الوطن
الجزائر تؤكد: قضية الأمن والاستقرار أولوية الأولويات
حثّت اللبيين على ضرورة تجاوز خلافاتهم وتغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 17 أفريل 2019
شدد وزير الشؤون الخارجية، صبري بوقادوم، على أن قضية الأمن والاستقرار تعد "أولوية الأولويات"، خاصة بالنظر إلى الأزمات التي تمر بها البلدان العربية، مما يؤكد أهمية الالتزام بالمبادئ الثابتة للقانون الدولي.
صبري بوقادوم، وفي كلمة له في الاجتماع الوزاري العربي-الروسي الخامس، الذي افتتحت أشغاله في وقت سابق من نهار أمس بموسكو، أكد على أن "قضية الأمن والاستقرار تمثل أولوية الأولويات، بالنظر إلى ما يؤرق الوطن العربي من أزمات تؤكد يوما بعد يوم أهمية الالتزام بمبادئ ثابتة مؤسسة للقانون الدولي"، وذكر في هذا الإطار بأن الجزائر ما فتأت تدعو إلى الالتزام بهذه المبادئ الدولية ''لاسيما احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام سيادة الشعوب في تقرير مصيرها، واعتماد الحوار والحلول السياسية لفض النزاعات الدولية و كذا الحوار والمصالحة لحل الأزمات الداخلية".
وفي هذا المقام، أشاد رئيس الدبلوماسية الجزائرية بالحوار السياسي "النوعي التقليدي" السائد بين الدول العربية وفيدرالية روسيا المرتكز على "التضامن الدائم الذي طالما طبع الموقف الروسي تجاه القضايا العادلة للأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي هي قضيتنا الأولى".
ومن هذا المنطلق، عاد بوقادوم للتذكير بأن إخراج منطقة الشرق الأوسط من دوامة الاضطرابات وحالة التوتر والصراعات "مرهون بإيجاد حل عادل وشامل لمعاناة الشعب الفلسطيني"، ليضيف بأن "السلام لا يمكن تحقيقه في ظل تنكر الاحتلال الإسرائيلي لقرارات الشرعية الدولية والمواثيق الموقعة، وتحديه في تهويد مدينة القدس الشريف وكل المحاولات لطمس معالمها الإسلامية والمسيحية وتغيير وضعها القانوني"، وقال بهذا الخصوص: "لقد تنامى في الآونة الأخيرة حديث عن إمكانية طرح مبادرة جديدة للسلام لإعادة بعث الأمل في الشرق الأوسط، وتحدث هذه التحركات في وقت دقيق تزامن مع بعض القرارات الأحادية التي لا تخدم السلام ولا تمت بصلة إلى الشرعية الدولية وأذكر منها قرار الإدارة الأمريكية المتعلق بنقل سفارتها الى القدس والقرار القاضي باعتراف سيادة إسرائيل على الجولان العربي المحتل".
وتابع مؤكدا في هذا الصدد، قناعة الجزائر بأن "أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون مبنيا على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وفقا لأسس الشرعية الدولية"، وبعد أن جدد دعم الجزائر "المطلق" لنضال الشعب الفلسطيني من أجل استرجاع كل حقوقه المشروعة، دعا، في نفس الوقت، الفلسطينيين لـ "ضرورة توحيد فوفهم" بما يخدم قضية بلادهم العادلة.
كما عرج أيضا على الأزمة الليبية، حيث شدد على أن الحل السياسي يظل "السبيل الوحيد لحلحلتها" وذلك وفق المسار الذي ترعاه الأمم المتحدة الرامي إلى إنهاء هذه الأزمة دون التدخل في شؤونها الداخلية وبما يحفظ وحدتها وسيادتها وأمنها واستقرارها، ليدعو في هذا الإطار إلى "التعقل وتجنب أي تصعيد عسكري من شأنه عرقلة مسار تسوية الأزمة"، وجدد ثقة الجزائر في قدرة الليبيين على تجاوز خلافاتهم وتغليب مصلحة وطنهم "كي تعلو فوق كل اعتبار".
