الثقافي

آن ماري شيمل: حين توقّف التصوّف عن الكلام بالعربية

يفتح الكتاب على آفاق التصوّف بلغات أخرى غير العربية

يتّكئ تاريخ الدراسات الشرقية والإسلامية على أسماء معدودة من المستشرقين الجادّين الذين بحثوا في التراث العربي والإسلامي بموضوعية، وانتشلوا زوايا خبيئة تراكمت عليها أتربة قلّة البحث ومحاولات التوظيف.

تُعَدّ المستشرقة الألمانية آنا ماري شيمل من تلك الأسماء التي تعاملت مع التراث الإسلامي بجدّية ومصداقية، وخصوصاً من زاوية بحثها في التصوّف، الذي اتكأت عليه للحديث عن الحوار بين الأديان والحضارات.

مؤخّراً، صدر كتابها "روحي أنثى.. الأنوثة في الإسلام" عن "الكتب خان" بالقاهرة، والذي نقلته من الألمانية المترجمة المصرية لميس فايد، وكتبت في مقدّمته "لا شك أننا ندين للمستشرقة آنا ماري شيمل بالكثير؛ بحياتها الحافلة التي قضتها بين المخطوطات وآداب العالم الإسلامي، العربي وغير العربي، فلها الفضل في تقديم التصوّف بنصوصه الأصلية بصورة واضحة للغرب لا لبس فيها، كشفت عن وجه آخر للإسلام يختلف عن ذلك الوجه النمطي المعروف لدى الغرب، الذي درسه وحلّله باستفاضة إدوارد سعيد".

خلال الأسبوع الماضي، أُقيمت ندوة لتقديم الكتاب في مكتبة "الكتب خان" في القاهرة، حيث تحدّثت المترجمة عن العمل، إلى جانب خالد محمد عبده، الباحث في التصوّف ومدير موقع "طواسين"، الذي قال إن "مؤلّفات شيمل لا تزال تحتاج إلى جهد في ترجمتها إلى العربية، خصوصاً أنها صاحبة مشروع زاخر بالمؤلّفات في مجال التصوّف والإسلاميات، ولم يُترجَم إلى العربية من مجمل مؤلّفاتها التي تعدّت الخمسة والعشرين سوى سبعة كتب، وهو عدد ضئيل مع مستشرقة وهبت حياتها للدرس واكتشاف تراثنا وأعادت الحياة إلى شخصيات كانت ولا تزال مجهولة في الثقافة العربية".

يشير عبده إلى أن شيمل بذلت جهداً معرفياً وفكرياً في التقريب بين الإسلام والمسيحية، ففي عدّة مؤتمرات عن الحوار بين الإسلام والمسيحية كانت تمثّل الجانب المختص في الدراسات الإسلامية أمام المختصّين في الدراسات المسيحية في مسألة حوار الأديان والحضارات.

يضيف أن مشروعها فتَح الباب على التصوّف في الثقافة الفارسية والهندية والتركية، والذي بيّنت فيه الفروقات بين تصوّف وآخر، إذ اختلف تطوّره من منطقة إلى أخرى، وفي العالم العربي، مثلاً جرى التوقّف عن التعمّق في الثقافة الصوفية منذ العصر العثماني، بحسب قوله، حيث أخذ التصوّف في البلدان العربية الشكل الشعبي مقارنة بالتصوّف عند غير العرب.

هنا، يتعجّب عبده من انحسار الثقافة الصوفية العربية مقارنة بالفارسية، رغم أن المدوّنة الصوفية هي في الأصل عربية، إلا أنها توقّفت عند مرحلة معيّنة عندما توقّفت الثقافة العربية عن الانفتاح على صوفية الآخر.

من نفس القسم الثقافي