الوطن

"سياحة تسوق" تنتعش عبر الولايات الحدودية بالمنتجات المدعمة والمستوردة ؟!

آلاف التونسيين يتنقلون يوميا لاقتناء مختلف المنتجات الجزائرية

    • بولنوار: لا يمكن تطوير سياحة تسوق بمنتجات مستوردة ومدعمة

 

تعرف الحدود الجزائرية الشرقية بشكل يومي تدفق آلاف المواطنين التونسيين، ليس للسياحة أو الاستجمام وإنما للتسوق، حيث باتت أسواق الوادي وتبسة وسطيف ملجأ لهؤلاء من غلاء الأسعار في بلادهم، في حين تشهد الأسواق الشعبية والمراكز التجارية في ولايات أخرى غزوا من طرف الأجانب المقيمين في الجزائر والعمال من مختلف الجنسيات، للتزود بما يحتاجونه من مستلزمات بشكل يومي، أو حتى لنقل أطنان من المنتجات إلى بلدانهم الأصلية لدى مغادرتهم الجزائر، وهو ما يمكن تصنيفه في إطار سياحة تسوق بدأت تنتشر في الجزائر، غير أنها تضر بالاقتصاد الوطني بشكل كبير، لأنه لا يمكن بناء سياحة للتسوق بمنتجات مستوردة وأخرى مدعمة تكبد الخزينة العمومية الملايير.

 

    • آلاف العائلات التونسية تتسوق في الجزائر للاستفادة من الأسعار

 

وتظهر إحصائيات الجمارك الجزائرية العاملة بالمراكز الحدودية الشرقية، أن آلاف التونسيين يعبرون، بشكل يومي، الحدود البرية بغرض التسوق في أسواق مدينة الوادي، تبسة، سطيف الطارف وسوق أهراس، وحتى ولايات أخرى، ويقتنون أطنانا من البضائع، خاصة الأدوات الكهرومنزلية مثل "الأجهزة الرقمية" وآلات التصوير والمكيفات وحتى أجهزة الهاتف النقال، ولم يقتصر الأمر على الأشخاص العاديين وإنما تعداه إلى تجار يقتنون ما هو موجود في الأسواق ويعيدون بيعه بالجملة في تونس.

كما لم تسلم المواد المدعمة من طرف الدولة هي الأخرى من تهافت الأشقاء التونسيين عليها، كالمواد الاستهلاكية من قبيل الزيت، السكر، الحبوب، الدقيق، الفرينة ومواد أخرى، ليس لغير الجزائريين الحق في الاستفادة منها، وهو ما يشكل انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الوطني ويكبد الخزينة العمومية خسائر بالملايير.

 

    • عمال أجانب ينقلون أطنانا من "التونة" و"الطماطم" و"المقارون" إلى بلدانهم

 

من جانب آخر، لا يقتصر تسوق الأجانب في الأسواق الجزائرية على التونسيين فقط، فحتى الأجانب الموجودون بالجزائر باتوا يستفيدون من انخفاض الأسعار وفارق العملة، حيث وفرت المشاريع السكنية ومشاريع إنجاز الطرقات التي تضم عددا كبيرا من العمال الصينيين والأفارقة والهنود وحتى الماليزيين وكذا الشركات متعددة الجنسيات التي يشتغل بها عدد كبير من الأوروبيين، زبائن جددا للأسواق، حيث يقتني هؤلاء مختلف السلع التي يحتاجونها ليومياتهم في الجزائر، مثل أدوات التنظيف والألبسة والأجهزة الكهرومنزلية، في حين يحرص هؤلاء عند عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، سواء من أجل العطلة أو عند نهاية عقود عملهم، لحمل أطنان من المواد منها مواد غذائية وألبسة وعطور اقتنوها من الأسواق بأثمان تمثل ثلاثة أرباع الأثمان المداولة في بلدانهم، حيث نقل عمال جزائريون يشتغلون جنبا لجنب مع هؤلاء الأجانب في تصريحات لـ"الرائد"، أن هؤلاء العمال الأجانب وعند عودتهم إلى بلدانهم يأخذون معهم حتى علب التونة والمصبرات وأدوات الحلاقة ومستلزمات التنظيف، متحججين بأن هذه المواد تباع بأسعار جد غالية في بلدانهم.

 

    • وأبناء الجالية الجزائرية يقلبون الموازين!

 

من جانب آخر، وبالإضافة إلى الأوروبيين والآسيويين، يتواجد العرب من مصريين وسوريين ولبنانيين ضمن زبائن الأسواق الجزائرية، ومنهم من يقتني البضاعة لأجل إعادة تسويقها في بلده الأم، حيث يبحث هؤلاء عن الأثمان الزهيدة والبضاعة المقلدة التي لا تختلف عن الأصلية من أجل اقتنائها والمغادرة بها من أرض الوطن، ليبقى أيضا أبناء الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج من أهم الزبائن غير المقيمين للأسواق الجزائرية، حيث يحمل هؤلاء عشية كل مناسبة أطنانا من المنتجات إلى البلدان التي يقيمون فيها، مستفيدين من فارق السعر وفارق العملة.

 

    • بولنوار: لا يمكن تطوير سياحة تسوق بمنتجات مستوردة ومدعمة

 

وعن ظاهرة تسوق الأجانب سواء مواطنون من دول عربية أو حتى أوروبية وآسيوية، أكد رئيس جمعية التجار والحرفيين، الطاهر بولنوار، أمس، أن هذه الظاهرة موجودة منذ سنوات وتطورت في الفترة الأخيرة بسبب أزمات تعاني منها بلدان شقيقة، على غرار تونس، ما جعل أعداد التونسيين الذين يتسوقون في الجزائر يرتفع، مستفيدين من فارق الأسعار بين تونس والجزائر وحتى فارق العملة التونسية التي تعد أغلى من الدينار الجزائري، بالإضافة إلى زبائن آخرين للسوق من عرب وأفارقة وصينيين يعملون في مختلف المشاريع بالجزائر، مشيرا حول تصنيف هذه الظاهرة إلى أنها لا تدخل ضمن سياحة تسويقية كما يحدث في البلدان المتطورة، لأنه لا يمكن بناء سياحة تسوق بمنتجات مستوردة ومدعمة، بل بالعكس، فإن لهذه الظاهرة انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الوطني خاصة، حيث تمثل استنزافا للخزينة العمومية التي تدعم بعض المنتجات لحماية القدرة الشرائية للمواطن الجزائري وليس للأجانب، معتبرا أن الانفتاح، خاصة في الجانب التجاري، أمر مهم لكن ليس على حساب الخزينة العمومية والمستهلك المحلي.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن