الوطن

ارتفاع أسعار الخضر والكباش، والمواطنون يتساءلون... الى أين؟؟

بعد تنصل الجهات المهنية من واجباتها

 

 استنكر الشارع الجزائري تصريحات وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسي الذي أكد بعدم تدخل وزارته، لدى الموالين ولا الباعة المتجولين عبر الوطن، من أجل تحديد أسعار الماشية، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، موضحا أن ارتفاعها يعود بالأساس إلى العرض والطلب. وأن غلاء الأسعار الذي يعرفه سوق الماشية هذه الأيام مرتبط بعدة عوامل طبيعية ومهنية وحتى اجتماعية لا تستطيع الدولة السيطرة عليها، الأمر الذي استهجنه أغلب المواطنين، مؤكدين أن تصريحات الوزير خيبت آمالهم وأكدت مرة أخرى أن السلطات ليست في خدمة الشعب، متسائلين في السياق ذاته ما الدور الذي تلعبه وزارة مثل وزارة بن عيسى إذن؟؟؟؟

 

تعوّد المواطن على ارتفاع أسعار مختلف المنتوجات سيما الخضر والفواكه كلما حلّت مناسبة من المناسبات التي يتضاعف فيها الاستهلاك وتدخل في تحضير الوجبات الغذائية اليومية ليضطر المواطن إلى مصاريف إضافية. الأمر نفسه شهده الدخول المدرسي هذا العام، حيث عرفت أسعار المستلزمات المدرسية

ارتفاعا لا نظيرا له وقف إثره المواطن البسيط عاجزا، وبالموازاة مع ذلك فرضت المستلزمات المدرسية نفسها بطريقة يصعب على أرباب العائلات تجاهلها أو الاستغناء عنها، في الوقت الذي من الممكن أن تستغني على بعض أطباق مائدة رمضان خاصة بالنسبة للعائلات الكبيرة العدد، فيما يخص عدد الأطفال المتمدرسين فالتوفيق لاستقبال المناسبتين عيد الفطر والدخول المدرسي يعد ضربا من الخيال بالنسبة للعديد منهم، كما شهد هذا العام ايضا عرض مختلف المنتوجات الصينية بطريقة ملفتة للانتباه على الطاولات التي تحتوي سلعا خاصة بالأدوات المدرسية، حيث قفزت أسعار الكراريس بنسبة تقدر بـ15 بالمائة على مستوى محلات بيع الأدوات المدرسية بالجملة. ما يعني أن نسبة الزيادة قدرت ما بين 1 و2 دينار في الكراس الواحد، على عكس الكراريس المستوردة التي فاقت نسبة الزيادة فيها 20 بالمائة.

كما عمدت بعض المحلات التجارية المخصصة لبيع المستلزمات المدرسية بالعاصمة اتباع سياسة الترويج بتخفيضات في الأسعار، حيث تقوم بالإعلان في الملصقات الموجودة على أبواب المحالات، تتنافى تماما والأسعار الحقيقية التي تباع بها السلع، فمثلا الكراريس 96 صفحة و120 صفحة تتراوح أسعارها بين 30 دج إلى 50 دج، بينما في الأسواق الشعبية فنجدها تتراوح بين 30 دج إلى 40 دينار دون أن ننسى الحديث عن الكراريس ذات 288 صفحة التي تتعدى 100 دج.

مسلسل ارتفاع الأسعار التي ما تكاد أن ينطفئ لهيبها

 

عرفت مختلف الأسواق بالعاصمة، على غرار سوق مولود برنيس ببلدبة باش جراح وميسوني وسوق باب الزوار 8 ماي 1945 وسوق بومعطي وسوق أولاد فايت وسوق مارشي 12ببلكور ارتفاعا محسوسا في أسعار الخضر والفواكه التي لم تنخفض قط بل هي في ارتفاع مستمر دون أن تتدخل الجهات المعنية لتفرض رقابة صارمة تمنع من خلالها التجار على التزايد في المضاربة وتحديد سقف أسعارها، الأمر الذي أثار سخط المواطنين منذ بداية العام، حيث سجلت الخضر الموسمية كالبطاطا ارتفاعا مفرطا تجاوز 85 دينارا، علما أن هذه المادة التي لا تستغني عنها موائد الجزائريين، كانت في وقت قريب تُباع بـ20 إلى 25 دينارا فقط للكيلوغرام رغم أن الحكومة استوردت 89 ألف طن من البطاطا من أجل مواجهة ندرة هذا المنتوج، إلا أن الأمر بقي على حاله واستمر مسلسل ارتفاع الأسعار التي ما تكاد أن ينطفئ لهيبها.

