الثقافي
"التأريخ العربي": أسئلة الكتابة في جغرافيا مقسّمة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 أوت 2019
تغيّرات عديدة شهدتها العقود الأخيرة على مستوى التوثيق بفضل الاهتمام المؤسساتي به، وما وفّرته التكنولوجيا من قدرة على المتابعة والتخزين. يظلّ التوثيق المادة الأساسية لكل عملية تأريخ، والتي تتغيّر بحسب المعطيات المتوفّرة، بالإضافة إلى سياقات أخرى مؤثرة مثل التعاطي السياسي معها، ومنظور المؤرخ وغيرها.
في نيسان/ أبريل من السنة الماضية، احتضنت بيروت "المؤتمر الثالث للدراسات التاريخية" الذي نظّمه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" وشارك فيه 32 بحثاً محكّماً حول واقع الكتابة التاريخية العربية. هذه الأعمال جرى جمعها وإصدارُها مؤخراً عن "المركز العربي" في كتاب بعنوان "التأريخ العربي وتاريخ العرب: كيف كُتب وكيف يُكتب؟ الإجابات الممكنة".
مقدّمة الكتاب وضعها المؤرخ اللبناني خالد زيادة، وفيها تحدّث عن "استخدام الوثائق في كتابة التاريخ العربي"، حيث أن هذه الأخيرة أخذت الدور الذي كان يلعبه الإخباريون والتراجم والرواة، حين كانوا المصدر الرئيسي في كتابة التاريخ، وهذه الوثائق بحكم علاقتها بالاقتصاد وبالقانون والتجارة وغيرها من المجالات تضع المؤرّخ في احتكاك مع منهجيات علوم متعدّدة.
يتضمّن الكتاب ثلاثة أقسام؛ الأول بعنوان "كتابة التاريخ العربي حقلاً وتحقيباً ومنظوراً"، وفيه نقرأ عشرة فصول، من بينها "مقاربة منهجية لدراسة التاريخ العربي من منظور التاريخ العالمي"، لـ أحمد الشبول، وفي الثاني يتناول أحمد أبو شوك "مشكلة التحقيب: التاريخ العربي الإسلامي أنموذجاً"، فيما اشتغل إبراهيم القادري بوتشيش على اللحظة الراهنة من خلال دراسته "الربيع العربي حلقة جديدة في التحقيب التاريخي "، كما نقرأ دراسة أمل غوال عن "تاريخ العرب الحديث بين التقسيم الإقليمي والتهميش المذهبي والإثني".
القسم الثاني بعنوان "مسائل واتجاهات في التواريخ الوطنية" وفيه ثمانية فصول، من بينها "الكتابة التأريخية الحديثة في العراق" لـ نصير الكعبي، وأيضاً "في إنتاج المعرفة التاريخية في المغرب"، لـ عبد الرحيم بنحادة، و"مسألة الدولة في الأستوغرافيا التونسية الحديثة: سياقات ومقاربات"، لـ فاطمة بن سليمان، و"تحوّلات الكتابة التاريخية في مصر المعاصرة" لـ نجلاء مكاوي، و"أزمة كتابة التاريخ الوطني في موريتانيا"، لـ حماه الله ولد السالم.
أما القسم الثالث فهو بعنوان "التاريخ المقارن ومسائل من حقل الذاكرة والتاريخ"، وفيه أربعة عشر فصلاً، نقرأ ضمنها دراسة سامر عكاش بعنوان "العلوم العربية والمركزية الأوروبية الجديد"، و"الغرب الإسلامي بين البحث التاريخي العربي والغربي" لـ عز الدين جسوس، و"تاريخ الأندلس بين الكتابات العربية والأستوغرافيا الغربية" لـ طارق مداني، و"تاريخ أفريقيا الشمالية: بلاد المغاربة بين 'كتاب العبر' والمدارس الفرنسية المعاصرة" لـ صالح علوان.