الثقافي
امحمد جبرون: الدولة خارج براديغم السلفية
يقدم قراءة جديدة للتصوّر المثالي حول مفهوم الدولة في الإسلام
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 13 جانفي 2019
في كتابيه "مفهوم الدولة الإسلامية: أزمة الأسس وحتمية الحداثة" (2014)، و"نشأة الفكر السياسي الإسلامي وتطوّره" (2015)، اشتغل الباحث والأكاديمي المغربي امحمد جبرون على قراءة جديدة للتصوّر المثالي حول مفهوم الدولة في الإسلام، والذي استند إلى فكرة "كمال" الخلافة الراشدة، وهي فكرة تستوجب العودة إليها مع مستجدّات العالم المعاصر.
في كتابه الجديد "في هدي القرآن في السياسة والحكم: أطروحة بناء فقه المعاملات السياسية على القيم"، الصادر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، يطوّر المؤلّف تنظيراته في تجديد الفكر السياسي الإسلامي وتحديثه، ليكون مرجعية أخلاقية لبناء الدولة المدنية الحديثة في المجال العربي الإسلامي.
يقدّم جبرون في عدد من مؤلّفاته مقاربة تخالف السائد في اعتبار "دولة العصبية" التي بدأت مع العهد الأموي واستمرت إلى اليوم، منقوصةَ الشرعية وتمّت مبايعة الخلفاء فيها بالإجبار، مشيراً إلى أن الدولة الإسلامية في تلك المرحلة اكتسبت نظريّتها السياسية التاريخية التي استمرت حاكمةً وضابطة حتى مشارف العصر الحديث.
ويرى أن التصوّرات "الكمالية" للخلافة قبل الأمويّين، أدّى - في جميع العصور- إلى إرباك خطوات المسلمين، وتطلّعهم إلى "دولة إسلامية حديثة"، وفي هذا الاتجاه كرست تيارات إسلامية معاصرة كثيرة عملها لاستعادة نموذج الخلفاء الراشدين.
يؤكّد المؤلّف على أن الأمّة الإسلامية كانت مرشحة لإبداع نموذجها الحداثوي في نسق مشروع (الدولة - الأمة) بعد استنفاد نموذج "دولة العصبية" صلاحيته التاريخية، لكن الاحتلال الاستعماري أفسد على الأمة توجَّهها.
في كتابه الجديد، يُقدّم مناظرة علمية رصينة للتيارات السياسية الإسلامية السلفية ودعاة الحاكمية المستندة إلى الجزئيات النصية، جاعلةً منها كائنات فوق تاريخية، فالأغلب الأعم من المناقشات السياسية بين المسلمين، معتدلين أو متشدّدين، تدور داخل البراديغم السلفي، وقليلاً ما تتّجه إلى المقاصد الكُلية؛ وهو أيضاً محاولة اجتهادية لإعادة تشكيل العقل السياسي الإسلامي على أسس متصالحة مع الحداثة.
يلفت المؤلّف إلى أن العقل الفقهي الذي يُستعان به لحل مسائل التديّن المعاصرة ناقصٌ ونسبي، وأن ثمة أمرين يحولان دون تحقُّق أخلاقية السياسة من منظور إسلامي في السياق المعاصر: الأول، عدم التمييز بين القيم وصورها الفقهية المتجلّية في أحكام السياسة الشرعية، والثاني غيابُ مرجعية قيمية واضحة ومبتكرة قادرة على تأطير الحداثة السياسية تأطيراً أخلاقياً سليماً، ومواكبة الثورة المعاملاتية التي يشهدها الحقل السياسي.