الوطن
الجزائريون يستهلكون أدوية "كابة" مهربة، مغشوشة ودون فعالية...!
بسبب ندرة الأدوية التي يعرفها القطاع الصيدلاني منذ أكثر من 3 سنوات
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 نوفمبر 2018
فتحت ندرة الأدوية التي يعرفها القطاع الصيدلاني في الجزائر لأزيد من ثلاث سنوات متتالية، المجال أمام تسويق أدوية مشكوك فيها من طرف تجار "الكابة"، حيث بات الجزائريون لا يجدون بديلا سوى اقتناء الأدوية المهربة من بلدان شقيقة أو تلك التي تستورد عن طريق الكابة، وهو ما يجعلهم يقعون ضحايا احتيال لعصابات تروج أدوية دون فعالية وأخرى مغشوشة.
تشير تقارير أمنية أن كمية الأدوية المهربة المحجوزة على الحدود الشرقية والغربية وحتى الجنوبية تضاعفت 8 مرات تقريبا في الثلاث سنوات الأخيرة، والسبب هو الأرباح التي يجنيها المهربون الذين استغلوا ندرة أكثر من 250 دواء على مستوى الصيدليات لتنشيط سوق أدوية موازية، في حين وجه العديد من تجار الكابة نشاطهم من الألبسة ومواد التجميل للأدوية حيث باتوا يجلبون عشرات الأنواع من الأدوية من الخارج لبيعها بأسعار مضاعفة محليا، مستغلين حاجة المرضى لأنواع تعاني الندرة في الصيدليات.
والخطير أن نشاط عصابات التهريب هذه وتجار الكابة لا يخضع لأي رقابة، رغم أن هناك عشرات الإعلانات لبيع الأدوية من طرف أشخاص لا علاقة لهم بالصيدلية تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر مواقع الأنترنت، ما يعني أن الظاهرة موجودة وفي العلن وليس بطريقة سرية. غير أن وزارة الصحة لم تتحرك من أجل وضع حد لهذا النشاط الموازي.
• صيادلة: الأدوية المسوقة عبر قنوات غير رسمية إما غير فعالة أو مغشوشة
وفي هذا السياق، حذر العديد من الصيادلة الذين تحدثت معهم "الرائد" من الأدوية المهربة والتي تجلب عن طريق الكابة، مشيرين أنها تبقى أدوية مجهولة المصدر لأنها تسوق عبر قنوات غير رسمية.
وأكد لنا أحد الصيادلة أن الدواء مجهول المصدر أو الذي يسوق عبر قنوات تهريب، قد يؤدي إلى كوارث صحية بسبب مضاعفاته الخطيرة على الصحة العامة، مشيرا أن بعض الأدوية وفي غالب الأحيان تحتوي على مكونات كيميائية لا علاقة لها بالمادة الكيميائية التي يجب أن يتوفر عليها الدواء، كما لا تحتوي مستحضرات أخرى على أي مادة فعالة، وهو ما يترك المريض الذي يستخدمها فريسة الوهم بأنه يعالج مرضه ويعرضه لخطر تفاقم الحالة وتطورها إلى درجة أشد.
من جانب آخر، أكد الصيادلة أن عددا كبيرا من المرضى يفضّلون اقتناء الأدوية بالعملة الصعبة من الخارج لفاعليتها، خاصة بعد أن أصبحت الصيدليات تقتصر على بيع الأدوية الجنيسة، علما أنه في كثير من الأحيان يوصي الطبيب بعدم قبول الأدوية الجنيسة التي يقترحها عليهم الصيدلي واشتراط الأصلية منها، خاصة بالنسبة لبعض الأمراض المزمنة، غير أن الاحتيال أمر وارد من طرف بعض مستوردي الأدوية عن طريق الكابة، وهو ما تكون له انعكاسات جد سلبية على صحة المريض.
• بلعمري: ترويج واستيراد الأدوية بشكل غير قانوني انتعش بسبب أزمة ندرة الأدوية
وفي هذا الصدد، أكد رئيس نقابة الصيادلة، مسعود بلعمري، لـ"الرائد"، أمس، أن ظاهرة ترويج واستيراد الأدوية بشكل غير قانوني انتعشت في الثلاث سنوات الأخيرة بسبب أزمة ندرة الأدوية على مستوى الصيدليات، ومنع استيراد العديد من أنواع الأدوية، مشيرا أن الجزائريين باتوا يفضلون شراء الأدوية التي تجلب عن طريق الكابة بدل استهلاك أدوية جنيسة.
وقال بلعمري إن بعض التجار استغلوا الفرصة وأغرقوا السوق الجزائرية بأدوية غير مضمونة من حيث تركيبتها، مشيرا أن مصالح الجمارك تسجل من حين لآخر محاولات إدخال أدوية مجهولة الهوية، فيتم سحبها ومصادرتها، مؤكدا أن الكثير من الدول الإفريقية تعتبر بؤرة لصناعة الأدوية خارج الأطر العلمية والصحية.
وأوضح المتحدث أن نقابة الصيادلة لم تسجل أو تضبط حالات غش بمختلف الصيدليات الخاصة، لافتا إلى أن إنتاج الأدوية في الجزائر يسير بشكل جيد بالنظر إلى وجود حوالي 100 منتج على المستوى الوطني، غير أن ندرة بعض أنواع الأدوية لا تزال مستمرة وتستدعي تدخلا من طرف الوصاية.
• مرابط: الجزائر لا تملك جهازا لمراقبة الأدوية المنتجة محليا فما بالك بالمهربة...
من جهته، أكد رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة، إلياس مرابط، أمس، أن الصيادلة الجزائريين لا يتداولون أدوية مغشوشة لسبب أخلاقي، وأغلب الأدوية المغشوشة تباع خارج الصيدليات، مضيفا أن المنظومة الصحية والرقابية في الجزائر تعاني عجزا في مجال الرقابة على الأدوية المتداولة، حيث قال مرابط أنه إلى اليوم لا تتوفر الجزائر على جهاز رقابة قوي وقادر على التدقيق في التركيبات الكيميائية للأدوية التي تصرف للجزائريين من قبل الأطباء، فما بالك إذا تعلق الأمر بأدوية مهربة ومستوردة بطريقة غير قانونية.
ليضيف في السياق ذاته أن عدم تفعيل الوكالة الوطنية للدواء التي تم استحداثها بموجب مرسوم رئاسي سنة 2010، فسح المجال لظهور ممارسات غير قانونية، سواء في عملية استيراد الأدوية من الخارج أو تصنيعها محليا.
س. زموش