الوطن

العصيان المدني... ترقب عند الشعب وصمت لدى الحكومة؟!

بسبب الدعوات للإضراب العام بداية من اليوم

    • أزمة خبز وحليب عبر أغلب ولايات الوطن ورفوف المحلات فارغة

    • بولنوار وقلفاط ينفون دخول التجار والخبازين في أي إضرابات اليوم

    • الدعوات لم تفرق بين الإضراب والعصيان ولا تأكيدات للانخراط فيها

 

عرفت الأسواق، في اليومين الماضيين، حالة من الطوارئ بسبب الدعوات لعصيان مدني وإضراب عام اليوم، ما جعل الجزائريين يسارعون لتخزين المواد الضرورية، وهو ما رفع الأسعار إلى مستويات جنونية وخلق ندرة خانقة في بعض المنتجات الأساسية، منها الخبز والحليب والدقيق ومواد أخرى انتهت من رفوف المحلات، في وقت لم تتخذ وزارة التجارة أي إجراءات، ليبقى ممثلو التجار يطمئنون بدورهم نافين تسجيل أي اضطرابات في التموين، فيما دعت جمعيات حماية المستهلك الجزائريين للتريث وعدم التسبب في أزمة غذاء مفتعلة.

بسبب لجوء الجزائريين إلى تخزين المواد الاستهلاكية على خلفية دعوات العصيان المدني والإضراب العام المتداولة، عرفت الأسواق في اليومين الماضيين أزمة غلاء طالت أغلب المنتجات الاستهلاكية من خضر وفواكه وحتى مواد أساسية وأخرى مدعمة، حيث استغل بعض المضاربين انفجار الطلب وارتفاعه إلى مستويات غير معقولة من أجل رفع الأسعار، بينما لم تتحرك وزارة التجارة ولم تبد أي ردة فعل مما تعرفه الأسواق، عدا جمعية التجار التي طمأنت بتوفر المواد الاستهلاكية ونفت انخراط التجار في أي إضرابات، وجمعيات حماية المستهلك التي تحركت لتحسيس المواطن ودعته للتعقل والتريث وعدم التسبب في أزمة غذاء بسبب سلوكيات استهلاكية غير مدروسة.

 

    • الأسعار تنفجر وتصل إلى مستويات جنونية في ظرف 48 ساعة

 

وفي جولة قادتنا إلى عدد من الأسواق، وقفنا على الأسعار التي وصلت إلى مستويات جنونية، حيث ارتفعت أسعار البطاطا أمس إلى حدود الـ80 دج بعدما كانت في حدود 45 دج منذ أيام فقط، في حين بلغت أسعار الجزر الـ120 دج ووصلت أسعار القرعة الـ140 دج، في حين تعدت أسعار الخس حدود الـ130 دج ووصلت أسعار البصل إلى 60 دج. والغريب في الأمر أن أسعار الخضر هي وحدها التي ارتفعت، بينما حافظت أسعار الفواكه على استقرارها حيث لم تتجاوز أسعار البرتقال الـ150 دج، في حين بقيت أسعار الموز في حدود الـ260 دج. وحسب التجار فإن ارتفاع أسعار الخضر فقط دون تسجيل ارتفاع في أسعار الفواكه راجع لأقبال الجزائريين على تخزين المواد الأساسية والضرورية فقط، وهو ما أخل بميزان العرض والطلب وجعل الأسعار تنفجر.

 

    • أزمة خبز وحليب عبر أغلب ولايات الوطن ورفوف المحلات فارغة

 

من جانب آخر، عرفت العديد من ولايات الوطن، في اليومين الماضيين، أزمة ندرة في المواد الأساسية على رأسها الحليب، الخبز، زيت المائدة، الدقيق والبقوليات وحتى بعض أنواع المعجنات، حيث لم يتمكن العرض الموجود على مستوى المحلات والمخابز والمساحات التجارية الكبرى من تغطية الطلب المتزايد. وبسبب المظاهرات التي شهدناها عبر عدد من الولايات، فإن التجار لم يتمكنوا من تزويد محلاتهم بالمنتجات لتبقى رفوف هذه الأخيرة، حسب ما كشفت عنه صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي تداولتها جمعيات حماية المستهلك، فارغة، بينما عادت الطوابير مجددا على أكياس الحليب المدعم وعلى مستوى المخبزات بسبب الطلب المتزايد، حيث حرص أغلب الجزائريين على اقتناء كميات إضافية من الحليب والخبز، وهو ما تسبب في ندرة خانقة عبر أغلب ولايات الوطن في مقدمتها العاصمة واضطر المواطنون إلى التنقل بين الأحياء من أجل الحصول على كيس حليب مدعم.

