الوطن

"غوغل"...أستاذ، طبيب ومفتي الجزائريين الجديد؟!

تحول إلى عصا سحرية وحل لكل معضلة تواجه المهووسين بالتكنولوجيا

تحولت محركات البحث الإلكترونية، من أشهرها غوغل، وكذا مواقع التواصل الاجتماعي، إلى عصا سحرية للجزائريين وحل لكل معضلة تواجههم، حيث بات غول أستاذ وطبيب ومفتي الكثيرين بسبب الهوس بالتكنولوجيا والفراغ الموجود في عدة مجالات، وكذا رغبة الجزائريين في استثمار الجهد والوقت وحتى المال.

بلغ هوس الجزائريين بالتكنولوجيا الحديثة وما تقدمه من خدمات حدودا غير معقولة، حيث بات الجزائريون يعتمدون على محركات البحث من أشهرها غول وكذا مواقع التواصل الاجتماعي، في كل كبيرة وصغيرة تخص حياتهم اليومية، بكل ثقة، دون أن يدركوا أن الأمر في غاية الخطورة.

 

    • "غوغل" لتلقي الدروس الخصوصية، تعلم اللغات والمهارات

 

ومن أكثر المجالات التي باتت محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي تغطيها، مجال التعليم. فخلال تصفحنا محرك البحث غوغل وإدخال كلمة "تعليم في الجزائر" صادفتنا عشرات المواقع والمنتديات التي تحمل محتوى تعليميا.

وتقدم هذه المواقع والمنتديات عادة دروسا تدعيمية لمختلف الأطوار، كما تقدم حلولا لتمارين تطبيقية، كما توجد مواقع ومنتديات تخصصت في تعليم اللغات الأجنبية وتكوينات مختلفة في العديد من التخصصات، كما تعرض بعض المنتديات دورات تعليمية محددة المدة وببرنامج خاص.

أما على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، منها اليوتيوب وفايسبوك، فتنتشر آلاف الفيديوهات والصفحات ذات محتوى تعليمي وتربوي، تضعها مراكز بحث ومدارس خاصة وحتى أساتذة جامعة لطلبتهم، بالإضافة إلى فيديوهات تعلم بعض التكوينات والمهن الحرة، وحتى فيديوهات لتعليم السياقة.

ويبدو أن العديد من المدارس والمراكز التكوينية انتبهت لأهمية رقمنة الدروس والتكوينات لجعلها أكثر سهولة ومرونة أمام متلقٍ بات مدمنا على محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي، وملازما لهاتفه الذكي على مدار اليوم.

 

    • مرضى يتعالجون "إلكترونيا"!

 

هذا ولا تقتصر سيطرة غوغل والسوشيال ميديا على التعليم فقط في الجزائر، فالصحة أيضا كان لها نصيب من هوس التكنولوجيا الذي أصاب الجزائريين، حيث أصبح العديد من المرضى يفضلون إجراء فحوص ووصفات إلكترونية واقتناء أدوية من محرك البحث الشهير "غوغل"، بدل إهدار الوقت في قاعات المستشفيات وانتظار موعد قد لا يأتي.

وبات هذا الأخير العصا السحرية والحل الوحيد لكل معضلة تواجه الجزائريين، غير أن ما يبعث على الحيرة والدهشة هو اعتماد الكثيرين عليها في تشخيص أمراضهم واقتنائهم للأدوية، رغم عدم وجود أي ضمانات لمستعمليها أو دلالات تثبت هوية الطبيب صاحب التشخيص وصحة بياناته، فبمجرد كتابة الأعراض التي يعاني منها المريض تجد المئات من التشخيصات الطبية للعارض الصحي والأدوية المناسبة لكل حالة، وهو ما جعله ملاذاً للعديد من المواطنين، في ظل ارتفاع تسعيرات الأطباء الخواص، مفضلين تفادي زيارتهم وتكبد مشقة التنقل إليهم.

كل هذا رغم التحذيرات التي يطلقها عادة مسؤولون بوزارة الصحة وأطباء، والذين يؤكدون أن الاستعانة بمواقع الإنترنيت في التشخيصات الطبية واقتناء الأدوية أمر خطير.

 

    • جزائريون يهجرون المساجد ويبحثون عن الفتاوى الإلكترونية المستوردة

 

من جانب آخر، وفي ظل هيئة رسمية للإفتاء في الجزائر واتساع سيطرة العالم الافتراضي على الجزائريين، فقد بات الشيخ غوغل مفتي الجزائريين الأول، حيث يبحث أغلب المواطنين في الأنترنت بدل بحثهم في المساجد والمجالس الدينية عن أجوبة لأسئلتهم الشرعية المتعلّقة بالحياة اليومية، إلى درجة بات غوغل مفتيا رسميا للكثير من الشباب رغم تحذيرات عديدة تحدثت عن خطورة الفتاوى المستوردة على عقيدة الجزائريين، خاصة إذا تعلق الأمر بالخوض في مسائل حساسة داخل عالم افتراضي يعجّ بفتاوى غير معروفة المصدر.

من جانب آخر، تعج مواقع التواصل الاجتماعي بدورها بالعديد من الفتاوى والنقاشات الدينية التي تكون، في كثير من الأحيان، حادة وتتعلق بمسائل حساسة وشخصية للغاية، حول كيفية التعامل مع التقاليد الإسلامية في الحياة اليومية.

وتبرز في الكثير من المرات أصوات تحرّم وتحلّل دون دليل سوى الاستعانة بأحاديث نبوية وآيات قرآنية بتصرّف. كما تنتشر تدوينات وصور ذات طابع ديني تغيب عنها صفة الرسمية لعدم ذكر المصادر، ما يجعلها عُرضة للتحويل والتصرّف في محتواها بشكل قد يكون خطيرا، وهو ما تعيه جيدا وزارة الشؤون الدينة المسؤولة عن الحفاظ على عقيدة الجزائريين، غير أن هوس التكنولوجيا والفراغ الموجود في هذا المجال، جعل غوغل والسوشيال ميديا، مرة أخري، بديلا عن الأئمة ورجال الدين في الجزائر.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن