دولي

الاحتلال يحرم مئات التلاميذ من مدارسهم

أسرلة التعليم في القدس

خطوة مرتقبة لتفريغ القدس من أهاليها الفلسطينيين، تقدم عليها سلطات الاحتلال، وذلك عن طريق إبلاغ مدارس عربية بإقفالها، تمهيداً لتحويل هويتها، وسط توقعات باندراجها في إطار أسرلة التعليم

تحدٍ جديد فرضه الاحتلال الإسرائيلي على مئات العائلات المقدسية التي لن يكون في مقدورها تسجيل أبنائها للعام الدراسي المقبل، في المدارس التي لطالما سجلتهم فيها، بعد قرار المنع الذي أصدرته بلدية القدس ودائرة المعارف الإسرائيليتان، والذي بلّغ شفوياً إلى إدارتي مدرستي القادسية للبنات والقدس للبنين، ويطاول أيضاً تلميذات المدرسة المولوية الملاصقة للمسجد الأقصى.

يقول الأهالي، وكذلك اتحاد أولياء الأمور في هذه المدارس، إنّ القرار ربما يشمل لاحقاً المدرسة العمرية التاريخية التي كانت سلطات الاحتلال قد وضعت يدها عليها عقب احتلال القدس عام 1967، إذ جرى إبلاغ إدارة المدرسة أنّها ستغلق في نهاية العام الدراسي الحالي لأسباب غير معلنة، علماً أنّ المدرسة تتبع لسلطة الآثار الإسرائيلية. وبحسب المعلومات، فقد أصدر القرار قسم التعليم في بلدية الاحتلال بإيعاز من رئيس البلدية الحالي، في حين نفت وزارة التعليم الإسرائيلية علمها بالأمر.

مدرسة القادسية، التي أطلق عليها الاحتلال اسم مدرسة "خليل السكاكيني" واحدة من أقدم المدارس التي أنشأها العثمانيون قبل أكثر من مائة وعشرين عاماً، وتعد معلماً تاريخياً وأثرياً مثلها مثل عشرات المدارس التي سيطر الاحتلال في العام 1967 على بعضها وحوّل الإشراف عليها إلى بلديته في القدس المحتلة.أما مدرسة القدس للبنين، المكونة من غرفتين صفّيتين، فستغلق خلال العامين المقبلين بقرار من بلدية الاحتلال، فيما يؤكد اتحاد لجان أولياء الأمور على لسان رئيسه، زياد الشمالي، في حديثه إلى "العربي الجديد" أنّ هناك مخططاً يقضي بإفراغ البلدة القديمة من المدارس، ليشمل القسم الإعدادي في المدرستين العمرية والمولوية.

المتحدثون، ومن بينهم الشمالي، كشفوا أنّ القرار بُلّغ إلى إدارة مدرسة القادسية شفهياً، ولم تتسلم إدارات تلك المدارس أيّ إخطار مكتوب. كذلك، اعترى الإبلاغ الشفوي غموض يتعلق بطبيعة الاستخدام المستقبلي لهذه المدارس، خصوصاً أنّ شائعات تحدثت عن نية بلدية الاحتلال تسليم مباني القادسية وغيرها من مبانٍ إلى مدارس حكومية تشرف عليها دائرة الآثار الإسرائيلية، أو إلى جمعيات استيطانية، كما حدث في أحد المباني التي يتشكل منها مبنى البريد المركزي في شارع صلاح الدين، والذي تحول إلى كلية تلمودية.

هذا التخوف، أكده، أحمد صب لبن، الباحث في شؤون الاستيطان بالقدس، والذي أبلغ الحاضرين أنّ دوائر في البلدية أبلغته أنّ الاستخدام المستقبلي للمبنى سيكون لأغراض التعليم، من دون أن توضح ما إذا كان ذلك يتعلق بتقديم خدمات التعليم للتلاميذ المقدسيين، أم لصالح المدارس والمعاهد التلمودية التي شغلت على مدى السنوات الماضية عدداً كبيراً من العقارات المستولى عليها أو المسربة إليها في أنحاء البلدة القديمة، لتديرها الآن جمعيات استيطانية مثل "عطيراتكوهانيم"، و"عطيراتليوشناه"، بالإضافة إلى إدارة تلك الجمعيات نحو 80 بؤرة استيطانية داخل أسوار المدينة المقدسة، منها ما يتاخم مدرسة القادسية نفسها، ومدرسة القدس للبنين. ولا يبعد عقار آل جودة الذي سرّب أخيراً إلى المستوطنين سوى عشرات الأمتار فقط.

أما راسم عبيدات، المحلل الإعلامي والسياسي، فيقول لـ"العربي الجديد": "الأخطر هو التفريغ الممنهج للمدارس المؤجرة لبلدية الاحتلال في البلدة القديمة من مدينة القدس، أو المدارس التي سيطرت عليها بعد عدوان عام 1967، والتي كانت تديرها وتشرف عليها الحكومة الأردنية. تلك المدارس يجري تفريغها وتحويلها إلى مؤسسات تابعة لبلدية الاحتلال في القدس، إما مراكز جماهيرية أو مؤسسات تتبع لدائرة الآثار الإسرائيلية ،أو تمنح للجمعيات التلمودية والتوراتية الاستيطانية من قبيل العاد وعطيرتكهانيم. ويجري التخطيط لإغلاق مدرسة القادسية التي تحول اسمها إلى مدرسة المربي خليل السكاكيني في البلدة القديمة، وتحويلها إلى مؤسسة تابعة لدائرة الآثار الإسرائيلية، اعتباراً من العام الدراسي المقبل، بما يضع مصير 350 تلميذة في مهب الريح.

يتابع عبيدات: "مدارس البلدة القديمة بنيت زمن المملوكيين والأيوبيين والعثمانيين، وهي صروح أثرية وتاريخية، بالإضافة إلى كونها مؤسسات تعليمية. المباني المقدسية التي يجري تأجيرها لمدارس ومؤسسات إسرائيلية من بنوك ومؤسسات تعليمية وغيرها، يكبر خطر ضياعها. كذلك، فإنّ المخطط هو أسرلة التعليم بالكامل في المدينة، كما خطط له وزير التعليم الإسرائيلي المتطرف، نفتالي بينيت، والذي يشمل تصفية وإغلاق المدارس التابعة لوزارة الأوقاف الإسلامية".

من نفس القسم دولي