الثقافي

"النقوش الصفوية": أبجدية بادية الشام قبل الميلاد

"لغة النقوش الصفوية وصلتها بلغة أهل البادية الشمالية الأردنية"، عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحث الأردني زياد عبد الله الطلافحة ضمن إصدارات "المفرق مدينة الثقافة الأردنية" لعام 2017، الذي يتناول واحداً من أقدم النماذج المكتوبة للهجة العربية "الصفوية"، التي اشتركت مع غيرها من اللهجات العربية مع اللهجة المحكية لأهل البادية الأردنية الشمالية الشرقية.

تعتبر هذه النقوش مادة خصبة لدراسة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والدينية لسكان شرق الأردن من القبائل العربية في بادية الشام ما بين القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الرابع بعد الميلاد، إذ تقدم صورة لحياة الرعي، والصيد، والغزو، والحرب، والزراعة، والتجارة، والغناء، والعادات، والتقاليد، والأدوات المستخدمة في الحياة اليومية، وكان هذا العرض تحت عنوان "مدخل إلى تاريخ القبائل العربية وآثارهم الاجتماعية".

في حديثه لـ"العربي الجديد"، يشير الطلافحة إلى أنه "يحاول الوقوف على مدى الصلة التي تربط بين النقوش الصفوية المكتشفة، والنقوش التي قمت بجمعها واستكشافها، والتي كانت من ضمن المناطق التي ارتادتها القبائل العربية، ودلت النقوش المكتشفة على تواجد العديد من هذه القبائل في مناطق الرويشد ووادي راجل وقاع الفهده، وبرقع وجاوة، والجاثوم، والأزرق، وتل العبد، وتل قرمة، وغيرها من المواقع".

يلفت صاحب كتاب "لهجات القبائل العربية في النقوش القديمة" أن دراسته "تسجل أهم الظواهر اللغوية من النواحي الصوتية، والصرفية، والنحوية، والدلالية، والتي ضعتها تحت عناوين تشرح، وتغطي فصول البحث"، مستعيناً بمن سبقوه في مثل هذا النوع من دراسات اللهجات، ومسلك اللغة العربية الفصحى من جهة، ومسلك اللهجات العربية الحديثة والقديمة من جهة أخرى.

يوضح "قمت بتسجيل اللهجة وحسب منهجية الملاحظة الخارجية المباشرة، وغير المباشرة، وشملت زياراتي محل سكنى أهل البادية من منطقة الرويشد شرقاً، وحتى بلدات صبحا وصبحية غرباً، واختلطت مع أهل البادية وشهدت مجالسهم، وأسواقهم، وانتخبت منهم رواة لغويين، واشترطتُ أن يكونوا من كبار السن والأميين من الرجال، والنساء، ومن مواقع متفرقة ومتباعدة جغرافياً حتى يتم تغطية منطقة البحث كاملة ولم أحصر أخذ العينة بعدد معين من الأفراد. وبهذه الطريقة تلقيت عنهم اللهجة".

بعد أن جمعت المادة قام بتحليلها ضمن مستويات أربعة؛ المستوى الصوتي وفيه تناول الإمالة وأنواعها، والهمز، ثم الإبدال اللغوي في اللهجة والنقوش والمقارنة بينهما، ثم المستوى الصرفي واشتمل على الأفعال، والمشتقات، والتصغير، وأسماء الإشارة والموصول ثم المقارنة بينهما، ثم المستوى النحوي الذي تناول فيه الجموع والعدد، وأدوات الربط والتنوين، وأخيراً المستوى الدلالي وهو دراسة التغير الدلالي لمفردات بعض النقوش وما طرأ عليها من تغيّر ثم مقارنتها وبيان وصلتها بلهجة أهل البادية الأردنية.

تتضمّن مقدمة الكتاب خريطة لـ "قاع الفهده"، وهي منطقة العمل الميداني للنقوش، إلى جانب خريطة تمثل منطقة أماكن سكن أهل البادية الأردنية، إضافة إلى قائمة بأشكال الأحرف الصفوية المكتشفة، وقائمة بأشكال الحرف العربي الجنوبي والشمالي، وقائمة للرموز الصوتية الصامتة، والصائتة والتي تخص البحث.

 

من نفس القسم الثقافي