الوطن

أصحاب المآزر البيضاء لا "للعهدة +".. واطردوا بن غبريت

قاطعوا التدريس وغادروا الأقسام للالتحاق بحراك الشارع

الحفاظ على الوطن أولويتنا "سلمية... سلمية" لا للعهدة الخامسة، ولا لتمديد العهدة الرابعة، لا للدوس على الدستور الجزائري، "جمهورية ماشي مملكة"، نريد التغيير لا نريد الترميم، نعم لتحقيق إرادة الشعب، هذه هي الشعارات التي رددها رجال ونساء التربية وتلامذتهم بصوت واحد في مختلف المسيرات التي جابت مختلف ولايات الوطن استجابة لنداء التكتل النقابي.

شلت، أمس، غالبية مؤسسات التربية عبر الوطن بأطوارها التعليمية الثلاثة، الابتدائي والمتوسط والثانوي، بعد دخول أساتذتها ومختلف موظفيها في إضراب ليوم واحد مرفوق بمسيرات أمام مديريات التربية وفي مقرات الولايات، شارك فيها أصحاب المآزر البيضاء إلى جانب تلامذتهم ضد الفساد وضد ما يجري حاليا لأساتذة من تهميش، حيث عرف يوم أمس احتجاجات الأساتذة وموظفي قطاع التربية على مستوى مختلف ولايات الوطن، ولأول مرة تغيير المطالب البيداغوجية والمهنية إلى سياسية، وهذا بعد أن رفعوا شعارات تنادي بعدم تأجيل الانتخابات والإبقاء على قرار عدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وشهدت العاصمة تطويقا أمنيا مكثفا منذ الساعات الأولى من صبيحة أمس، عقب قرار تكتل النقابات المستقلة الخروج في مسيرات عبر مختلف ولايات الوطن، حيث عرف البريد المركزي تجمهر الأساتذة في مسيرات جابت مختلف الشوارع المحاذية على غرار أودان وديدوش مراد، بعد أن خرج الأساتذة الذين دخلوا أمس في إضراب عام بالمؤسسات التعليمية، عرف مشاركة كبيرة لمختلف أساتذة الأطوار التعليمية الثلاثة، احتجاجا على قرار رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بتأجيل انتخابات 18 أفريل.

وغابت المطالب الاجتماعية المهنية من المطالب التي كان ينادي بها الأساتذة ومختلف العمال، بعد أن جاءت مكانها مطالب سياسية، حيث طالبوا خلال مسيرتهم السلمية بعدم تأجيل الانتخابات الرئاسية القادمة ورفض تمديد العهدة الرابعة.

كما رفع المحتجون مطالب تدعو إلى تغيير النظام الحالي وتجديده بما يخدم قطاعات الحكومة والبلاد استجابة للحراك الشعبي، مع التركيز على أهمية إقالة وزيرة التربية نورية بن غبريت التي تعبث في الهوية الوطنية.

وكانت الاستجابة لهذه الحركة الاحتجاجية متفاوتة من ولاية إلى أخرى، ميزها كذلك تنظيم مسيرات موازية رافعة لمطالب سياسية متعلقة خصوصا بـ"التغيير" و"رفض تمديد العهدة الرئاسية"، فبولاية قسنطينة تجمع المتظاهرون أمام مقر مديرية التربية ليجوبوا بعد ذلك العديد من الأحياء الرئيسية لوسط المدينة، هاتفين شعارات تدعو إلى "تغيير النظام" وسلمية الاحتجاج.

وبسطيف رفع المتظاهرون الذين تجمعوا بشارع جيش التحرير الوطني مقابل المدخل الرئيسي للولاية، لافتات تقول "لا للتأجيل" و"لا لتمديد العهدة الرابعة" و"لا للترميم نعم للتغيير".

كما عبر أساتذة وعمال بقطاع التربية لولايات سكيكدة وباتنة وميلة وأم البواقي وعنابة والطارف والمسيلة وڤالمة عن رفضهم للقرارات التي جاءت في رسالة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، التي وجهها يوم الإثنين المنصرم للأمة، ودعوا إلى "احترام سيادة الشعب وإرادته"، كما قام عشرات القضاة والمحامين وأمناء الضبط بوقفتين احتجاجيتين أمام كل من مجلس قضاء قسنطينة والطارف للمطالبة بالإصلاح و"التغيير الجذري"، حسب ما لوحظ.

وبغرب البلاد نظم الأساتذة والموظفون في قطاع التربية اعتصامات ومسيرات بدعوة من التكتل النقابي للقطاع. وجمعت هذه المسيرات المئات من المعلمين والعمال من سلك التربية، انضم إليهم تلاميذ الطور الثانوي والطلبة الجامعيون. ففي كل من وهران ومستغانم وتلمسان وسيدي بلعباس ومعسكر وسعيدة والبيض والنعامة وتيسمسيلت وتيارت، خرج المتظاهرون متجهين إلى المديريات الولائية للتربية ثم إلى مقرات ولاياتهم، حيث تجمعوا للمطالبة بـ"تغييرات سياسية عميقة".

وقد جرت هذه الحركات الاحتجاجية في هدوء ولم يتم تسجيل أي تجاوز، واستجاب المئات من أساتذة التعليم بمختلف ولايات وسط البلاد لنداء النقابات المستقلة القاضي بتنظيم مسيرات سلمية ووقفات احتجاجية للمطالبة بالتغيير واحترام الدستور، انضم إليها كذلك تلاميذ المؤسسات التربوية.