 

    • وزارة التجارة تلتزم الصمت

 

ورغم الفوضى التي تعرفها الأسواق وتسجيل تذبذب كبير في التموين وخلل في العرض مقارنة بالطلب، لم تتحرك وزارة التجارة ولم تبد أي ردة فعل حول الوضع أو حتى حول الدعوات للإضراب، وهو ما قد يجعل تلبيه هذه الدعوات من طرف التجار والدخول فعلا في إضراب عام أمرا كارثيا. وفي هذا الصدد، حاولنا الاتصال بممثل مديرية التجارة بالعاصمة، غير أنه رفض التعاطي مع الموضوع، مشيرا أنهم كمديرية تجارة لم يتلقوا من التجار أي إشعار بالإضراب محدد التاريخ، وهو ما يجعلهم غير معنيين بالتعامل مع مجرد دعوات، مشيرا أن الأسواق ستستمر في العمل بشكل عادي طيلة أيام الأسبوع والتموين يبقى مستمرا وتبقى الأسعار تخضع لقاعدة العرض والطلب.

 

    • بولنوار وقلفاط ينفيان دخول التجار والخبازين في أي إضرابات اليوم

 

من جانبه، طمأن رئيس جمعية التجار والحرفيين، الطاهر بولنوار، مرة أخرى، بأن التجار لن يدخلوا في أي إضراب، مشيرا أن عملية التموين ستبقي مستمرة وأسواق الجملة والتجزئة تبقى مفتوحة طيلة أيام الأسبوع، مضيفا أنه لا داعي للقلق.

من جانبه، أكد رئيس نقابة الخبازين أن الخبازين عبر كل ولايات الوطن سيعملون بشكل عادي طلية الأسبوع ومادة الخبز ستكون متوفرة دون تسجيل أي تذبذب، مشيرا أن الطلب على المادة ارتفع بشكل كبير، في اليومين الماضيين، وهو ما دفع الخبازين لمضاعفة الإنتاج لتغطية الطلب مطمئنا بأن بيع مادة الخبز سيستمر بشكل عادي.

 

    • جمعيات حماية المستهلك: تعقلوا أيها الجزائريون لسنا مقبلين على حرب

 

بالمقابل، دعت جمعيات حماية المستهلك الجزائريين للتريث، مشيرة أن الجزائر ليست مقبلة على حرب وحتى في حال تسجيل إضرابات للتجار فالأمر لن يتعدى اليوم أو يومين، وهذا لا يستدعي كل هذه اللهفة التي أصابت المواطنين على اقتناء أطنان من المنتجات الاستهلاكية. وفي هذا الصدد أكد رئيس فدرالية حماية المستهلك، زكي حريز، أن الإقبال على تخزين المنتجات الغذائية ستكون له آثار عكسية خاصة على الأسعار، وهو ما شهدناه في الأسواق أمس، داعيا الجزائريين للتحلي بسلوك عقلاني خاصة والتعامل مع الأحداث الحالية بشكل عادي، خاصة أن دعوات الإضراب العام تبقى عابرة دون تأكيد أي جهة ممثلة للتجار أو حتى العمال وباقي القطاعات الانخراط فعلا في هذا الإضراب.

 

    • الدعوات لم تفرق بين الإضراب والعصيان ولا تأكيدات للانخراط فيها

 

هذا وبالفعل لم تؤكد أي جهة أو نقابة أو جمعية ممثلة للتجار الانخراط في دعوات الإضراب العام اليوم، في حين تبقى هذه الدعوات غامضة وغير مفهومة ولم تحدد فترة زمنية أو آجالا، بينما لم تحدد هذه الدعوات أصلا إن كان الاحتجاج سيكون عبر عصيان مدني أو إضراب عام، حيث لم تفرق هذه الدعوات بين الآليتين رغم أن الفرق شاسع، فالعصيان المدني يعني الامتناع عن الفعل أو التعاطي والتواصل والاتصال بأي جهة من أجهزة الدولة لأي غرض، وهو بعبارة مقتضبة يعني "سحب الاعتراف بسلطة الدولة من كل مناحي الحياة العامة والخاصة" ويؤدي إلى شلل كامل، بينما يتعلق الإضراب العام بالعمال والتنظيمات النقابية التي عليها الإشعار بالانخراط في هذا الإضراب حتي يكون الأمر قانونيا، وهو ما لم تؤكده أي نقابة عمالية أو ممثلين تجار أو القطاعات باختلافها.

من نفس القسم الوطن