الثقافي

"هابرماس واللاهوت": حيث أخفقت النظرية

يقدّم المؤلّف بديلاً عن نظرية هابرماس في الفعل التواصلي

يعتقد أستاذ الفلسفة في جامعة برمنغهام، نيكولاس آدامز، أنَّ السؤال الأكثر أهمية في فلسفة الأخلاق المعاصرة واللّاهوت، هو سؤال "كيف يُمكن أن يوجد نقاش بين أفراد ينتمون إلى تراث وتقاليد مختلفة؟" وهو بمعنى آخر "أن يكون المرء شخصاً حديثاً مُنخرطاً في عصره، وأن يشارك في المجال العام"؛ الذي يعرّفه آدامز بأنه "المجال الذي يتميّز بأصوات متنافسة، ورؤى كونيّة متضاربة، وأشكال من الحياة تشكّل إرباكاً لبعضهم البعض. وكيف يُمكن أن يوجد التناسق فيما بين هذه الأصوات".

من هنا، يختار الأكاديمي الإنكليزي، آدامز، آراء الفيلسوف الألمانيّ، يورغن هابرماس، (1929)، عن الدين واللاهوت ليدرسها في كتاب نقله إلى العربية، مؤخراً، كل من المترجمين حمود حمود وشهيرة شرف، وصدر بعنوان "هابرماس واللاهوت" ("مؤمنون بلا حدود" و "جداول").

ينطلق آدامز من أن هابرماس "فيلسوف إلحاديّ وعلماني استثنائيّ، قدّم آراء إيجابيّة حول الدين في المجتمع الحديث، لكن وفي نفس الوقت ظلّ يصرّ على أنّ النظرية الأخلاقيّة يجب أن تكون ما بعد دينية أو ما بعد تراثيّة".يُقدّم الكاتب عمله باعتباره "محاولة لتوضيح الوحدة التي تجعل من الممكن سماع الاختلافات الثقافية على أنّها تنوّع في الأصوات، لا كونها مجرد مجموعة من التعبيرات المفكّكة ومستحيلة الفهم بالنسبة لبعضها البعض".

رغم اعتقاد هابرماس أن الفكر الديني أسطوريّ وميتافيزيقيّ، وأن الفكر الحديث عقلانيّ، وأن العلمانيّة الوحيدة القادرة على تنظيم الفضاءات المقدّسة، إلّا أنّه يقدّر الدين، بمقدار ما كان ينأى بنفسه عنه. ويرى آدامز أن مرد ذلك تقديره للدين "باعتباره حاملاً للحياة الثقافية"، وأنّه يُعطي المجتمعات الحديثة المضمون الحيوي الذي يتجادلون حوله؛ حيث من دون الدين ليس هناك نماذج للحياة يُختلف حولها.

يؤكد المؤلّف أن هذه الدراسة "ليست دفاعاً عن هابرماس، ولا حتّى نقداً آخر له"، إذ إنَّ هناك من دافع عن أخلاقيات الخطاب عند هابرماس، وهناك من حاول وضع "نظرية الفعل التواصلي" للعمل بوصفها أساساً للّاهوت. على الجانب الآخر، كان هناك على الدوام وجهات نظر مختلفة عن الأولى، وتبعاً لذلك يختار "آدامز" لهذه الدراسة "بجديّة" آراء هابرماس بشأن "الفضاء العام"، والحاجة إلى النقاش الحقيقيّ، في محاولة لـ "تقويم نظريته في المكان الذي فشلت فيه".

يعود المؤلّف إلى مقالات هابرماس التي تناولت اللاهوت، حيث تناول مقالاته المبكّرة مثل "النظرية والممارسة" و"مستقبل الطبيعة البشرية" و"الحقيقة والتبرير"، في حين تناولت بعض المقالات محدودة الانتشار؛ بهدف بيان "أين بقي هابرماس ثابتاً وأين غيّر رأيه؟".

من نفس القسم الثقافي