وفي معرض حديثه عن الأزمة في سوريا، ذكر وزير الشؤون الخارجية بموقف الجزائر التي كانت قد دعت منذ البداية إلى الحل السلمي الذي يرتكز على الحوار والمصالحة الكفيلين بالمحافظة على السيادة والوحدة الترابية لسوريا ونسيجها المجتمعي، وأبرز بالمناسبة دعم الجزائر لجهود المبعوث الأممي، من أجل التوصل إلى حل سلمي "ينبثق عن حوار بناء بين مختلف الأطراف السورية"، وكذا مساندة الجزائر للشعب السوري الشقيق في كفاحه ضد الإرهاب وتحقيق الاستقرار.
أما بخصوص الجولان العربي السوري، فقد جدد كذلك الموقف "الثابت" للجزائر، باعتبار الجولان العربي-السوري أرضا عربية محتلة وفقا لقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية، حيث أعرب عن "رفض" الجزائر لأي قرار يخص الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي على هذه المنطقة.
وفيما يتعلق باليمن، ذّكر بوقادوم بدعم الجزائر لمجهودات مبعوث الأمم المتحدة في هذا البلد والرامية لإيجاد حل سياسي يفضي إلى لم شمل اليمنيين ويضع حدا للأزمة الإنسانية التي يعيشونها، معربا عن أمله في أن "يجسد الفرقاء اليمنيون مخرجات مباحثاتهم الأخيرة بستوكهولم ويعملوا على تهيئة الظروف لاستئناف الحل السياسي".
وفي سياق آخر، تطرق الوزير إلى موضوع مكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة والجريمة المنظمة العابرة للحدود والاتجار غير المشروع بالأسلحة والبشر والمخدرات، حيث أكد على أن الأمر يستدعي من الجميع، تظافر الجهود المشتركة لمكافحتها ومحاربتها ومعالجة أسبابها وجذورها وتجفيف منابعها المادية والفكرية، والتعامل مع كافة أوجهها لاستئصالها "وفق مقاربة شاملة ومنسجمة مع الشرعية الدولية".
وحول الاجتماع الذي تحتضنه العاصمة الروسية بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط و14 وزير خارجية عربي، قال بوقادوم أن هذا اللقاء "يعكس قوة العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين دولنا العربية وروسيا الاتحادية ، والتي تطبعها الإرادة المشتركة في بعث شراكة قوية تشمل كل المجالات الممكنة منها السياسية والأمنية، وفي مجالات الاستثمار والصناعة والفلاحة والبحث العلمي والتكنولوجيا، والطاقات المتجددة والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، وكذا الإمكانيات المتوفرة للدفع بالتعاون في المجال الثقافي والإرث الحضاري الغني والمتعدد الأوجه بين الجانبين".
ويرى في هذا السياق بأن التحولات السريعة الجارية على الساحة الدولية تؤكد مدى أهمية هذه الآلية التي أصبحت "منبرا لتعزيز الحوار وتنسيق مواقف الجانبين العربي والروسي بخصوص القضايا الإقليمية والدولية"، مشيرا إلى أن المشاركين في هذا الاجتماع مطالبين بتقييم أشواط هذا التعاون بغية "الارتقاء به إلى أعلى المستويات والمراتب"، ليجدد دعوته إلى تفعيل مسيرة هذا المنتدى.
واستعرض في هذا الصدد، مختلف الجهود المبذولة في إطار هذه الآلية التي يعود إنشاؤها إلى عام 2003 ومساهمتها في "دفع الحوار السياسي" بين أطرافه و"الارتقاء به إلى مراحل متقدمة تتمثل اليوم في المواقف المشتركة أو المتقاربة التي تجمعنا في العديد من المسائل السياسية والأمنية"، ليتابع "نحن كلنا على ثقة من أن هذا الحوار يحمل في طياته بوادر تبشر بالخير بالنسبة لمستقبل علاقاتنا السياسية".
وتوقف عند "الطموحات المشروعة" لهذا المنتدى و المتمثلة في العمل على "استحداث أطر وآليات جديدة من شأنها دفع عجلة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول العربية وروسيا بما ينسجم مع الصداقة و التضامن"، معتبرا العاملين الأخيرين "السمتين السائدتين" في العلاقات التي تجمع بين الطرفين والقائمة على أساس "التكامل الموجود بين اقتصاداتنا وضرورة تنويعها"، وأكد في هذا الجانب على أن الشراكة العربية-الروسية "مدعوة إلى مستقبل زاهر يمكننا أن نساهم فيه جميعا بدء بتوطيد العلاقات الثنائية القائمة بين كل بلد عربي وروسيا".
كنزة. ع