الامر نفسه شهدته الطماطم حيث بلغ سعرها حدود 155 دج للكلغ، ومقابل ذلك تبقى القدرة الشرائية للمواطن دون هذه الأسعار، مما يجعله عاجزا عن اقتنائها في غالب الأحيان، فلهيب الأسعار أصبح سيد الموقف فقد ارتفع سعر زيت المائدة من 49دج إلى 62 دج، وعلى المنوال نفسه كانت الحال بالنسبة إلى مسحوق الحليب الذي أصبح سعر العلبة الواحد منه 280دج، علمًا أنّه كان ثمنه 200 دج. أما الفواكه الغير موسمية فقد زادت لهيبا، فقد تراوحت أسعار فاكهة البرتقال ما بين 280 و300 دج، بنوعيها "الكليمونتين"، و"الطومسون"، أما التفاح فقد تراوح ثمنه بين 110 دج بالنسبة للأحمر، و190 دج بالنسبة للأصفر، وهي زيادات تبقى ظرفية حسب أحد التجار، مقارنة بأسعارها في أسواق الجملة، أما فيما يخص أسعار الأسماك فقد عرفت هي الأخرى زيادات معتبرة، فبعدما كان الكيلوغرام الواحد من السردين لا يتعدى 100 دج، أصبح حاليا يتجاوز 190 دج للكغ، فيما أكد بعض التجار أن هذه الزيادة راجعة لنقص هذه الثروة البحرية خاصة في موسم "الراحة البيولوجبة"، أين تكاثر الأسماك ما يجعل الطلب عليها يزداد في هذه الفترة

كما عرفت أسعار الباقوليات والحبوب الجافة هي الأخرى عدوى حمى ارتفاع الأسعار حيث تعدى سعر العدس 180دج هذا إن وجد والبازلاء بـ 180 دينار بعد أن كان سعرها لايتعدى 140دينار، بينما الحمص فقد تجاوز سعره 150دج، لتحرق جيوب الموظفين المحدودي الدخل والمواطنين البسطاء، وتحيي شعورا متناميا بالخوف، كما يرى أغلب المواطنين من ذوي الدخل المتوسط أن حمل القفة والتوجه نحو الأسواق أصبح بمثابة الذهاب إلى جحيم يكتوون بلهيب أسعاره، ويفكرون كثيرا قبل العزم على شراء ما يحتاجون إليه. ومن المواطنين الذين يتبضعون مما تبقى من البضائع بعد الزوال حتى يخلو لهم السوق ويفرغ من المتبضعين وتنزل الأسعار بموازاة نزول الجودة والطراوة، مع رغبة الباعة في التخلص من بضاعاتهم.

وفي ظل جحيم هذه الأسعار الملتهبة، لجأت العائلات الفقيرة ومتعددة الأفراد إلى أكوام الخضر والفواكه الفاسدة، مجبرين للتبضع كباقي المواطنين الذين يقصدون السوق لشراء بعض الكيوغرامات منها… فتراهم منكبين على اختيار بعض ما يصلح نصفه أو جزءه أو ما يمكن أن ينقى من فساده وتسوساته، راضين بأوضاعهم وقدرهم، ما دامت تلك البضائع متوفرة بنصف الأسعار.

