الثقافي

"التواصل الاجتماعي": واقع محاصر بالافتراضي

يناقش ساري الخصائص النوعية والاجتماعية للشباب، وتأثيرات التواصل الاجتماعي على بنية الاتصال الشخصي والجماهيري

تفتقر دراسات علم الاجتماع العربية إلى بحوث تطبيقية تعاين القضايا الراهنة، وترصد التطوّرات المتلاحقة ذات الصلة بمأكلنا وأزيائنا ومعمارنا وسلوكياتنا اليومية. وهو ما يفرض تحدّيات بمستويين؛ قراءة الحاضر بتعيقداته، وإعادة كتابة تاريخنا الاجتماعي بما يصل ما انقطع طوال قرون مضت.

استحوذت التكنولوجيا على اهتمام بعض الدارسين، في السنوات الأخيرة، لكن ما ينتجونه يُظهر تأخّر بعضهم عن متابعة أحدث التقنيات، أو استغراق بعض آخر في المنهج الوصفي، وعدم القدرة على التحليل واستقراء المتغيّرات المحتملة في واقعنا العربي.

في مقاربة بحثية تعالج العلائق بين المجتمع والتقنية، يعرض أستاذ علم الاجتماع حلمي ساري عند السادسة والنصف من مساء اليوم في "منتدى شومان الثقافي"، في عمّان، ورقة حول كتابه الصادر مؤخراً بعنوان "التواصل الاجتماعي"، كما يقدّم الأكاديمي والباحث يوسف ربابعة مراجعة نقدية للكتاب. ويرأس الجلسة الأكاديمي إبراهيم عثمان.يستعرض ساري في مؤلفه المراجع والأدبيات المتعلقة بالإنترنت، ووفرة التنظيرات حولها، مشيراً إلى اهتمامه بالدمج التكاملي بين أكثر من وسيلة اتصال عبر الشبكة العنكوتية وأثره في المجتمعات، رغم أن الباحثين، بحسب الكاتب، لم يدرسوا أبعاده وخصائصه الثقافية ولم يطوّروا نظرية اجتماعية خاصة تساعدهم على فهم المشكلات الاجتماعية التي أوجدها هذا النوع من الاتصالات الإلكترونية أو عمق التأثيرات النفسية والاجتماعية التي تمخّضت عنه، بل اكتفوا بالنظريات الاجتماعية المألوفة في أدبيات الدراسة الاتصالية والاجتماعية على اعتبار هذا النوع من الاتصال هو جزء لا يتجزأ من الاتصال الجماهيري.

يناقش ساري الخصائص النوعية والاجتماعية للشباب، وتأثيرات التواصل الاجتماعي على بنية الاتصال الشخصي والجماهيري وحميمية العواطف الإلكترونية، التي كانت من المتعذر عليهم تكوينها عبر وسائل الاتصال المباشر، مستخلصاً أبرز التحديات التي نتجت عن التحوّلات الجارية والتفاعلات العميقة بين ثقافة المجتمع وتكوينه وبين المجتمع الافتراضي عبر وسائط التواصل.

ويرى الباحث أن الاعتماد المتزايد على التواصل الاجتماعي يسبّب إضعاف العلاقات الإنسانية المباشرة وتحويلها إلى علاقات افتراضية تخلط الواقع بالوهم، فأصل التواصل أن يكون حسّياً، مباشراً، تلقائياً، عفوياً، على العكس تماماً من التواصل الاجتماعي اليوم، فهو تواصل افتراضي محنّط، أشبه بتحاور الرسوم المتحرّكة، كما يقول في مقدمة كتابه.

من نفس القسم الثقافي