الثقافي

التأكيد على أهمية تثمين التراث الثقافي اللامادي للمحافظة على التنوع الثقافي

خلال فعاليات ملتقى دولي حول "تثمين التراث الثقافي اللامادي"

أبرز مشاركون في ملتقى دولي حول "تثمين التراث الثقافي اللامادي" أمس أول بتمنراست أهمية حماية وتثمين التراث الثقافي اللامادي للمحافظة على التنوع الثقافي.

وأكد متدخلون من باحثين وأكاديميين ومختصين في مجال التراث الثقافي على ضرورة تثمين وحماية التراث الثقافي اللامادي والتي يتمثل في مجموعة من الموارد التي ينبغي المحافظة عليها لتعزيز التنوع الثقافي وفرص الحوار والتقارب أيضا بين الثقافات.

وفي هذا الصدد أكد مدير المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وفي علم الإنسان و التاريخ، فريد خربوش، أن الجزائر عملت جاهدة لإدراج عناصر من التراث الوطني في قائمة التراث الثقافي اللامادي عالميا على غرار "أهليل" و موسيقى "الإمزاد" و عيد "السبيبة" وغيرها ، مما يتعين – كما أضاف-- العمل ضمن مقاربة علمية للمحافظة على هذا الرصيد الثقافي الوطني الذي يضم مجالا واسعا من التقاليد و التعبيرات الحية والشفوية المتوارثة عبر الأجيال وطقوس اجتماعية ومهارات في الحرف اليدوية التقليدية وعناصر أخرى . 

وأوضح المتدخل بالمناسبة أن تزامن تنظيم هذا اللقاء مع إحياء العيد الوطني " يناير" يشكل كذلك فرصة كبيرة لإبراز مظاهر الاحتفال بهذا الحدث التراثي التي تتميز به بعض مجتمعات منطقة شمال إفريقيا خاصة.

ومن جهته ذكر الباحث كريم أوراس (جامعة وهران) في مداخلة بعنوان " يناير طقس زراعي متعدد الرموز" أن مظاهر الاحتفال بعيد "يناير" عبر التراب الوطني تميزه عادات قديمة تبرز الروابط الاجتماعية و الثقافية وحتى الدينية، وهو يمثل فرصة لإعادة تثمين النشاط الفلاحي ، و يبرز القيمة التاريخية للعلاقة بين الذات والمجتمع حيث يمنح للعلاقات العائلية متانة أكثر ، وذلك ما يتجلى في مظاهر التضامن.

ودعا المحاضر في هذا الشأن إلى ضرورة دراسة هذه المظاهر الاحتفالية المتميزة و الاستفادة من مختلف الجوانب والمعارف المتعلقة ب "يناير".

وفي السياق ذاته ذكرت الباحثة زهية بن عبد الله (المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وفي علم الإنسان و التاريخ) في مداخلة بعنوان " أيرد : رمزية احتفالية بيناير لدى بني سنوس " أن منطقة تلمسان مشهورة بإقامة احتفالية " أيرد "التي تعني الأسد، وهو حدث اجتماعي متزامن مع احتفالات "يناير"، حيث تقام فيه مظاهر احتفالية من قبل الصبيان و الشيوخ الذين يرتادون أقنعة للأسود و يطوفون بمختلف شوارع المدينة و يدخلون البيوت لجمع الصدقات ليتم في ما بعد توزيعها على الفقراء.

وبعد أن أشارت أن هذه الطقوس الاحتفالية كانت منتشرة لدى الفراعنة و سكان شمال إفريقيا قديما، أوضحت أن "أيرد  يحوي رسالة قوية قد تبدو في ظاهرها ذات مضمون ترفيهي، لكنها في الحقيقة محطة لإعادة بعث الدورة الزراعية"، داعية بالمناسبة إلى إدراج "يناير" تراثا عالميا.

وبدورها أكدت الباحثة زينب علي آيت علي (جامعة باريس 8 ) أن المرأة الجزائرية أدت أدوارا كبيرة في مجال نقل التراث الشفهي ، كما ساهمت أيضا في إنتاج هذا التراث باعتبار المرأة هي الحاضنة الفعلية للثقافة الشفوية ، بالنظر أيضار إلى الرسالة التي تؤديها في المجال التراثي، وحرصها على حث الأجيال الناشئة للاعتزاز بالانتماء إلى الهوية الوطنية.

وتطرق محند آيت آكلي سوكي (جامعة سطيف) في مساهمته الأكاديمية إلى علماء منطقة "زواوة " من العصر الوسيط إلى غاية يومنا هذا، مشيرا أن هذه المنطقة قامت بدور هام في نشر العلم وحماية التراث الثقافي .

كما ساهمت زوايا ذات المنطقة -يضيف المتدخل خلال اللقاء- في صون الهوية الوطنية من خلال المحافظة على العادات و التقاليد الموروثة عن الأجداد .

ويشكل الملتقى الدولي حول "تثمين التراث المادي" (12-13 يناير) الذي تجري أشغاله بالمركز الجامعي الحاج موسى أغ أخاموك بتمنراست بمشاركة كوكبة من الباحثين والأكاديميين من عدة جامعات ومراكز بحث متخصصة من داخل و خارج الوطن فضاء علميا لإبراز مختلف الإشكالات المتعلقة بتثمين و حماية التراث اللامادي ، كما أوضح المنظمون.

وينتظر أن تتوج أشغال هذا اللقاء الذي ينظمه المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وفي علم الإنسان و التاريخ بإصدار توصيات .

مريم. ع

من نفس القسم الثقافي