الثقافي

"التقشّف" لـ مارك بليث: علاج بأدوية خطرة

يحاجج الكاتب أن التقشف لم ينجز مرة واحدة ما وعد به

شهد العالم بين 2007 و2008 موجة أزمات ماليّة، أدت إلى اضطراب سوق السندات الأوروبيّة، وزعزعة عملة اليورو، في حين شهدت لندن إحدى أكبر العواصم المالية في العالم أعمال شغب امتدّت لبقية البلاد، ومن ثم إلى أميركا عبر "حركة احتلوا" (occupy movement). وكان دافع هذه الاحتجاجات الشعور بعدم الرضا من توزيع الدخول خلال العشرين سنة الماضية.اقترحت "مجموعة العشرين" اتخاذ تدابير للخروج من هذه الأزمة، وكان منها التقشف، إلّا أن الاقتصادي الاسكتلندي مارك بليث (1967) في كتابه "التقشف.. تاريخ فكرة خطرة" (الصادرة ترجمته العربية مؤخراً بتوقيع عبد الرحمن أياس، عن سلسلة "عالم المعرفة" الكويتية) يرى أن التقشف ما هو إلّا قيام الصغار بالدفع بدلاً عن المصرفيين والقطاع الخاص، أساس هذه الأزمة المالية.

بعد انتهاء اجتماع "مجموعة العشرين" في تورنتو في حزيران/ يونيو 2010، حيث كانت الأزمة المالية مدار بحث الاجتماع، صدر بيان من قبل المجموعة يوصي بإنهاء "الإنفاق الإنعاشيّ" واعتماد التقشف كضرورة للتخلّص من الأزمة المالية العالمية.

يُعرّف التقشف بأنه تقليص طوعي للنفقات العامة عبر تخفيض الرواتب والأسعار والإنفاق العام، في حين يكون الإنفاق على الجانب الآخر من هذه السياسة، كصرف على المواطنين والبنية التحتية تقوم به الدولة. يسخر بليث من مصطلح "إنهاء الإنفاق الإنعاشيّ" الوارد في البيان، ويقول إنه من الضروري نقد هذا النهج، أو "هذا الهراء" المتعلق بالتقشف.ولم يطل الأمر ببليث طويلاً حتى خرج عام 2013 بكتاب حاول فيه شرحَ كيف لم ينجح التقشف باعتباره طريقاً إلى النموّ والاستجابة السليمة لتداعيات الأزمة المالية، والتي أوصى بيان المجموعة باتباعه. ترى "مجموعة العشرين" أن سبب الأزمة المالية العالمية يكمن في "أزمة الديون السياديّة"، وللخروج من هذه الأزمة تقترح اتباع نهج التقشف أو إيقاف الإنفاق، في حين يعتقد بليث أن الأزمة لم تبدأ في الحقيقة إلا "مع المصارف، وستنتهي مع المصارف"، وأن هناك عملاً سياسياً يدفع إلى الاعتقاد بأن الدول سبب الأزمة، وكل ذلك لكي لا يضطر مسبّبو الإفلاس – المصرفيون – إلى دفع ثمنه، حيث "ليس التقشف مجرد ثمن إنقاذ المصارف. إنه الثمن الذي تريد المصارف أن يدفعه طرف آخر".

 

من نفس القسم الثقافي