الوطن
سكنات "عدل" عرضة للانهيار بسبب "هشاشة التربية"، "الغش" و"البريكولاج"
حادثة الرحمانية تثير الجدل بشأن مدى مطابقة مشاريع السكن للمعايير
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 08 جانفي 2019
• وفاة ثلاثة عمال في انهيار ورشة بناء وطمار يأمر بفتح تحقيق
تسبب، أمس، انهيار جزئي لورشة بناء تابعة لسكنات برنامج عدل بالرحمانية، في وفاة 3 عمال بموقع الحادث وإصابة آخرين، لتفتح هذه القضية حالة من الجدل حول سلامة سكنات عدل ومدى مطابقتها للمعايير الدولية في البناء، حيث دعا خبراء وزارة السكن إلى ضرورة التحرك سريعا لمراقبة المشاريع المنجزة، خاصة تلك التي تتكفل بإنجازها شركات أجنبية باتت تتورط في تجاوزات تهدد حياة العمال في الورشات وحياة قاطني هذه السكنات مستقبلا.
وتوفي، صباح أمس، 3 أشخاص فيما أصيب اثنان آخران في انهيار جزئي لورشة بناء سكنات بالرحمانية بالعاصمة. وحسب المعلومات الأولية، فإن الورشة تابعة لشركة تركية مكلفة بإنجاز سكنات عدل.
• طمار يأمر بفتح تحقيق ويعد بمعاقبة المتهاونين
وعلى إثر ذلك، تنقل وزير السكن والعمران، عبد الوحيد طمار، سريعا إلى مكان الحادث، وطالب مسؤولي الورشة بإخبار عائلات الضحايا المتوفين، وكذا من تعرضوا لإصابات، الذين تم نقلهم بصفة استعجالية إلى المستشفى. كما دعا ذات المسؤولين للتكفل بعائلات الضحايا.
وفي السياق ذاته، أعلن طمار عن فتح تحقيق إداري وقضائي لتحديد أسباب حادث انهيار ورشة بناء "عدل" بالرحمانية، ومتابعة المتسببين. وقال إنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة واعتماد مختصين في الميدان من أجل الوقوف على الحادثة التي خلفت وفاة 3 عمال بورشة البناء. كما كشف طمار عن إنشاء خلية خاصة لمتابعة الحادثة.
• أسباب متضاربة بشأن الحادث والحماية المدنية توضح
من جهته، كشف مدير الحماية المدنية لولاية الجزائر، محمد تيغريستين، أمس، أن الحادث وقع في حدود الساعة السابعة صباحا عندما تلقت مصالح الحماية المدنية مكالمة هاتفية تفيد بانهيار ورشة بناء تابعة لسكنات "عدل" بالرحمانية في الجزائر العاصمة، حيث لقي عاملان مصرعهما على الفور في حين تم انتشال جثة عامل ثالث وتسجيل إصابات متفاوتة الخطوة لدى ثلاثة عمال آخرين تم نقلهم إلى المستشفى.
وعن أسباب الحادث، قال تيغريستين إن التحقيقات جارية لمعرفة الملابسات، غير أنه من المحتمل سقوط الورشة بسبب نزع الألواح من سقف حديث التشييد، وهو ما نفاه بعض العمال في موقع الحادث الذين أكدوا أن السبب في كون الأرض التي يبنى عليها المشروع من أساسه أرض فلاحية فيها مخزون كبير من المياه الجوفية، ما أدى إلى سقوط جزء من الورشة، في حين رجحت مصادر أخرى تورط شركة الإنجاز في عمليات غش تخص الخرسانة، وهو ما ستكشف عنه التحقيقات في الأيام المقبلة.
• عمال الورشات ينتفضون ويطابون بمعايير السلامة
من جانب آخر، خلقت الحادثة حالة من السخط لدى العمال الذين انتفضوا بشأن ظروف عملهم، حيث تلقى وزير السكن، خلال زيارته إلى مكان الحادث، العديد من الشكاوى من طرف العمال الذين أكدوا أن سبب الحادث هو غياب أدنى شروط العمل والسلامة داخل الورشة، التي شهدت، حسبهم، العديد من حوادث مماثلة.
وأكد العمال أن معظم الشركات الأجنبية المكلفة بإنجاز مشاريع "عدل" لا تحترم معايير تأمين سلامة العمال، إلى درجة أن هناك عمالا يعملون دون وسائل حماية، وهو ما استفز الوزير طمار الذي وعد بمعاقبة المتهاونين.
• خبراء الهندسة: فضائح بالجملة باتت تتورط فيها شركات الإنجاز الأجنبية وعلى طمار التحرك
من جانب آخر، فإن الحادثة خلقت حالة من الجدل في أوساط خبراء البناء والمهندسين المعماريين، حيث تساءل، أمس، الخبير في الهندسة المعمارية، جمال شرفي، في اتصال هاتفي مع "الرائد"، عن المعايير التي تعتمد عليها شركات الإنجاز الأجنبية في بناء مشاريع السكن، مشيرا أن العديد من الفضائح والتجاوزات باتت تتورط فيها هذه الشركات التي من المفرض أنها قدمت للجزائر من أجل أن تستفيد الشركات المحلية من خبرتها وليس أن تتسبب في تهديد سلامة العمال في الورشات وسلامة قاطني هذه السكنات مستقبلا. ودعا شرفي في هذا السياق وزير السكن والعمران لضرورة التحرك سريعا وفتح تحقيقات في عمل شركات البناء الأجنبية والقيام بمراقبات دورية من طرف خبراء متخصصين، لرصد أي تجاوزات أو غش في البناء، داعيا لمعاقبة مسؤولي الورشة المشرفة على تشييد سكنات "عدل" بالرحمانية، نظير استهتارها بحياة العمال.
• مكتتبو عدل: "بعقلية البريكولاج هذه ستستلم سكنات راشية وبعد 20 سنة"
من جانب آخر، فإن الحادثة لم تمر مرور الكرام بالنسبة لمكتتبي عدل 2 الذين أبدوا تخوفهم من نوعية سكناتهم المستقبلية، خاصة وأنها ليست الحادثة الأولى التي سجلت، حيث سبق تسجيل حوادث انهيار شرفات لسكنات "عدل".
بالمقابل، فقد تحولت الحادثة إلى مادة سخرية من طرف بعض المكتتبين الذين علقوا أن سكنات "عدل" بدأت تنهار حتى قبل أن يتم تسليمها لأصحابها، في حين عكست الحادثة بالنسبة لآخرين الواقع الذي يعيشه قطاع السكن في الجزائر، والذي بات مرتبطا بكمشة من الشركات الأجنبية لا تلتزم بالآجال المحددة لتسليم السكنات ولا حتى بالمعايير العالمية لبناء هذه الأخيرة.