الكباش لمن استطاع اليه سبيلا

أعرب بعض المواطنين في السياق ذاته عن تذمرهم بسبب ارتفاع الأسعار رغم توفر الكلأ هذا الموسم بكميات كافية نتيجة للأحوال الجوية التي كانت جيدة، إلا أن ازدياد الطلب على اقتناء ''كبش العيد'' جعل الموالين يغتنمون هذه الفرص. فالكبش الذي كان سعره بـ 18الف دينار العام الماضي سيصل 2800 ألف دينار،

كما يرجع الموالون هذا الغلاء إلى الطلب المتزايد على اقتناء أضحية العيد وعدم تفريط الكثير من الناس على إحياء هذه الشعيرة الدينية المقدسة، فضلا عن ارتفاع أسعار العلف، حيث وصل سعر القنطار الواحد منها لأكثر من 4 آلاف دينار ما زاد من غلاء الماشية وأدى إلى تراجع بشكل كبير في عدد الكباش المعروضة بالأسواق. كما تعرف أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء هي الأخرى الغلاء نفسه الذي سيحول دون اقتناء الكثير من المواطنين أكل اللحم في هذه المناسبة.

من جهة أخرى أكد عديد الموالين الذين التقت بهم "الرائد" بأسواق المواشي بـ"الحراش" أن قضية سعر كبش العيد لهذه السنة عرف زيادة معتبرة مقارنة بالمواسم الماضية، مرجعين سبب هذه الزيادة إلى مختلف الأضرار الطبيعية التي شهدتها مناطق جنوب البلاد ومناطق الوسط التي تعتبر الممون الأول لهذه الثروة الحيوانية بالجزائر، جراء الفيضانات التي جرفت معها مئات الرؤوس من الأغنام إلى جانب الأضرار التي لحقت بالأراضي الرعوية التي لم تعد تصلح للرعي، الأمر الذي حتم عليهم شراء مختلف أنواع الأعلاف التي سجلت بدورها رقما قياسيا في الأسعار نظرا للزيادة الرهيبة في الطلب، كلها مؤشرات تؤكد حسبهم أن السعر الأدنى لكبش العيد هذا الموسم لن يكون أقل من 35.000 دج.

المضاربون يسيطيرون أمام غياب الموالين الحقيقيين

 أكد العديد ممن هم على دراية بعالم الفلاحة أن سبب هذا الارتفاع الفاحش في أسعار اللحوم والأضاحي هو سيطرة المضاربين على سوق الماشية في ظل غياب الموالين الحقيقيين وعجزهم عن مجاراة هذه المضاربة التي تتكرر مع كل مناسبة، كما ارجع عدد من المواطنين الذين التقينا بهم سبب ارتفاع الفاحش للمواشي كل سنة إلى هجرة الكثير من المواطنين أريافهم واستقرارهم بالمناطق الحضرية وتركهم لحرفة الرعي وتربية الأغنام التي توارثوها أبا عن جد، حيث أصبح التجار والمضاربون يلجؤون إلى مختلف المناطق لجلب المواشي واحتساب التكاليف والمصاريف التي ساهمت في الرفع من سعر الماشية إلى ما هي عليه اليوم. الأمر الذي دفع بالعديد من المواطنين إلى البحث عن أضحية العيد خارج أسواق الولاية لما تعرفه من غلاء كبير والتوجه نحو مراعي وبيوت الموالين والفلاحين بمناطقهم الأصلية علّهم يحصلون على مواش بأسعار معقولة بعيدا عن أعين المضاربين والوسطاء الذي ألهبوا كل شيء يقع تحت أيديهم، وهو ما يفضله الكثير من الموالين ممن لا تسمح لهم إمكانياتهم المادية بنقل مواشي للأسواق وتحمّل تكاليف إضافية متعلقة بالكراء والنقل وكذا إتاوة السوق وحقوق البيع ما يجعلهم يبقون على مواشيهم بمراعيهم إلى غاية وصول الزبون المحتمل الذي يحصل على الماشية في أغلب الأحيان بأسعار معقولة مقارنة بما هو موجود بالسوق وبنوعية جيدة، خصوصا بالولايات الداخلية كبلديات المدية، الجلفة، حيث تنتشر المراعي ولا يزال بها الكثير من المواطنين مستقرين بها ويمارسون نشاطهم الفلاحي والرعوي بشكل طبيعي. وأمام ارتفاع أسعار الماشية لم تجد بعض العائلات مفرا إلى شراء نعجة بسعر أرخص...

روبورتاج: نسيمة. ب

 

 

من نفس القسم الوطن