فبولايات البليدة والشلف والجلفة وتيبازة وبومرداس وتيزي وزو وعين الدفلى، تظاهر المئات من الأساتذة والتلاميذ من مختلف الأطوار التعليمية في مسيرات سلمية جابت الشوارع الكبرى للمدن، رافعين لافتات تندد بالأوضاع السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، داعين إلى "تغيير النظام" والاستجابة لمطالب الشعب التي ترفض حسبهم "تمديد الرئيس للعهدة الرابعة".

وعلاوة على ذلك، نظم العشرات من كتاب الضبط بولايتي المدية وبومرداس وقفة احتجاجية أمام مقر كل من المحكمة الإدارية الواقعة بالقطب الحضري للمدية ومجلس قضاء بومرداس، داعين إلى "احترام الدستور" و"تكريس دولة القانون".

من جهة أخرى، لا يزال الإضراب العام الذي دعي إليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي متواصلا في يومه الرابع بولايات تيزي وزو والبويرة وبجاية، حيث لا يزال قطاع النقل مشلولا، فيما يقوم أصحاب المحلات (بيع المواد الغذائية والخضر والفواكه والمخابز والصيدليات والمقاهي) بإعادة فتح محلاتهم بشكل تدريجي، حسبما لوحظ. كما شهدت ولاية تيزي وزو تنظيم مسيرة سلمية جابت الشوارع الرئيسية للولاية، شارك فيها الآلاف من الطلبة الجامعيين وكذا المواطنين، مرددين هتافات تدعو إلى "تغيير النظام" و"احترام الدستور"، وأخرى تؤكد رفضهم قرار تقديم العطلة الربيعية بالنسبة لطلبة الجامعات. أما ببجاية فقد شارك الآلاف من المواطنين من مختلف الأطياف في مسيرة سلمية انضم إليها، علاوة على أساتذة التعليم، طلبة الجامعات وموظفو مختلف القطاعات والمؤسسات الاقتصادية العمومية، على غرار عمال سونلغاز وميناء بجاية ومصالح المالية والضرائب وخزينة الدولة ومديرية مسح الأراضي والوكالة العقارية وغيرها.

وبجنوب البلاد، سجلت استجابة متفاوتة لنداء الإضراب الوطني الذي كانت قد دعت إليه النقابات المستقلة لقطاع التربية الوطنية، حسبما لاحظته وأج. وفي هذا الإطار، شهدت عواصم ولايات ورڤلة والأغواط وغرداية وتمنراست والوادي وأدرار وبشار وتندوف توقفا وبنسب متفاوتة للدراسة خاصة بالطورين المتوسط والثانوي، حسب مسؤولي قطاع التربية بهذه الولايات، وممثلي النقابات المستقلة، وتنظيم وقفات سلمية لأسلاك الإداريين والتربويين أمام مقرات مديريات التربية، قبل أن تتحول إلى مسيرات شاركت فيها أيضا مجموعات من تلاميذ ذات الطورين التعليميين.

وحمل المتظاهرون لافتات ومرددين شعارات وهتافات رافضة "لتمديد العهدة الرئاسية الحالية"، ومطالب بإصلاحات سياسية "جذرية"، إلى جانب مطالبة المحتجين ببعض الولايات بتحسين ظروف التعليم بمناطق جنوب الوطن.

وقال جهيد حريش، نقابي بارز في النقابة الوطنية لعمال التربية "الأسنتيو"، "إن الأساتذة وعمال التربية هم في صف الشعب ومع الشعب لأنه منه ومعه، ويتفاعل مع آماله وحراكه السلمي من أجل انتقال ديمقراطي نحو غد أفضل مع نظام سياسي جديد يبني أسس الجمهورية الجزائرية الثانية التي تُحقق لهذا الشعب الأبي حُلمه في العيش الكريم تحت مظلة الوطن الحبيب".

من جهتها، أكدت نقابة "الستاف" أنه "لابد للمدرسة أن تقول كلمتها، لا لهذا النظام وهذا الأسلوب في التسيير، لا للقرارات الفارغة وهذه الطريقة في تسيير البلاد التي قتلت الأمل في الشعب".

وفي هذا الشأن، أوضح رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، الصادق دزيري، "نرفض الالتفاف حول الحراك الشعبي، على الرئيس أن يفوت الفرصة على كل متربص بأمن البلاد. نريد من الرئيس قرارات أكثر جرأة من أجل بناء دولة القانون ودولة الكفاءات".

وقال دزيري: "كفانا مما عشناه من فساد وملفات كبرى لنهب المال العام، لابد من الحفاظ على ما بقي في خزينة الدولة من أجل الأجيال القادمة ومن أجل التغيير السلمي الإيجابي، لابد من الإسراع في تعيين الحكومة الانتقالية، بعيدا عن أي تلاعب بمشاعر الشعب".

يأتي هذا فيما رفع ممثل "الكلا"، زوبير روينة، شعارات جاء فيها "نريد قرارات فاصلة بحجم هذا الحراك النظيف، بحجم نظافة مآزرنا البيضاء، بحجم قضية هذا الوطن، نريد قرارات بهذا المستوى، لا للتهميش ونعم لكلمة الشعب".

عثماني مريم

 

من نفس القسم الوطن