الوطن
ساعة تطهير الحياة السياسية من "الممارسات الطفيلية" تدق
بعد انتعاش ظواهر "التسكع السياسي"، الشكارة وتغيب النواب عن البرلمان
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 06 أكتوبر 2012
قال مؤخرا الوزير الأول عبد الملك سلال بصريح العبارة "إن حكومته ستتولى في العشرين شهرا المقبلة أخلقة الحياة السياسية في الجزائر بلا هوادة" في خطوة وضعت "اليد على الجرح" وتفتح الباب على واقع الممارسة السياسية التي كبلها "التجوال" من حزب إلى آخر و"البزنسة" في قوائم الترشيحات في الانتخابات وقوانين تترك "الحبل على الغارب" على النواب لا تلزمهم بحضور جلسات البرلمان.
"استفاقة" الحكومة الجديدة التي يرأسها التكنوقراطي سلال بعقد "العزم على أخلقة الحياة السياسية وأن ذلك سيكون بلا هوادة.."، جاءت بعد سنوات من الحديث عن إصلاح الحياة السياسية المتخمة بـ"الممارسات الطفيلية" كانت "نية" تطهيرها تدخل قبة البرلمان بغرفتيه وما تلبث عن أن "تجهض في الرحم" بعد التصويت ضدها بالأغلبية.
من التجوال إلى "التسكع السياسي"
وفي هذا السياق، أسقط حزب جبهة التحرير الوطني العام الماضي مادة تندرج ضمن مقترحات الإصلاح السياسي قبل عرضها على البرلمان، والتي تنص على حظر "التجوال السياسي" أي منع النواب من تغيير انتماءاتهم الحزبية خلال ولايتهم النيابية وهو ما انقلب عليهم مؤخرا في شكل "نزيف قيادات الآفلان" نحو كتل حزبية أخرى عقب نتائج التشريعيات الأخيرة وعلى الخصوص تجاه حزب "تجمع أمل الجزائر" الذي يقوده المنشق عن حمس وزير الأشغال العمومية عمر غول. وتتهم قيادات حزبية بشكل مباشر الآفلان بإسقاط المادة التي تحظر التجوال السياسي في قانون الانتخابات المصادق عليه ضمن برنامج الإصلاحات السياسية، حيث أكد أبو جرة سلطاني في أكثر مرة أن نواب بلخادم فتحوا "ثغرة قانونية" مضيفا أن هذا الأخير المستفيد الأكبر من ترك المجال مفتوحا أمام ظاهرة "التسكع السياسي" وليس التجوال على حد قوله في وقت فقد تجمع الجزائر الخضراء الذي يعد أحد أطرافه 14 نائبا "دفعة واحدة" بعد التحاقهم بتاج غول. كما لم يخف رئيس حمس انتشار الظاهرة بحد خلال الأعوام الأخيرة ما "أفقد الأحزاب تحكمهم وانضباطهم في النواب والمناضلين".
ويبدو أن الأحزاب الخاسرة لمقاعد نيابية التي عارضت إسقاط مادة حظر التجوال السياسي استفاقت متأخرة بعدما صوت نواب حزب العمال وحركتا النهضة والإصلاح ضد إسقاط هذه المادة من مشروع القانون العضوي ديسمبر من العام الماضي. وصوت نواب المجلس الشعبي الوطني، بالأغلبية الساحقة على إسقاط المادة 67 من مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات والخاصة بالتجوال السياسي للمنتخبين. وقد صادق نواب الأحزاب الممثلة للأغلبية البرلمانية على إسقاط المادة 67 التي تجرد من عهدته الانتخابية كل منتخب يلتحق خلال عهدته بحزب غير الحزب الذي انتخب تحت رعايته.
وكانت لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني قد صادقت في تقريرها التكميلي على حذف هذه المادة من مشروع القانون العضوي كونها "تتناقض مع المبدأ الذي يجعل العهدة الانتخابية ملكا للشعب الذي يختار ممثليه بكل حرية وشفافية".
منطق "الشكارة" يهيمن على حسابات الربح والخسارة
ولا يقل انتشار منطق "الشكارة" في الانتخابات النيابية "سوءا" عن "قلب الفيستة" أو التجوال السياسي والذي تحدث وزير الداخلية والجماعات المحلية عن صعوبة مكافحة ظاهرة ''الشكارة'' في الحياة السياسية، وأضاف أن مجالها قانون مكافحة الفساد، لكنه لم يستبعد متابعة المتورطين في حالة التلبس. وفي هذا الصدد، فإن أحزابا مثل "الافانا" جهر قبيل الانتخابات التشريعية الأخيرة بالاشتراط على المترشحين إيداع ما بين 100 و500 مليون سنتيم في الحساب البنكي الخاص بالحزب،مبررا اتجاهه نحو اتباع هذا الأسلوب بقرار "الحكومة القاضي بوقف تمويل الأحزاب السياسية".
وتتفق الأحزاب السياسية، سواء في جناح المعارضة أو السلطة، على عدم كفاية التمويل، وإن اختلفت في الاعتماد على الشكارة لتمويل حملاتها الانتخابية، فالإصلاح ترى أن هذه الأحزاب مضطرة وإلا كيف ستغطي نفقاتها، أما حزب جبهة التحرير الوطني، فيدافع فيها عن وجود أصحاب الأموال في الحياة السياسية، مضيفا أن ما تنادي به أحزاب المعارضة حول مشكل التمويل، مغالطات لا غير، خاصة وأن الدولة رفعت مستوى حجم المساعدات في قانون الانتخابات الجديد، وأن الدولة تقدم مساعداتها للأحزاب استنادا إلى ما تتوفر عليه من مقاعد بالبرلمان وهذا شيء منطقي.
غياب قانون يعاقب المتغيبين عن جلسات البرلمان
وفي سياق متصل بالحياة النيابية، فإن النواب المنتخبين من طرف الشعب غير ملزمين بالحضور داخل المجلس الشعبي الوطني، أو الخضوع للاستفسار في حالة لم ينفذوا هذا الشرط في وقت اعتاد فيه البرلمانيون عدم الحضور إلى الجلسات إلا في حالة الضرورة، وهي الظاهرة التي لم تولها مختلف التشكيلات الحزبية في الجزائر اهتماما، وهنا يكشف سلطاني في تصريح سابق أن أحد النواب لم تطأ قدماه المجلس الشعبي الوطني خمس سنوات أي منذ أن نصب المجلس خلال العهدة الماضية، مؤكدا غياب قانون يعاقب تغيبات النواب عن الجلسات البرلمانية، ما شجع على العزوف عن حضور جلسات البرلمان.