الثقافي
"المأساوي في شعر الجاهليين": أثر الفقد
بحثاً عن جوانب اجتماعية وشخصية غائبة عن ذلك العصر
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 فيفري 2019
يتتبّع الشاعر والباحث السوري، حكمة شافي الأسعد، في كتابه "المأساوي في شعر الجاهليين"، الصادر عن "دار فضاءات" في عمّان، سلوك إنسان "العصر الجاهلي" ومشاعرِه الداخلية إزاء الوقائع المأسوية، بحثاً عن جوانب اجتماعية وشخصية غائبة عن ذلك العصر.
يشتغل الناقد على إيجاد تعريف تقريبي لتعبير "المأساوي" بالنظر إلى اختلاف الدراسات حول المفهوم والرؤية له، إضافة إلى تداخل التصنيفات في هذا المجال، حيث لم تشمل الدراسة الشعر الجاهلي الذي يضم قصص حيوان صوّرت صراعاً يقترب من المأساة أو ذلك الشعر الذي يشكو الشيب وتقدّم العمر وإن حمل بعداً مأساوياً.
يتضمّن الكتاب ستّة فصول؛ الأول تناول المكان "المُتأبّد" من حيث إنه مشهد ظاهري أمام الشاعر يحكم ردود أفعاله الشعورية والحركية عليه، والأساليب التي اتبعها في ذلك. أمّا الثاني، فيناقش "الفراقيات" التي مثّلها شعر الرحيل والنأي؛ بشقّيه المُفارِق والمُفارَق؛ الشاعر الراحل والحبيبة غالباً.
تناول الفصل الثالث، "مأساة الفقد البشري"، فقد الآخر الناتج من الموت؛ وكيف أثّر في القيم البطولية والاجتماعية والأخلاقية، وصوره حيث تُشرك الجمادات في شعور المأساة، بينما أبرز الفصل الرابع "مأساة الشاعر في مواجهة مصيره" الذي تشير قصائده إلى الموت المتوقّع، أو موتاً يعاينه الشاعر في لحظته نتيجة قتل أو مرض.
الفصل الخامس أتى بعنوان "المظلوم"، ورصد فيه الباحث ظلم ذوي القربى على الشاعر والأفعال والصفات الدالّة عليه، كما وصف ظلم الملوك للشعراء، وكيف شكّل هذا الظلم ظاهرة لدى ثلاثةٍ من شعراء عصر الجاهلية: النابغة الذبياني، وعدي ابن زيد العبادي، والمتلمّس الضبعي: مأساة النابغة الذبياني هي مأساة خوفٍ من الملك النعمان، أمّا مأساة عَدي بن زيد العبادي فهي مأساة السجن الذي حبسه فيه الملك النعمان، وأما مأساة المتلمِّس فهي في غربته عن العراق بعد فراره من الملك عمرو بن هند.
ختم المؤلف كتابه بفصل "قراءات نصّية تطبيقية"، إذ درس أربع قصائد متنوّعة المأساوية؛ القصيدة الأولى حول مواجهة المصير والأسر في يائية عبد يغوث بن وقاص الحارثي؛ والثانية عن الفقد البشري في لامية المتنخّل الهُذلي، وأشارت القصيدة الثالثة إلى المتأبّد وظلم الملك في عينية النابغة الذبياني، وأمّا القصيدة الرابعة فعن الكِبَر وظلم ذوي القربى في رائية دريد بن الصمّة.