الثقافي

"المعري ثائراً": من السياسة إلى العزلة

يتناول الكتاب تأثير الظروف والبيئة التي عاشها صاحب "رسالة الغفران" عليه

في كتابه "أبو العلاء المعري ثائراً" الصادر عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" في بيروت، يُسلّط الباحث والأكاديمي العراقي نبيل الحيدري الضوء على الفترة التي عاشها المعري (973 - 1057م) في بغداد، وهي من أهم الفترات رغم قصرها، إذ شكّلت أثراً كبيراً على حياته لكون عاصمة العباسيين حينها مركز العلم والثقافة والأدب والحوار والترجمة.

يتناول الكتاب تأثير الظروف والبيئة التي عاشها صاحب "رسالة الغفران" عليه، مفصّلاً العوامل التي قادته إلى اتخاذ مواقفه وسلوكياته المثيرة للجدل، ومنها آراؤه الخاصة في تحريم أكل اللحم، وعزوفه عن الزواج ليدخل من خلال ذلك إلى علاقته بالمرأة، حيث يحتشد ديوان المعري بقصائد بالغزل ووصف المرأة وتقديره لها المبني على قناعات فلسفية، خلافاً لما يشاع حوله بسبب عدم زواجه طوال حياته.

كما يعرض الحيدري للرسائل التي كانت تأتي المعري من مختلف الزعماء والشخصيات الدينية والسياسية، موضحاً مناسباتها والأحداث التي ارتبطت بها، إضافة إلى أسبابه ورؤيته في كيفية الرد عليها.

تتألف الدراسة من ثمانية فصول حملت العناوين التالية: "نشأة المعري وتعلّمه"، و"عبقريته ومحنته"، و"رحلة فاصلة في حياته "بغداد"، و"عبقرية الشعر: سقط الزند، اللزوميات، الفصول والغايات"، و"إبداع الفلسفة: رسالة الغفران، المعري والمرأة، التراث والدين، و"أغراض الشعر عند المعري"، و"المعري مع الشعراء والأدباء"، و"قصة وفاته".

يتطرّق الباحث إلى منازلات أبي العلاء الأدبية والفكرية في مواجهة التعصب الديني وما بني عليها من مواقف وانحيازات سياسية، محللاً الدوافع التي جعلته يغادر بغداد وينهي دوره في الحياة العامة، واتخاذه القرار بالعودة إلى بلدته المعرّة قرب مدينة إدلب السورية، ليعتزل الناس ويكتب الأدب والفلسفة، غير انه بقي بين ثنايا أعماله وفي الروايات المنقولة عنه حنين غامر إلى تلك الفترة التي قضاها في بغداد، وكان يأمل خلالها أن يجد لأفكاره الجريئة صدى ومريدين.

من نفس القسم الثقافي