الثقافي

الفيلم الجزائري" بابيشا" حاضر في مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي

تتيح التظاهرة فرصة مُشاهدة أفلام تطرح تساؤلاتٍ عن وقائع وتفاصيل وحكايات

دورة جديدة تحتفل بسينما عربية مختلفة. “مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي” يهتمّ بتلك السينما، محاولاً منحها مساحة أكبر، عامًا تلو آخر. اختياراتٌ تكشف متابعةً لنتاجٍ يجتهد صانعوه لجعله تجديديًا، قصّةً ومعالجةً واشتغالات فنية وتقنية متنوّعة. الدورة الـ54، المُقامة بين 28 جوان و6 جويلية، تتيح فرصة مُشاهدة أفلام تطرح تساؤلاتٍ عن وقائع وتفاصيل وحكايات، وإنْ يكن عددها قليلاً، إلّا أنّها متمكّنة من التوغّل في ثنايا اجتماع ونَفْس فردية وعلاقات ومشاعر.

للمهرجان حضورٌ فاعلٌ في المشهد السينمائي، أوروبيًا ودوليًا. مساره التاريخي شاهدٌ على مواكبته تحوّلات وتغييرات ومصائر. انفتاحه على أوروبا الشرقية ودول الكتلة الشيوعية السابقة مترافقٌ وتمدّده في جغرافيات عديدة. للعرب مكانٌ، وإنْ يبقى أقلّ من المطلوب. لعلّ هذا عائدٌ إلى خطط إدارة المهرجان في اختياراتها، أو إلى مصاعب الحصول على المطلوب. مسابقاته وبرامجه كثيرة، وانتقاء أفلام عربيّة يُترجَم بمشاركة في بعضها، إلى جانب احتفالٍ بسينما المصريّ يوسف شاهين. بعض الأفلام المختارة معروضٌ قبل أسابيع قليلة في الدورة الـ72 (14 – 25 ماي 2019) لمهرجان “كانّ” السينمائي. هذا مُشابه لخيارات عديدة، فـ “مهرجان كارلوفي فاري” معتادٌ على تقديم أفلام “كانيّة” في دوراته السنوية، كاعتياده على اختيار أفلامٍ من مهرجانات دولية أخرى، أو من خارج المهرجانات، وهذا أساسي في برمجته السنوية.

مثلٌ أول: “طلامس” (إنتاج مشترك بين تونس وفرنسا، 2019) للتونسي علاء الدين سليم، “نصف شهر المخرجين” في “كانّ” 2019. مثلٌ ثانٍ: “معجزة القدّيس المجهول” (إنتاج مشترك بين المغرب وفرنسا وقطر 2019) للمغربي علاء الدين الجمّ (“أسبوع النقّاد” في “كانّ” 2019). الفيلمان معروضان في برنامج “نظرة أخرى” في “مهرجان كارلوفي فاري السينمائي”. يُمكن إضافة مثلٍ ثالثٍ، يتمثّل باختيار “أبناء الدانمارك” (الدانمارك، 2019) للعراقي الدانماركي علّاوي سليم في البرنامج نفسه (نظرة أخرى)، بعد مُشاركته في المسابقة الرسمية للدورة الـ48 لـ”مهرجان روتردام السينمائي الدولي”. علاقة الفيلم بالعالم العربي مزدوجة: المخرج ذو أصل عراقي، والحبكة مستندة إلى صراع بين أصوليتين، إسلامية (لها نَفَس عربي) ويمينية عنصرية دانماركية. سليم يذهب بعيدًا في طرح أسئلة المقبل من الأيام، في بلدٍ (الدانمارك) يُفترض به أن يكون من بين بلدان قليلة في العالم، هي الأهدأ والأسلم والأكثر أمنًا، لكنها تعاني أصولية وعنصرية وتشدّدًا، سياسيًا ودينيًا. كما أنّه يُعرّي شيئًا من خفايا هذا الاجتماع، بتشريح مسالك بعض أبنائه، وبعض المهاجرين إليه.

فيلمان آخران، يُعرضان في برنامج “آفاق”، يتمحوران حول وضع المرأة، وحول مكانتها في اجتماعٍ يميل إلى محاصرتها ومواجهتها. الأول بعنوان “بابيشا” (إنتاج مشترك بين فرنسا والجزائر وبلجيكا وقطر 2019) للجزائرية مونيا مدوّر، ابنة المخرج عز الدين مدوّر (1947 ـ 2000) الثاني بعنوان “آدم” (إنتاج مشترك بين المغرب وفرنسا وبلجيكا، 2019) للمغربيّة مريم توزاني.

يروي “بابيشا” حكاية نجمة (18 عامًا): طالبة مُقيمة في المدينة الجامعية، تحلم بأنْ تُصبح مُصمِّمة أزياء. ليلاً، تتسلّل رفقة صديقات لها إلى أحد الملاهي القريبة، كي تبيع ابتكاراتها المختلفة (حلي متنوّعة الأشكال) لـ”فتياتٍ جزائريات جميلات” تلتقين هناك. في الوقت نفسه، يكشف الفيلم استمرار التدهوّر، سياسيًا واجتماعيًا، في الجزائر، في تسعينيات القرن الـ20، ما يضع نجمة في مواجهة قاسية مع واقع ترفضه، فتكافح من أجل حريتها، وترى في تنظيم عرض للأزياء تحدّيًا للممنوعات كلّها المفروضة عليها.

هذه نماذج من هواجس حياتية وفكرية واجتماعية، تُقدّمها أفلامٌ عربية حديثة الإنتاج، في مهرجان يحاول منظموه بلورة انفتاح أكبر على سينما عربية مختلفة.

مريم. ع/ الوكالات

من نفس القسم الثقافي