الثقافي
الباحث الجزائري مهورباشة يدعو إلى تأسيس علم العمران الإسلامي
في كتاب صدر حديثا له عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 27 أكتوبر 2018
صدر مؤخرا للباحث والدكتور عبد الحليم مهورباشة مؤخرا، عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي، كتاب جدي بعنوان ”علم الاجتماع في العالم العربي من النقد إلى التأسيس، نحو علم العمران الإسلامي”، في مسعى تأصيلي لتبيئة علم الاجتماع في الثقافة العربية، حيث عمد المؤلف في كتابه الذي يغطي 352 صفحة من الحجم المتوسط، إلى استعراض مسيرة علم الاجتماع والمراحل التي خاضها منظرو الفكر العربي الإسلامي، في استثمار هذا التخصص المعرفي المهم بعيدا عن المجال التداولي الغربي.
وجاء في مقدمة العمل التي كتبها عبد القادر قلاتي قوله: ”رغم كل ما قدمه علماء الفلسفة والاجتماع في العالم العربي من جهود لتبيئة علم الاجتماع في المشهد الفكري والثقافي العربي، إلا أن هذه الجهود لم تصل بعد إلى رسم معالم واضحة لعلم اجتماع عربي إسلامي يعي خصوصيات البيئة التي يتحرك فيها، بعيدا عن محاولات إسقاط المفاهيم والآليات الغربية”.
وأشار مقدم الكتاب إلى أن الباحث توقف عند الدراسات ”التأصيلية لعلم الاجتماع كأحد فروع العلوم الاجتماعية”، خصوصا الدراسات التي اتخذت ”من إسلامية المعرفة إطارا إبستيمولوجيا لعملية التأصيل، في ضوء التصور الإسلامي للإنسان والمجتمع والوجود، بتوليد نموذج معرفي من الرؤية الإسلامية للعالم، تلك الرؤية التي يكون الوحي الرباني مصدرا لها، وهي تمثل أساسا كامنا للنموذج المعرفي وقاعدة يؤسس عليها. وانطلاقا من النموذج المعرفي الإسلامي الكلي، تتم صياغة نماذج معرفية فرعية، تختص بالحقول المعرفية المختلفة، وتستمد من النموذج الأصلي المقولاتِ المعرفيةَ المركزية”.
وأكد المؤلف حقيقة يلمسها كل باحث جاد، وهي أن العلوم الاجتماعية تعيش في العالم العربي أزمة حقيقية مما هو مرتبط بوضعية هذه العلوم، بوصفها تخصصات معرفية تُدرّس في الجامعات العربية، فالكثير من التقارير والأبحاث تؤكد أنها تعاني من ضعف على مستوى الممارسات البحثية، كنتيجة لعوامل ترتبط بالظروف التاريخية التي نشأت فيها هذه العلوم؛ إذْ أسسها الاستعمار في أغلب البلدان العربية، كمصر والجزائر والمغرب وسوريا ولبنان وتونس، لكي تساهم أبحاثها في دراسة البنية الذهنية لهذه المجتمعات مع التحكم فيها واستغلالها.
ويطرح المؤلف أزمة علم الاجتماع من زاوية التبعية المعرفية للحقل الغربي؛ أي أنها أزمة إبستيمولوجية في أساسها، وليست أزمة أكاديمية فقط، ”فهذه الأخيرة، انعكاس للأولى، وإذا كان علم الاجتماع الغربي ولد في سياق تاريخي اجتماعي مغاير، كان لحركة التنوير والثورات السياسية والتطور الاقتصادي دور مهمٌ في نشأته وتطوره عبر عقود من الزمن. ولو ألقينا نظرة على نشأة علم الاجتماع في العالم العربي، نلاحظ أنها لم تكن خاضعة لضوابط معرفية وقواعد منهجية صارمة، إذ يرى بعض الباحثين أن علم الاجتماع في العالم العربي، يفتقد إلى الطرح الاستشكالي للقضايا الاجتماعية، بمعنى أنه لم ينطلق من فرضية معرفية محددة ذات معنى، وهذا ما يشعر به جميع الذين يتعاطون هذا العلم”.
فالكثير من الكتاب العرب المتخصصين في علم الاجتماع، ”يكرسون أوقاتا ثمينة، وجهودا طائلة لإثبات نظريات واتجاهات، وُلدت وترعرعت في مجتمعات أخرى وفي ظروف مغايرة، فيسعون إلى إسقاط تلك المفاهيم على واقع المجتمعات العربية؛ مما يؤدي إلى طمس الواقع وتشويهه بدلا من توليد معارف حوله”.
هذا وحاول الباحث الاستفادة والاستئناس بآراء مفكرين عرب في عملية التأسيس المعرفي لعلم العمران الإسلامي، كطرح أبي الفضل عن النظرية التوحيدية، ودراسة حسن بريمة عن النموذج المعرفي والظاهرة الاجتماعية، ودراسة رشيد ميموني عن البعد الاجتماعي في القرآن الكريم، وفلسفة العلوم الاجتماعية عند أبو القاسم الحاج حمد.
فريدة. س