الوطن

خبراء يحذرون من مخاطر الإفراط في التعرض لأشعة الشاشات الإلكترونية

تعتبر مسؤولة عن "التوحد المكتسب"

حذر العديد من الخبراء وكذا منظمة حماية وتوجيه المستهلك و محيطه، من مخاطر الإفراط في التعرض للشاشات  خصوصا شاشات الهواتف الذكية والألواح الإلكترونية والحواسيب و شاشات  التلفزيون، منادين إلى ضرورة تأطير عملية استعمالها بالجزائر.

أطلق مصطفى زبدي، خلال ندوة احتضنها منتدى "المجاهد"، أمس بالعاصمة، ناقوس الخطر حول الأضرار الناجمة عن إساءة استخدام الشاشات بما في ذلك من قبل الشباب و الأطفال الصغار.

بدورها  قالت السيدة لاكاكسا، وهي مدربة في مجال الأبوة و الاتصال بفرنسا، خلال تدخلها في هذا النقاش، أن هذه المنتجات التي تحظى باهتمام الأطفال تأخذ أهمية متزايدة في تفكيرهم وتنتهي في نهاية المطاف بتحويلهم عن الحياة الحقيقية بما في ذلك المودة الأبوية : "و التي يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على التطور النفسي للمرء والسلوك وتحقيق الذات في مرحلة البلوغ".

ووفقا لنفس المتخصصة في العلاقات بين الوالدين والطفل، من الواضح أن الحاجة إلى العلاقات هو أهم من الحاجة البيولوجية إلى حد أنه من الممكن للطفل و بالرغم من معاناته من سوء التغذية  و لكن يلقى ما يكفي من المودة أن يصبح "شخصا بالغا مسؤولا ومتوازنا وقويا"، في حين أن الطفل الذي حرم من عاطفة الوالدين سيكون "بالغا خاملا وخاضعا".

من جانبه، قال الخبير، كريم نايت مجاني، أن شاشات هذه الأجهزة، و بالإضافة إلى العزل الذي تسببه تدريجيا للطفل، تشكل خطرا على صحته بسبب الأشعة المنبعثة منها. ويضيء هذا الإشعاع القشرة البصرية الخاصة به بحيث تفرز الغدد الهرمونية الدماغية الميلاتونين طوال فترة التعرض ليلاً ونهارا، في حين أن هذا الهرمون يفرز بشكل طبيعي فقط أثناء التعرض في ضوء النهار. وزيادة على ذلك، تطرق الخبير إلى محتوى البرامج الموجهة للأطفال، و التي هي عموما تحوي رسائل تسبب اضطرابات في طريقة تصميمه للأشياء و سلوكه عند البلوغ.

و دعما لملاحظاته، استدل الخبير بمقولة، " من خلال التقليل من خطر التعرض للعنف، ندفع حدوده للمقبول"، ملفتا الانتباه إلى ألعاب الفيديو ذات الشعبية العالية والمليئة بمشاهد العنف، والتي تشكل حوافز مباشرة للجريمة والجنوح. وبالإضافة إلى ذلك، أشار إلى أنه حتى الرسوم المتحركة هي مليئة برسائل مموهة، غير محسوس بها للوهلة الأولى،  ولكن الأخصائيين بدأوا في العثور عليها تدريجيا بما في ذلك التلميحات الضارة والتي يمتصها المستهلك الشاب باللاوعي.

و تساهم هذه الرسائل التي يصعب اكتشافها في صنع شخصية الطفل و تؤدي إلى انحرافه عند البلوغ، و كذلك طريقة صنع هذه الرسوم المتحركة بصورها السريعة و الحية و الفوضوية و المرفقة بأصوات حادة وعنيفة، هي مصدر تأثير سلبي على شخصية الطفل، كما تشكل كذلك إدمان تلقائي لصالح مصمميهم.

وبالإضافة إلى الأطفال، فإن البالغين ليسوا أقل تأثرا بالإفراط في استخدام الشاشات التي تلفت الانتباه إلى العديد من المعلومات الفوضوية والمتفرقة، وبالتالي زعزعة استقرارهم الجسدي.

من جانبه، اعتبر الطبيب في علم النفس ورئيس قسم في مركز البويرة الطبي، لونس نالم، أن هذا التعرض المفرط يقود المستهلكين الشباب إلى التوحد غير الوراثي  ولكن "مكتسب".

و يعتبر هؤلاء الشباب حاملين لنفس الأعراض التي يعاني منها الطفل المولود بالتوحد مع خطر البقاء بها مدى الحياة إذا لم يتم فعل شيء : "إنه واقع علمي لم يعد يرفض، وتم إثبات ذلك من قبل العديد من فرق البحث في العديد من البلدان" ، حسب نفس الخبير. وبالإضافة إلى هذا النوع من التوحد، يعاني الأطفال من كثرة التعرض المفرط  للشاشة من اضطرابات بما في ذلك  من عسر القراءة و خلل الحساب و خلل النطق والصعوبات اللغوية واضطرابات التفاعل مع بيئتهم.

و حذر نالم من أن هذه الظواهر تنتشر بسرعة في الجزائر، و الذي من خلال خبرته الخاصة شهد زيادة عدد مرضاه الصغار من 31 منذ عشر سنوات إلى أكثر من 400 في 2018، و التي تتراوح أعمارهم من 3 إلى 14 سنة. 

و حسبه فإن "الاستنتاج واضح"، داعيا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة ضد هذه الظواهر و"إنقاذ الأطفال" وذلك عن طريق الحد من الوقت الذي يقضونه أمام شاشات وعلى شبكة الانترنت. وقال إنه بالإضافة إلى محدودية الوصول إلى هذه المصادر فإن الرقابة الأبوية والتفاعل القوي مع الطفل يعد أمرا حتميا لإدراج الطفل في الحياة الاجتماعية و تدعيمه بقيم صائبة.

محمد الأمين. ب

 

من نفس القسم الوطن