الثقافي
سيلا23: حقل النشر لا يميز بين المرأة والرجل
حضور ضئيل في النشر، منعدم في الطباعة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 10 نوفمبر 2018
أجمعت ناشرات يشاركن في الطبعة الـ 23 الصالون الدولي للكتاب (سيلا) الذي اختتمت فعالياته يوم أمس ان العمل في حقل النشر لا يميز بين الرجل والمرأة وان "جودة النص هي التي يفرض نفسها"، وأكدت ناشرات التقت بهم واج على هامش فعاليات سيلا " قبول كامل" لتواجد المرأة في هذا النشاط الذي "كان من قبل حكرا" على الرجال.
قالت نسيمة بلقندوز مديرة دار بوهيما للنشر بخصوص"موقع المرأة " في عالم النشر انه لا اختلاف من ناحية العمل بين المرآة والرجل لكن قد يكون "اختلاف من ناحية الحساسية"، وأضافت أن اختيارات النشر" لا تؤنث و لا تذكر" إنما النشر و المسؤولية نحو الأعمال المقترحة (...)."
لكن رغم القبول و تشابه ظروف العمل و مشاكله بالنسبة للجنسين إلا أن هناك "تباين طفيف" من ناحية الحساسية او "الميل" لمواضيع معينة تقول سامية زنادي التي تدير مع زوجها كريم الشيخ منشورات "ابيك" منذ 2003 رغم ان مؤسستهما" تبدي اهتماما معلنا بالكتابات والأدب الإفريقي وبمؤلفات الشباب إلا "انني شخصيا متضامنة مبدئيا مع كتابات المرأة ."
ونفس الاهتمام بكتابات المرأة تصرح به سميرة بن دريس التي ولجت عالم النشر بعد تجربة في الصحافة . "تجذبني الكتابات النسائية و أفضلها أحيانا مع أني مهووسة في الواقع بالكتابات التاريخية " تقول الناشرة.
أما بالنسبة لسلمى هلال التي تدير مع زوجها منشورات "البرزخ" التي تأسست في 2000 فالأمر قد يختلف نوعا ما لكونها تعمل مع زوجها كما قالت معتبرة انه يصعب عليها ان تلمس وجود الاختلاف من عدمه، وأضافت من جهة أخرى "اعتقد أن عالم النشر مؤمن" لان المتعاملين في هذا الحقل يفترض أنهم واعون و مثقفون."
• الحضور: ضئيل في النشر، منعدم في الطباعة=
إذا كانت المرأة قد فرضت وجودها في هذا الحقل رغم قلة نسبتها (1/20 فقط من مجموع الناشرين بالجزائر ) فهي غائبة في المهن الأخرى التي تدخل ضمن صناعة الكتاب كالطباعة، وتقول نسيمة بلقندوز في هذا سياق "إذا كان النشر يقبل بوجود المرأة فان المهن الأخرى رجالية بامتياز".
وتستشهد سمير بن دريس في هذا الصدد بتجربتها الشخصية قائلة " اشعر بالحرج عند وجودي بالمطبعة التي يعمل بها الرجال فقط و هذا الشعور نابع في الحقيقة من حرجهم لوجودي."
ومن بين المواضيع الأخرى التي طرحتها الناشرات في حديثهن عن العراقيل المهنية التي تعيق النشر اجمعن على أن مسالة التوزيع هي "الهاجس الأكبر" للنشر في الجزائر، كما أشارت الى عزوف المؤسسات العمومية لاسيما التربوية في اقتناء الكتب في ظل نقص فضاءات العرض خاصة مكتبات البيع التي مهمتها توفير الكتاب للقارئ على مدار السنة.
وأرجعت سلمى هلال أصل هذه المشاكل إلى احتكار القطاع العام للتوزيع من قبل وكذا تسير المكتبات إضافة إلى انعكاسات العشرية السوداء على هذا النشاط على غرار باقي قطاعات الثقافة الأخرى، وطرحت الناشرات بالمناسبة مشكلة الترجمة التي أصبحت جد مكلفة و" من الصعب على الناشر اليوم القيام بهذه المهمة المكملة لعمله".
وقد ثمنن من جهة اخرى المبادرات الشخصية و دور الجمعيات و جهود المقاهي الأدبية التي تحاول "التخفيف من النقص الناتج عن تقاعس التوزيع بفتح فضاءات بسيطة للناشرين للتواصل مع القراء "، وفي ظل هذه الوضعية المجحفة في حق الكتاب و الناشر تعتبر الناشرات صالون الكتاب الفضاء الوحيد الذي "يعطي فرصة الظهور للكتاب والتواصل مع القراء" كما أكدته سامية زنادي صاحبة دار "ابيك".
واعتبرت سلمى هلال ان هذه التظاهرة تسمح للناشر أيضا من "الاستفادة من الناحية المالية مباشرة بينما التعامل مع الموزعين يحتم عليه تقديم تخفيضات قد تصل الى 50 بالمائة".
• الكتاب الجامعي والأكاديمي يستهوي القرّاء المتخصصين
إلى ذلك أخذ الكتاب الجامعي والأكاديمي، مكانته المميزة في صالون الجزائر الدولي للكتاب الأخير وهي المكانة التي يحتلها استنادا إلى القيمة العلمية والمعرفية التي يحملها، ولأن الجامعة الجزائرية تضمُّ الآلاف من الطلبة عبر المراكز الجامعية المنتشرة عبر كامل ربوع الوطن، وفي جميع التخصصات، سارعت الكثير من دور النشر الجزائرية، وحتى العربية إلى بذل الاهتمام اللازم بالكتاب الجامعي، وهو ما لاحظه الزائر لمختلف أجنحة هذا الصالون.
ولا يمكن الحديث عن الكتاب الجامعي دون الحديث عن ديوان المطبوعات الجامعية، الذي يمثل أحد أهم أعمدة النشر الجامعي في الجزائر، حيث توزع منشوراته عبر كل جامعات الوطن، وفي كل الولايات.
يؤكد أحمد خروبة، ممثل جناح ديوان المطبوعات الجامعية في "سيلا 23" الذي اختتمت فعالياته يوم أمس أنّ الجناح استقبل 6 عناوين جديدة نزلت للتو من المطبعة، وهذا ما يُبيّن الأهمية التي يوليها الديوان لقرائه. ويضيف بأن الديوان يتعامل أولا مع الطالب الجامعي، الذي يمثل أساس العملية التعليمية الجامعية، ثم الأستاذ الجامعي، إلى أن ينتهي إلى الجامعة، وهو يعمل ضمن هذه الاستراتيجية منذ تأسيسه سنة 1975، وانطلاقته الفعلية في النشر سنة 1978 إلى يومنا هذا. أما عن الإقبال، فأكد أنّه يزداد من عام لآخر، كما أن اهتمام الديوان بنشر الكتاب الجامعي، لا يقتصر على تخصص بعينه، وإنما يمس كل التخصصات المعتمدة في الجامعة الجزائرية (طب، قانون، إعلام آلي، أدب، علم اجتماع، تاريخ..وغيرها)، وكتبه توزع في 48 ولاية، كما يوزع منشورات عبر كل الجامعات ونقاط البيع المخصصة للقارئ، غير الجامعي المتخصص.
أما دار نشر ألفا دوك، التي يوجد مقرها في ولاية قسنطينة، فتولي من جهتها أهمية بالغة للكتاب الجامعي، حيث يؤكد مديرها العام، الصادق بوربيع، بأن منشوراتها توزع عبر كامل الوطن، وقد قامت مؤسسته بنشر 40 عنوانا جديدا خلال هذا العام في تخصصات العلوم الإنسانية المختلفة، من الإدارة والاقتصاد والإعلام، إلى غير ذلك. ويضيف بأنهم يتعاملون على مستوى المؤسسة مع جميع الأساتذة الجامعيين، حيث تعرض الكتب المرشحة للنشر على لجنة قراءة متخصصة، وهي التي تقرّر صلاحية الكتاب للنشر من عدمه.
وقد قامت هذه الدار بطبع الكثير من الدراسات الأكاديمية، فضلا عن العديد من المؤلفات الأخرى، وهذا ما جعلها تستقطب جمهورا جامعيا متخصصا داخل الجزائر، كما أنها، ومنذ سنوات، دأبت على المشاركة في معارض الكتاب الدولية، حيث تعرض حاليا في الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، وقد سبق وأن عرضت في الأردن، كما ستعرض نهاية شهر نوفمبر الجاري في الدوحة القطرية. ويخلص صاحب هذه الدار إلى أن الإقبال على الكتاب الجامعي الجزائري، خارج أرض الوطن، كبير، وأن هناك تعطش من قبل المتخصصين والأكاديميين لمعرفة المزيد عن الدراسات التي تنشر في جامعاتنا من قبل الباحثين والأكاديميين الجزائريين.