الوطن

الحكومة تتحرك لفائدة أساتذة الابتدائي الذين يشلون المدارس في أسبوعهم الرابع

نزلوا بقوة إلى الشوارع وهددوا بمواصلة الإضراب رغم تهديدات الخصم والطرد

    • بلعابد يعترف بشرعية المعلمين ويدعوهم للتهدئة مع اقتراب الرئاسيات

 

في الوقت الذي اعترف وزير التربية الوطنية، عبد الحكيم بلعابد، بشرعية مطالب أساتذة التعليم الابتدائي، مطمئنا بتحركه للنظر في جميع مطالبهم عبر استحداث "ورشات مفتوحة تحظى بدعم الحكومة لدراسة والتكفل بانشغالاتهم"، جدد أمس أساتذة التعليم الابتدائي إضرابهم الأسبوعي عبر تصعيد كبير في مختلف ولايات الوطن، في أسبوعه الرابع على التوالي، حيث رافقته احتجاجات قوية وحذروا فيه الوزارة من مغبة عدم النظر في جميع مطالبهم، متوعدين بإضرابات أخرى رغم التهديد بالفصل والخصم من الأجور.

خرج، أمس، أساتذة المدارس الابتدائية بقوة في اعتصام أمام مقرات البلديات وحتى أمام الوصاية بالعاصمة، متحررين من قيود الخوف ووجهوا رسال قوية لوزير التربية الوطنية، مطالبين فيها بالنظر في مطالبهم والرفع من تصنيفهم من أجل أجر كريم. ويتزامن هذا مع توجيه مديريات مفتشين إلى المدارس حيث تم ترهيب الأساتذة بالخصم من الأجور والتهديد بالتوقيف من العمل.

ونقلت التقارير الصادرة عن المحتجين "أنه وخلال الاعتصامات التي شهدت مشاركة قوية للأساتذة تعدت المئات في بعض المديريات، على غرار تيزي وزو تيبازة، والعاصمة ووهران وقسنطينة والمدية وحتى بالجنوب بالوادي، وغيرها من الولايات، وشددوا أنهم أساتذة كرام ولا ينتمون إلى أي نقابة أو تنظيم، وشددوا أنهم أحرار وانتفضوا من أجل انتزاع وأخذ مطالبهم، متوعدين وزارة التربية بمواصلة النضال، بعد أن نددوا بالتخويف أو الطرد من منازلهم أو خصم أجورهم، وهذا على خلفية إرسال وزارة التربية مفتشين من أجل العمل على الحد من الإضراب، في وقت أقدمت هذه الفئة على ترهيب وتخويف الأساتذة بالخصم من الأجور والتهديد بالطرد من مناصبهم.

وأضافت التقارير أن المحتجين شددوا أن قضيتهم نبيلة وقضية مست كرامة الأساتذة، وشددوا على أهمية التصنيف وتقليص الحجم الساعي وتقليص عدد التلاميذ وتخفيف البرامج وعدم كتابة المذكرات باليد، كما أكدوا أنهم أساتذة مربون وليسوا حراسا داخل أو حارج المدرسة أو في المطاعم، وأن مهمتهم بيداغوجية فقط، وهذه رسائل وجهت للوزير.

وأضاف المحتجون أن نسب المشاركة تفوق 70 بالمائة، وحذروا من تغليط مدراء التربية لوزير التربية الذين يروجون أن نسبة الاستجابة للإضراب جد ضئيلة، متوعدين بمواصلة الإضراب والخروج بقوة في الاحتجاجات، مؤكدين أن التلاميذ لن يضيعوا إذا استجابت وزارة التربية لمطالبهم.

وحقق إضراب أساتذة الابتدائي، أمس الاثنين، أعلى النسب عبر مختلف الولايات، وفق التقارير التي رفعت من قبل هذه الفئة، حيث بعد أن شلوا مؤسساتهم، توجهوا ككل يوم إثنين إلى مقرات مديريات التربية حيث تعالت أصواتهم من جديد ضد الحڤرة التي يعانون منها في المدارس الابتدائية إلى جانب كثرة ساعات العمل والتغيير المتكرر للبرامج، ناهيك عن إلزامهم اليومي على كتابة مذكرات باليد حتى خارج ساعات العمل.

 

    • الأساتذة يدعون الأولياء للتضامن معهم وتلاميذ يساندونهم

 

وجدد المحتجون مطالبهم بتخفيض محفظة التلاميذ التي كسرت ظهورهم والمناهج التي تجرب على التلاميذ والأساتذة وإعادة النظر فيها، والمذكرات التي رفضوا كتابتها باليد ما دام وزارة التربية أطلقت الرقمنة، إضافة إلى المطالبة بتطبيق القرار الوزاري المؤرخ في أكتوبر 2014 فيما تعلق بالتصنيف، على اعتبار أنهم كلهم حاملون لشهادات عليا من ليسانس وماستر وحتى دكتوراه، ورفضوا أن يتلقى أساتذة الثانوي أجورا أكثر منهم على اعتبار أن لهم نفس الشهادات، كما ندد المحتجون بأجورهم الزهيدة التي لا تتجاوز "ملايين سنتيم"، على اعتبار أنهم يعملون في المدرسة والمنزل، وأكدوا أن انتفاضتهم من أجل النقود ولن يتنازلوا عنها وعن حقوقهم، على اعتبار أن ساعات عملهم طويلة جدا، وشددوا أنهم ثاروا من أجل كرامتهم.

ودعا أساتذة الابتدائي أولياء التلاميذ إلى مساندتهم على اعتبار أن تحقيق مطالبهم من شأنه أن يحسن الطور الابتدائي وسيأتي بنتائج إيجابية على التلاميذ، علما أن التلاميذ بدورهم شاركوا في عدة ولايات مع أساتذتهم ووجهوا رسائل إلى الوزير، منها أنهم يرفضون أن تثقل محافظهم ظهورهم وطالبوا بتخفيضها.

في المقابل، اعتبر وزير التربية مطالب المعلمين الذين يشنون إضرابات في المدارس، في تصريح له على هامش زيارته إلى ولاية عنابة، "بيداغوجية ومهنية مشروعة ويتوجب احترامها والعمل على معالجتها"، بإرادة صادقة وفي إطار حوار يجمع ممثلي المعلمين بممثلي الإدارة المركزية للقطاع. وأردف الوزير أن "الحوار يبقى السبيل الكفيل بمعالجة كل الإشكاليات المطروحة"، مثمنا درجة الوعي والمسؤولية التي تتميز بها نقابات القطاع، حسب تعبيره.

أوضح عبد الحكيم بلعابد أن المعلم الذي طالما سجل في تاريخ البلاد مواقف مكنت بالأمس من كسب رهان البعد الثقافي للثورة التحريرية وبقاء المدرسة الجزائرية صامدة ومتألقة، هو اليوم مدعو والجزائر مقبلة على استحقاقات هامة على تسجيل مواقف تضمن استقرار الجزائر وتحفظ لحمتها. وأوضح بلعابد أن الرسالة التربوية للمعلم ترافقها دوما رسالة الوطنية، كما أضاف الوزير مشيدا بدور المعلم في إعداد الأجيال وزرع بذور حب الوطن والالتفاف حوله، مؤكدا سعي القطاع للتكفل بانشغالات الأسرة التربوية والسهر على توفير شروط استقراره.

ودعا وزير التربية الوطنية المعلم إلى "تبني مواقف إيجابية يسجلها له التاريخ في هذا الظرف الحساس الذي تمر به البلاد".

عثماني مريم

 

من نفس القسم الوطن