الوطن

الدينار يحتاج لمراجعة في "القيمة" وليس "الرموز"

خبراء الاقتصاد يقللون من أهمية قرار بنك الجزائر تغيير الأوراق النقدية المتداولة ويؤكدون:

لالماس: الاستعجالي حاليا هو تحسين قيمة العملة الوطنية

رزيق: الحكومة تحاول امتصاص "الشكارة" بطريقة لا تشكل ضغطا على البنوك

 

أثار قرار بنك الجزائر إصدار أوراق نقدية جديدة الكثير من الجدل بين الخبراء الاقتصاديين، الذين قللوا من الهدف وراء هكذا إجراء، حيث اعتبروا أن الحكومة فضلت الذهاب نحو الشكل بدل معالجة محتوى المسألة النقدية التي تتمثل في مشكلة التضخم وتدني قيمة الدينار الجزائري، بينما أرجع بنك الجزائر الإجراء إلى اعتبارات تتعلق باهتراء العملة والرغبة في تجديد رموزها.

يترقب الجزائريون هذه الأيام إصدار أوراق نقدية جديدة من فئة 100 و500 و1000 دج كإجراء أرجعه بنك الجزائر لأسباب تتعلق بتجديد النقد المتداول حاليا بعد تدهور حالته، خاصة في شكله وألوانه والرموز التي يحملها، نظير الانتقادات التي دائما ما تواجهها العملة الوطنية التي تحوي أغلبها على رموز حيوانات، فضلا عن نوعية أوراقه، في وقت اعتبر الخبراء أن الهدف الحقيقي بعيد عن ذلك، منتقدين توجه الحكومة نحو الشكل وإهمال المحتوى والإشكالية النقدية التي تعرفها الجزائر منذ سنوات، والتي تسببت في انهيار تاريخي للعملة الوطنية بأكثر من 30 بالمائة في غضون 4 سنوات فقط، وكذا مشكلة التضخم التي ترتفع نسبها كل سنة مخلفة تدهورا في القدرة الشرائية وتآكلا في الأجور وارتفاعا صاروخيا في الأسعار.

 

لالماس: الاستعجالي حاليا هو تحسين قيمة العملة الوطنية عن طريق تحسين وضع الاقتصاد

 

وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي، إسماعيل لالماس، أمس، أن قرار تغيير الأوراق النقدية بشكل عام كان ضروريا نظرا للحالة الكارثية التي تعرفها الأوراق النقدية المتداولة في السوق، معتبرا أنه وبغض النظر عن أنه لا يتفق مع ما وضعه بنك الجزائر من أسباب ودوافع لتغيير هذه الأوراق، إلا أن الكل يتفق على أن حالة العملة الوطنية والرموز التي تحملها الأوراق النقدية في حاجة لمراجعة، لأن عامل اهتراء العملة الجزائرية، وإن كان لا يحمل في جوانبه الكثير من الأخطار على المستوى الاقتصادي للبلاد، إلا أنه وبأثر قوي يضرب سيادة وسمعة الدولة الجزائرية، فالأوراق النقدية الجزائرية تكاد تكون الأسوأ في العالم من حيث نوعيتها وجودتها.

ورغم ذلك، يضيف لالماس، فإن هذا لا يمنع أن الحكومة اتجهت نحو الشكل وأغفلت المحتوى، معتبرا أن العملة الوطنية تعاني وضعا صعبا كان يجب محاولة تجاوزه، لأن الاستعجالي حاليا هو تحسين قيمة العملة الوطنية عن طريق تحسين وضع الاقتصاد وليس تغيير الرموز، متسائلا إن كان الهدف من استبدل الأوراق النقدية هو امتصاص الكتلة النقدية الموجودة في السوق السوداء وإدخالها إلى النظام المصرفي، مضيفا أن هذا الهدف يتطلب آليات لتحقيقه، وليس مجرد تغيير العملة النقدية.

 

رزيق: الحكومة تحاول امتصاص "الشكارة" بطريقة لا تشكل حالة طوارئ وضغطا على البنوك

 

من جهته، رجح الخبير الاقتصادي، كمال رزيق، أن تغيير فئات من الأوراق النقدية المتداولة قد يكون طريقة غير مباشرة من أجل امتصاص الكتلة النقدية، مشيرا أن الأمر سيكون مجديا تدريجيا وعلى مدار عشر سنوات، لأن أصحاب الشكارة سيكونون مضطرين لإخراج مكتنزاتهم بالعملة القديمة على مدار السنوات المقبلة، بشكل لا يضع البنوك في ضغط كبير، وكذلك بشكل تستطيع من خلاله الحكومة التحكم في السيولة النقدية والتهريب وشراء العملة الصعبة والذهب والعقارات، وهو الأمر الذي إن تم في آجال قصيرة من خلال تغيير العملة أو فكرة حذف الأصفار، كما طرح خبراء سابقا، سيضر الاقتصاد الوطني ويخلق ندرة وحالة طوارئ في الأسواق.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن