الوطن
"الأمن الغذائي" رهينة التغيرات المناخية في الجزائر؟
التقلبات الجوية الأخيرة كشفت عن غياب مخزون استراتيجي وتسببت في خسائر بالجملة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 13 فيفري 2019
• موسوني: لا يمكن بناء فلاحة قوية عن طريق "الصدفة" أو "القدر"!
أعادت التقلبات الجوية الأخيرة، التي شهدتها عدة ولايات بالوطن وما سببته من أزمة غذاء على مستوى الولايات المتضررة بسبب غياب مخزون استراتيجي من المنتجات الفلاحية، وكذا بسبب تسجيل عدة خسائر للفلاحين والموالين وحتى مربي الدواجن، أعادت إلى الواجهة الحديث عن معضلة الأمن الغذائي في الجزائر وبقاء هذا الأخير مرتبطا بعوامل لا يمكن التحكم فيها، منها التغيرات المناخية سواء تعلق الأمر بحالات الجفاف أو حتى التقلبات الجوية العنيفة.
وتحدث عدد من الخبراء، أمس، عن غياب مخزون استراتيجي في معظم ولايات الوطن من شأنه أن يضمن استقرار أسواق المنتوجات الفلاحية، ويحافظ على الأمن الغذائي من المنتوجات الوطنية، مشيرين أن هذا الأخير لا يمكن أن يتحقق باستيراد الغذاء من الخارج. كما أشار هؤلاء إلى هشاشة السياسة الفلاحية الوطنية، التي تستدعي إعادة مراجعتها، بسبب غياب استراتيجية فلاحية محكمة تجعل هذا القطاع غير تابع للتغيرات المناخية، سواء تعلق الأمر بفترات جفاف أو حتى تقلبات جوية عنيفة. وتشير أرقام رسمية أن التقلبات المناخية والكوارث الطبيعية، على غرار الفيضانات والأمطار الطوفانية، تتسبب في إتلاف 20 بالمائة من المنتوجات الزراعية في الجزائر كل سنة، خاصة تلك التي يتم حصادها في فصلي الخريف والشتاء، كما تتسبب أيضا في موت كمية معتبرة من الثروة الحيوانية كل عام، ما دفع إلى إمضاء اتفاقية مستعجلة بين الديوان الوطني للأرصاد الجوية ووزارة الفلاحية والتنمية الريفية، تتضمن إنشاء مركز الأحوال الجوية الفلاحية، وتكمن مهمته في رصد جميع التقلبات الجوية والمناخية التي لها تأثير مباشر على الإنتاج الفلاحي بكافة أشكاله، غير أن هذا المركز لم تكن له آثار إيجابية على الواقع.
• موسوني: لا يمكن بناء فلاحة قوية عن طريق "الصدفة" أو "القدر"!
وفي هذا الصدد، أكد الخبير الزراعي، آكلي موسوني، أن أزمة الغذاء التي ضربت عددا من الولايات بسبب التقلبات الجوية وكذا أزمة الغلاء الذي شهدته الأسواق بسبب عدم قدرة الفلاحين على جني محاصيلهم، وأيضا الخسائر التي سجلت في أوساط هؤلاء وكذا في أوساط الموالين ومربي الدواجن، بسبب تساقط الثلوج، يؤدي إلى نتيجة واحدة وهي أن الأمن الغذائي في الجزائر مهدد بالتغيرات المناخية، خاصة أن الإنتاج الفلاحي مرتبط بمجالات أخرى من الإنتاج الغذائي الذي تنتج منه الجزائر جزءا بسيطا، في حين تستورد باقي المنتجات الأخرى.
وقال موسوني، في تصريحات لـ"الرائد"، إن التقلبات الجوية الأخيرة باتت تتسبب سنويا في إتلاف القناطير من المنتجات الفلاحية وكذلك الجفاف، إضافة إلى أن الإنتاج الفلاحي أصبح مرتبطا ارتباطا وثيقا بالاستيراد كون عدد من الفلاحين أصبحوا يستعملون بذور معدلة جينيا يتم استيرادها، وهو ما يرهن الأمن الغذائي ويجعل مواسم الحرث في الجزائر تحت رحمة مخابر معالجة البذور الموجودة في عدد من البلدان الأوروبية.
وقال موسوني إنه "لا يمكن بناء فلاحة قوية تعد الأساس للأمن الغذائي عن طريق الصدفة أو القدر، أو انتظار أن تكون الظروف المناخية في صالحنا"، مضيفا أنه من الضروري تطوير التقنيات في هذا القطاع ودعم وتشجيع وحدات إنتاج بذور المحاصيل الاستراتيجية على المستوى الوطني، وذلك من أجل تحقيق السيادة الغذائية، بالإضافة لإعادة النظر في تنظيم ما يصطلح عليه بالمخزون الاستراتيجي للمواد الفلاحية، الذي يضمن عدم تذبذب التموين بالغذاء في الأسواق، وكذلك المحافظة على الأسعار بما لا يضر المستهلك ولا الفلاح والمنتج، وتقوية صناعة التحويل الغذائي.
س. ز