الوطن

رسائل جزائرية في ظروف استثنائية

وزير الداخلية الفرنسي في الجزائر اليوم

 

 

اليوم يبدأ وزير الداخلية الفرنسي مانيال فلاس زيارته للجزائر تدوم يومين تدخل ضمن سلسلة زيارات مسؤولين فرنسيين للتحضير إلى زيارة فرنسوا هولاند المرتقبة للجزائر في ظل استمرار الجدل القائم بين مواقف فرنسا بقضية شمال مالي ورغبتها في اعادة دورها الدبلوماسي واسترجاع هيبتها الدولية المفقودة ومع ادراكها اصرار الجزائر في التحفظ على المقترح الفرنسي.

 

جدول أعمال وزير الداخلية يكشف طبيعة الملفات التي يريد اثارتها في الجزائر وأغلبها قضايا مشتركة تتباين فيها وجهات النظر، فاللقاء مع الوزير الأول سيكون بمثابة اللقاء الأشمل حيث من المتوقع اثارة موضوع التعاون المشترك خاصة في القضايا الاقتصادية، اذ رغم كل التسهيلات التي خص بها الفرنسيون في الاستثمارات الداخلية دون سواهم ومسار انقاذ شركات عمومية فرنسية من شبح الافلاس، اضافة إلى التسهيلات في موضوع الطاقة والحديث عن قروض تقدم لفرنسا وليس بالشروط الفرنسية حينما كانت الجزائر في عز أزمتها، رغم كل هذا لازال الطرف الفرنسي يحجم عن الاستثمار بمفهومه الاقتصادي باستثناء موقف شركة رونوا والذي لم يتضح بشكل نهائي بعد.

سلال سيبلغ مانيال أن الجزائر لن تبقى على هذا الحال، وهو يدرك أن موقفه المتقدم يمكن لرئيس الجمهورية مراجعته في اي وقت، ومطلوب من الوزير الأول تبليغ رسالة وموقف المجتمع الجزائري الذي أصبح منزعجا من السياسات الفرنسية اتجاه الجزائر والمنطقة، وان الجيل الجديد يمكنه الاستغناء عن العلاقة الفرنسية الجزائرية فالجزائر ليست أقل شأنا من رواندا التي سحلت الكبرياء الفرنسية في دولة ضعيفة خرجت من حرب أهلية كبرى ،والكثير يتوقع لهذه الدولة الناشئة مستقبل أفضل وفي أسرع الأوقات.

وزير الخارجية مدلسي لديه ما يقول في موضوع الساعة شمال مالي وان التعاون الثنائي يمر بالتوافق في القضايا التي لها انعكاسات على أمن واستقرار البلدين وان المصلحة المشتركة تكمن في دعم مسعى الجزائر الذي يتوجه لمصلحة مالي والمجتمع الدولي وليس موجها ضد أي أحد آخر. الملفات الأقليمية كسوريا وتطورات الوضع في دول الربيع العربي واستئناف مسار المغرب العربي كلها ملفات تهم الطرفين، وباريس أصبحت لا تطيق تحمل مغامرات ساركو من قبل ويمكنها أن تعيد كثيرا من حساباتها بالنظر إلى الدور المتميز الذي قامت به الدبلوماسية الجزائرية في الآونة الأخيرة، رغم التحفظات التي يوجهها الر أي العام الداخلي وخاصة في التأخر في المواقف وكثرة الانتظار.

ولد قابلية سيعيد مطالب الجزائر والجزائريين في حرية التنقل وحقوق الجالية الجزائرية والتحديات الأمنية المشتركة، اضافة الى التعاون الثنائي في مكافحة الجريمة المنظمة والارهاب، كما أن ملف الجماعات المسلحة التي تنشط في المنطقة ستكون محل توافق سياسي بين الطرفين رغم الشكوك التي يمكنها أن تستشف من التعاطي الاعلامي وخاصة الفرنسي في ابراز بعض التنظيمات الارهابية دون أخرى، اذ يبدوا أن فرنسا تتحرك ضمن النظرية الأمنية القائمة على استعمال التنظيمات الارهابية لبسط النفوذ وحسن التموقع.

مشاكل الاسلام في فرنسا أو الاسلام الفرنسي ستكون حاضرة وبقوة مع وزير الأوقاف والشؤون الدينية، الجزائر ترغب باستمرار الدور التقليدي لمسجد باريس في التكفل بالجالية المسلمة بالنظر إلى وسطيته واعتداله والعلاقة الحسنة التي تربط الجهات المشرفة عليه بالداخلية الفرنسية، وان الهيئات الاسلامية الاخرى هي من دائرة اختصاص وزارة الداخلية، وان الجزائر تستمر في التواصل مع الجالية ودعم المساجد التي هي تحت اشراف مسجد باريس، كما أنها حريصة على الحفاظ على هوية المسلمين وابعادها عن التطرف والارهاب، كما انها لا ترغب في استمرار استعمال أصول المهاجرين او المسلمين الفرنسيين في النزعات على المساجد او التمثيل داخل الهيئات التي تهتم برعاية الأديان في فرنسا.

زيارة وزير الداخلية الفرنسي يمكنها أن تعطي المؤشر الحقيقي في مردود التعاون الثنائي بين البلدين كما سترسم منحى العلاقات مع الرئيس الفرنسي الجديد.

سليمان شنين

 

من نفس القسم الوطن