الوطن

الغش والمضاربة يسيطران على سوق "التبغ" في الجزائر

أطنان من المواد التبغية تحضر في ورشات سرية لا تدفع فلسا للخزينة العمومية

يعرف سوق التبع في الجزائر انتشار أطنان من المواد المغشوشة التي تصنع في ورشات سرية وتباع بطريقة غير قانونية، وهو ما يشكل خطرا على صحة مستهلكيها وحتى على الاقتصاد الوطني الذي يضيع قيمة مالية بالملايير جراء هذا النشاط غير القانوني.

وحسب مصادر من الشركة الوطنية للتبغ والكبريت، فإن أطنانا من التبغ على شاكلة سجائر وكذا أطنان من مادة "الشمة" تحضر في ورشات سرية، حيث أشارت المصادر أنه رغم النشاط المكثف لمصالح الأمن من أجل وقف عمل هذه الورشات، إلا أن انتشارها الواسع وعملها الممتد عبر عدد من الولايات ضمن لها الاستمرارية في تموين الأسواق بالأطنان من المواد التبغية المغشوشة.

واكد ذات المصدر أنه تم إجراء تحاليل على مسحوق "الشمة" الذي يباع خارج القانون لمعرفة المواد المستعملة من طرف هذه الورشات التي غزت السوق الوطنية، وتبين أن هذه الأخيرة تتضمن مواد مسببة للسرطان، حيث كشفت التحاليل أنها تحتوي على بودرة الرخام، ومسحوق الجير، وهما مادتان تلجأ إليهما تلك الورشات لإعطاء اللون الطبيعي، وتعبئتها في أكياس صغيرة تحتوي على ملصقات تتضمن تاريخ الإنتاج، لتبدو وكأنها ملصقات رسمية أو مرخصة، رغم أن هذه الصناعات الصغيرة كلها تنشط خارج القانون. 

وأوضح ذات المصدر أن انتشار هذه الورشات بطريقة مخالفة للقوانين السارية المفعول والمنظمة للسوق، مرده إلى أن إنتاج هذه المادة الواسعة الاستهلاك سهل ولا يتطلب تكنولوجيا عالية، ولهذا أصبحت الكثير من العائلات تصنعها في المنزل كمورد دخل يومي مضمون، بينما قام الكثيرون بإنشاء ورشات صغيرة لصناعتها دون أن يدفعوا شيئا للضرائب، وما ساعدهم على ذلك، هو توفر المادة الأولية في السوق. 

فرغم أن الشركة الوطنية وقّعت عقودا مع المزارعين المنتجين للتبغ في مختلف الولايات حتى لا يبيعوا إنتاجهم لأي شخص آخر ما عدا الشركة العمومية، إلا أن منتجي التبغ لا يحترمون هذا الاتفاق ويوجهون جزءا من إنتاجهم للسوق الموازية.

للإشارة، فقد كانت أرقام وإحصائيات سابقة للشركة الوطنية للتبغ والكبريت أكدت أن السوق الموازية لمواد التبغ المغشوشة تصل إلى 200 مليون علبة غير مرخصة تنتج وتباع بالسوق الموازية خارج الشروط والمقاييس الصحية، دون أن يدفع أصحابها أي ضرائب لخزينة الدولة سنويا، وتتمثل الضرائب المفروضة على التبغ في ضريبة الاستهلاك الداخلي التي تقدر بـ 15 دينارا جزائريا على كل علبة، والضريبة المضافة المقدرة بـ 6 دنانير جزائرية زائد ضريبة القيمة المضافة المقدرة بـ 17 بالمائة من سعر العلبة، وبعملية حسابية بسيطة نجد أن تسويق 200 مليون علبة تبغ مقلدة بالسوق الموازية والسوداء يساوي تهربا ضريبيا قدره على الأقل 400 مليار سنتيم، وهي كلها خسائر تتكبدها الخزينة العمومية وكذا الشركة الوطنية للتبغ والكبريت التي تعاني من منافسة غير متوازنة ومضاربة كبيرة في السوق، لدرجة باتت تهدد هذه الشركة بالإفلاس، حيث تعاني هذه الأخيرة من صعوبات مالية شديدة في السنوات الأخيرة انعكست على إنتاجها وتواجدها في السوق الوطنية.

س. زموش

من نفس القسم الوطن