الثقافي
شيرين صيقلي: الندرة والاقتصاد في فلسطين قبل النكبة
مؤسسات عربية كبرى، ما زالت فاعلة، أسسها فلسطينيون قبل النكبة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 18 فيفري 2019
تتناول الباحثة الفلسطينية شيرين صيقلي في كتابها "أصحاب رؤوس الأموال: الندرة والاقتصاد في فلسطين في فترة الانتداب البريطاني" Men of Capital: Scarcity and Economy in Mandate Palestine الصادر عن "منشورات جامعة ستانفورد" في الولايات المتحدة، موضوع الاقتصاد الفلسطيني في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي.
وتركّز على طبقة جديدة تشكّلت من أصحاب رؤوس الأموال الفلسطينيين، والذين لعبوا لاحقاً دوراً رئيسياً في تشكيل وبناء الاقتصادات العربية. كما تعالج في كتابها نظرة هؤلاء الرجال لدورهم الاقتصادي وتربطه بالسياسي والثقافي في مجتمعهم الفلسطيني خاصة والعربي عامة، إذ لم تتشكّل تلك الطبقة المتوسطة من التجّار والمستثمرين من أصحاب رؤوس الأموال فقط، بل ضمّت المحامين والأطباء وحتى المدرّسين.
تشير صيقلي، في حديث إلى "العربي الجديد" من نيويورك، إلى أن هذه الطبقة الفلسطينية من أصحاب رؤوس الأموال، لم تكن من العائلات المالكة التقليدية، بل تشكّلت في أواخر عهد الإمبراطورية العثمانية. ولعبت تلك الطبقة، قبل النكبة وبعدها بشكل خاص، دوراً مهماً في تكوين مؤسسات اقتصادية وغير اقتصادية عربية في الخليج ولبنان وسورية والعراق ومصر.وتعطي أمثلة لبعض تلك الأسماء التي يتناول الكتاب إنجازاتها؛ ومن بينها: سابا والقطّان وصبّاغ وشومان. وكان هؤلاء قد أسّسوا شركات عديدة قبل النكبة بما فيها "البنك العربي" وشركة "طيران الشرق الأوسط" وغيرها، لتنتقل تلك المعرفة ورؤوس الأموال بعد النكبة إلى العديد من العواصم العربية.
تعتمد صيقلي، التي تعمل أستاذة في قسم التاريخ في جامعة "سانتا باربارا" في كاليفورنيا، على مصادر ووثائق مختلفة ومن بينها "مجلة الاقتصاديات العربية"، والتي صدرت في يافا ما بين الأعوام 1935 و1937. وكان قد أسّسها وموّلها الفلسطيني فؤاد سابا. وكان سابا صاحب أول مؤسسة عربية لتدقيق الحسابات في "الشرق الأوسط"، كما كان أول من حصل على رخصة حكومية كمدقّق حسابات قانوني في العشرينيات من القرن الماضي. كان لشركته "سابا وشركاؤهم" فروع في مدن فلسطينية وعربية من بينها يافا وحيفا والقدس ونابلس ودمشق وبيروت وبغداد. وبعد النكبة أصبح لها فروع في أغلب العواصم العربية.
وتلفت صيقلي الانتباه إلى أن المجلة ترجمت الكثير من المواضيع عن مجلة الـ "ذي إيكونوميست" البريطانية، إلا أنّ إصداراتها لم تقتصر على الترجمات فقط، بل واكبت ما كان يحدث على الساحة الاقتصادية في مناطق عدّة من بينها مصر. كما تناولت المجلة مواضيع تتعلق بأفكار مختلفة للفيلسوف آدم سميث وماركس وابن خلدون والغزالي، على سبيل المثال لا الحصر. وتنوّه صيقلي أن علينا عند النظر إلى تلك الطبقة أن نراها في سياق مشروع عروبي ذي توجّه اقتصادي رأسمالي، يحاول أن يدعم الاقتصاد الفلسطيني، والاقتصاد القومي.