الوطن

"السوبيرات" تحول الجزائريين إلى آلة للتسوق خلال الشهر الفضيل

انتقلت من أماكن لترشيد النفقات إلى مساحات ومراكز لحمى الشراء

    • 25 بالمائة من محلات البقالة مهددة بوقف نشاطها قريبا

 

تعرف المساحات التجارية الكبرى إقبالا كبيرا من طرف الجزائريين، حيث باتت هذه المساحات قبلة للكثير من العائلات نظرا لما فيها من وفرة لمختلف المنتجات، غير أن هذه الوفرة تحولت عند البعض من نعمة إلى نقمة، حيث أثرت على السلوك الاستهلاكي للجزائريين الذين تحولوا إلى آلة للتسوق بعيدا عن أي ترتيب للأولويات.

وتعتبر المساحات التجارية الكبرى من أنماط التجارة التي تسمح بتوفير مختلف السلع في مكان واحد وهذا أمر إيجابي، لأنه يسمح بالمفاضلة بين عدد معتبر من السلع لاختيار المنتج المناسب من حيث النوع والسعر، غير أن هذه المساحات التجارية تحولت منذ بداية رمضان من أماكن لترشيد النفقات إلى مساحات أو مراكز لحمى الشراء والاستهلاك غير العقلاني والهمجي. 

فخلال جولة قادتنا إلى عدد من المساحات التجارية الكبرى، وقفنا على هوس المواطنين بشراء كميات كبيرة من المواد الغذائية المتوفرة في رفوفها بمختلف الأنواع والأشكال، حيث تسجل هذه المساحات حالة من الاكتظاظ وتشكل طوابير خلال أيام رمضان، ويشير عدد من مسيري هذه المراكز التجارية أن الطلب تضاعف منذ بداية رمضان على عدد من المنتجات، مقيمين السلوك الاستهلاكي لزبائنهم بالقول إنه لا يعتمد على أي أولويات، حيث هناك مواطنون يقتنون كميات كبيرة من منتج واحد، في حين هناك زبائن يظهرون مشتتين عند التسوق، وهو ما ينعكس على مقتنياتهم. بالمقابل، يرى تجار التجزئة أن انتشار المساحات التجارية الكبرى بات يشكل إضرارا حقيقيا لمستقبل تجارتهم، حيث يعتقد هؤلاء التجار أن انتشار السوبيرات بهذا الشكل سيؤدي إلى إغلاق المتاجر الصغيرة خلال الفترات القادمة، حيث باتت هذه الأخيرة تشهد ضعفا في نشاطها التجاري من قبل المواطنين.

وفي هذا الصدد، يرى رئيس فدرالية حماية المستهلك، زكي حريز، في تصريح لـ"لرائد"، أن انتشار المراكز التجارية قام بتغير العلاقة بين المستهلك والتاجر، بحيث ساهمت هذه المراكز بشكل كبير في تغير النمط الاستهلاكي للمواطنين، ويعزو حريز تغير النمط الاستهلاكي إلى العروض التي تقدمها المراكز التجارية على حزمة من السلع الأساسية بأسعار مخفضة، إضافة إلى توفر أجواء تسوق حقيقية فيها، مضيفا أن المراكز التجارية أدخلت مفهوما جديدا في عالم التسوق، ويرى أن تحول هذه الأخيرة إلى متنفس للمواطنين ساهم في ارتفاع وتيرة التسوق داخلها في ظل محدودية أماكن الترفيه، وأوضح حريز أنه نتيجة لتغير النمط الاستهلاكي وتفاوت القدرات المالية والتسويقية، أصبحت المحال الصغيرة "البقالات" مهددة في هذا المجال خصوصا مع غياب قدرة تلك المحال التخزينية والاستيرادية، مشيرا أن استمرار رواج المساحات الكبرى سيؤدي إلى انخفاض عدد المحلات التجارية الصغيرة إلى ما نسبته 25 بالمائة خلال الأعوام القادمة.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن