الثقافي

"رحلة الوزير في افتكاك الأسير": الغساني مبعوثاً إلى إسبانيا

دخول المرأة للنبيطو هو بمثابة موتها، إذ لم يبق لها أرب في شيء من الدنيا

صدر كتاب "رحلة الوزير في افتكاك الأسير 1690-1691" لمحمد الغساني الأندلسي في عدة طبعات، لعل أبرزها التحقيق الذي قام به لنص الرحلة الباحث المغربي المتخصص في التاريخ، عبد الرحيم بنحادة، وتعود أهمية تحقيقه إلى تمكّنه من تاريخ المغرب في العصر الوسيط، زيادة على احترافيته وتخصصه وتمكنه من مادته.

والتحقيق الثاني هو للشاعر السوري نوري الجراح، وكتابه يحتوي على مقدمة مهمة وحواشٍ وشروحات تساعد في فهم أهمية هذه الرحلة التي قام بها "كاتب ديوان سلطاني" مغربي في سنة 1690 إلى إسبانيا، في عهد أقوى ملوك الدولة العلوية، السلطان مولاي إسماعيل، وذلك ليفاوض ملكها كارلوس الثاني لافتكاك أسر 500 من الأسرى المغاربة والأندلسيين يوجدون في السجون الإسبانية واسترجاع ذخيرة مهمة من الكتب مؤلفة من خمسة آلاف مخطوط إسلامي هي بمجملها مكتبة السلطان مولاي زيدان التي تعرضت للسطو على أيدي قراصنة إسبان، عندما كان البحارة المغاربة ينقلونها من مدينة آسفي إلى مدينة أغادير عبر البحر.بدون شك، فإن المفاوضات التي قادها، كما هو مبين في نص الرحلة ذاتها، قد انتهت إلى الفشل، فلا استطاع الإفراج عن الأسرى المغاربة ولا استرجع المكتبة الغنية بوثائقها، لكن المكسب الوحيد، هو الحصول على هذه الرحلة القيمة، التي تعتبر من بين أهم الرحلات وأقدمها، التي قام بها عربي إلى البلاد الأوروبية.

مسار رحلة الوزير الغساني، بدأ من مدنية مكناس عاصمة حكم السلطان المولى إسماعيل، ومرّ عبر جبل طارق فسبتة وقالص وسانت ماريا والبريجة ووصل إلى غرناطة فقرطبة ثم مر بمدينة طليطلة وختافي وحل بمدريد في ديسمبر من نفس السنة (1690)، ووصل إلى أرانخوس، وعاد إلى مدريد، ثم قفل راجعا إلى المغرب، عبر طليطلة، حيث انقطعت أخبار الرحلة.تحبل رحلة الغساني بالكثير من الأخبار والمواد التاريخية والمعلومات المهمة جغرافيا وثقافيا، وتوقف عن التقاليد والعادات الإسبانية المسيحية، ومن ذلك وصفه للراهبات في مدينة لينارس القريبة من مدينة اندوخر، وقد وثق مشاهداته لـ الكنبيطوا، أو الدير، في زيارة نقتطف منها وصفه الدقيق للرباهبات وطرق عملهن وآدابهن وصرامتهن في الدير.

ويستطرد في وصف سلوك الراهبات، وفي إقدام بعض الآباء على تسليم بناتهم للدير من أجل التعلم والحصول على تربية جيدة، وهؤلاء الفتيات، غالبا ما يكن بلباس مختلف حتى إذا بلغن، جرى سحبهن من الدير وتزويجهن.

 

من نفس القسم الثقافي