولا أساتذتهم أو المؤطرين. ولا يمكن، حسب رأيي، رجم طرف مكان آخر بالتسبب في العنف كظاهرة مستشرية وتحميله وزر الأحداث التي تقع هنا وهناك ويندى لها جبين العائلة التربوية. كما نأسف لها كونها تمس أبناءنا وزملاء لنا يعملون في ظروف غير عادية، لأن المحيط التربوي لا يساعد على التحكم في النفس حينما يضيق الأفق ويشتد الضغط من حجم الساعي وكثافة البرامج والاكتظاظ وغيرها من الضغوطات المهنية تحول بين احترام التلميذ للأستاذ وعطف الأخير على الأول. 

فالمطلوب إعادة النظر في حجم البرامج والحجم الساعي للتلاميذ والأساتذة معا. كما يجب إجراء جرد كامل للخريطة التربوية وتشييد، في ضوء ذلك، العدد اللازم من المؤسسات التربوية من إكماليات وثانويات لتخفيف الضغط الهائل على الأفواج التربوية، والذي يعد السبب الأول في انخفاض المستوى الدراسي والمردود البيداغوجي. وهذه الضغوطات مجتمعة تنعكس سلبا على نفسية وأداء المكونين والأساتذة. فيجب مراعاة هذا الجانب والخوض فيه يرجع لذوي الاختصاص.

 

لجأت الوصاية منظمة الأيام الدراسية القادمة إلى دعوة خبراء أجانب في الموضوع لتأطير تشريح الظاهرة وتقديم اقتراحات حول آليات معالجتها، ما رأيكم سيد مريان؟

 

في اعتقادي من الخطأ دعوة خبراء أجنبيين لتشريح إشكال وطني بحت. فماذا عسى الأجنبي الذي لا يفقه تركيبة العنصر الجزائري وطبيعة مجتمعنا أن يعمل على تفكيك عقد وحالات وظواهر نفسية وطنية صرفة. فالعنف في بلجيكا وفي سويسرا أو فرنسا ودوافعه في هذه البلدان على سبيل الذكر ليس هو العنف في الجزائر الذي له نفس الدوافع. وبالتالي لا ننتظر الكثير من خبراء لا يعرفون المجتمع الجزائري ولن نستفيد الكثير منهم من منطلق أنه لا يمكن إسقاط حلول العنف في المدارس الغربية على العنف المدرسي ومحيطه في الجزائر. وما الأموال بالعملة الصعبة التي تصرف لاستضافة ضيوف أجانب إلا أموالا ستذهب هباء منثورا والمدرسة الجزائرية بحاجة لها أيما حاجة. 

يبقى القول إنه ممكن الاقتباس من تجربتهم في التعامل مع الظاهرة من الجانب النظري في جوانب مماثلة ليس إلا، وعلى المختصين الجزائريين تكييفها مع طبيعة المجتمع الجزائري. وجدير بالذكر أن الجامعة الجزائرية قد خرّجت لنا نفسانيين مختصين ذوو خبرة عالمية وصوتهم مسموع دوليا يجب وضع الثقة في قدراتهم التحليلية والتقنية وتمكينهم فقط من تشريح الظاهرة وإيجاد حلول لمكافحتها باستشارة المعنيين في الميدان والتعاون مع الوصاية من أجل إنجاح عملهم ميدانيا. 

وهل للنقابات دور في التصدي للظاهرة خارج إضرابات المطالبة والمغالبة للمطالب الاجتماعية والمهنية؟

نعم للنقابات دور كبير في هذا الصدد. وفي ما يخصنا، نحن نقابة "السنابست"، قد كان لنا اطلاع واهتمام بالموضوع من خلال فتح النقاش في إطار الجامعة الصيفية الماضية التي نظمناها الصائفة الأخيرة بعين تموشنت. تطرقنا للموضوع من مختلف الجوانب التربوية، البيداغوجية والاجتماعية وتدارسنا الحلول النفسية بحضور طبيب نفس وخرجنا بتوصيات. توصيات سنضعها على مكتب منظمي الأيام الدراسية التي بادرت بها الوزارة. 

حاوره: طارق مروان

 

من نفس القسم الوطن