الثقافي
اتحاد الكتاب الجزائريين .. الغياب اللغز عن الحراك الشعبي
في وقت قال فيه الشاعر طارق ثابت أن المثقف الوحيد.. "فخامة الشعب الجزائري"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 04 أوت 2019
لعل أبرز مثال على استقالة المثقف الكلاسيكي عن الفعل الثوري، هو حالة الموات الإكلينيكي التي يعيشها اتحاد الكتاب الجزائريين اليوم للأسف، على الرغم من تاريخه الطويل، وفي هذا الصدد يعبر الكاتب والأديب حمري بحري عن استغرابه وتعجبه من الصورة الباهتة لاتحاد الكتاب وهو أقدم جمعية ثقافية في الجزائر، مشيرا إلى أن هذا الاتحاد ظل بعيدا عن الشأن العام، وليس له أي رأي في القضايا الوطنية المهمة.
كشف حمري بحري لـ "عربي21" أن "اتحاد الكتاب حسب علمي لم يصدر عنه أي بيان فيما يخص حراك 22 فبراير (شباط)، وكأن الحراك بالنسبة لهذه الجمعية الوازنة حدث جانبي لا يمكن الوقوف عنده"، منوها إلى أنه إذا كان هناك هدف للاتحاد في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد، فهو البحث عن الجذور العميقة للمجتمع الجزائري والدفع بالكتابة لتكون شاهد إثبات على الحاضر أمام المستقبل.
ويرجح حمري بحري سبب هذه الوضعية الغريبة بل والمدهشة لاتحاد الكتاب الجزائريين، إلى كون الاتحاد في حاجة إلى ترميم الكسور التي أصابته منذ أكثر من عشرين سنة، جراء الصراعات الداخلية التي حدثت داخله.
الشاعر طارق ثابت يستدرك في حديث لـ "عربي21" أنه مع هذا كله كان هنالك من بين هؤلاء المثقفين من استشرف ما عشناه ونعيشه من حراك من خلال عديد الكتابات، التي ألفت ومن خلال تأطيره لمسيرات الحراك في مدينته، ومن خلال تصحيح المفاهيم المرتبطة بالثورة والتغيير والحرية والقضاء على العصابة، وغيرها من المفاهيم التي شكلت لبسا وغموضا لدى أغلبية من خرج في الحراك.
الرومانسيون في دنيا السياسة يتحدثون عن أن الحراك قد حرر قادة الجيش، ولولاه لبقي قادته يقدمون التحية العسكرية لشقيق الرئيس المريض، هذا أمر فيه نقاش بالطبع، لكن كيف لم يحرر الحراك المثقف بالقدر الكافي، وهو الذي كان عليه أن يحرر الشعب.
وإذا كانت مهمة الجيش هي المرافقة السياسية وتقديم الحماية بفائض القوة التي يمتلكها، فإن مهمة المثقف هي المرافقة الفنّية والجمالية، عبر الإنتاج الفني والسينمائي والأدبي، وعبر إنتاج البدائل الفكرية لمنظومة الحكم السابقة، وطرح تصورات مشاريع المجمع المأمول، لا يمكن للعامة إنتاجها.
هذا هو الرهان الأكبر الآن، الرهان الوحيد الذي سيمكن المثقف من الالتحاق بفخامة الشعب الجزائري، ليكون خادما له بعد أن كان من قبل، يرى نفسه مخلوقا عجيبا ينظر إلى الشعب من برجه العاجي، على أنه مجرد "غاشي" ( وصف أطلقه أحد كبار السياسيين المثقفين في تسعينييات القرن الماضي)، وأنه "لم يبلغ الحلم بعد" وأنه قاصر، ومن ثَمَّ لا يحق له أن يختار من يحكمه، بل أن يُختار له وهو يسمع ويطيع.
هذه هي المهمة الوحيدة المتبقية لكي يلتحق المثقف بركب البائع الجوال، ويجلس معه على رصيف الوطن، يتناقشان آليات الرقابة على الحاكم، وكيفية تحقيق العدالة الاجتماعية بين الغني والفقير، من أجل جزائر جديدة يعيش فيها من كان يصنف ضمن الأهالي أو (الأنديجينا) صفة المواطنة، ويعيش فيها بكرامة.
مريم. ع/ الوكالات