الوطن

ارتفاع أسعار النفط... أريحية للحكومة والجزائريون يكابدون نفس ظروف الأزمة!

المواطن الذي كان ضحية لانخفاض أسعار النفط هل يستفيد عندما ترتفع؟

لالماس: لا الاقتصاد ولا الجزائريون استفادوا يوما من ارتفاع أسعار النفط

 

تشهد أسعار النفط، في الأشهر الأخيرة، تحسنا مطمئنا، حيث ارتفعت لأكثر من الضعف على ما كانت عليه وقت الأزمة، وهو ما طرح العديد من التساؤلات لدى الخبراء الاقتصاديين وحتى المواطنين بخصوص ما إذا ما كانت الحكومة ستراجع خطابها وتعيد النظر في سياساتها التقشفية التي دفع المواطن ثمنها، أم أن المرحلة تقتضي تغيير الذهنيات وعدم الاعتماد على أسعار النفط حتى وإن تحسنت ليبقى المواطن في هذه الحالة بعيدا عن أي حسابات.

وقد حققت أسعار النفط مكاسب كبيرة خلال الأشهر الأخيرة، حيث ارتفعت إلى مستويات لم تصلها منذ أزيد من 4 سنوات، ووصلت إلى حدود 85 دولارا للبرميل بعدما كانت في حدود الثلاثين دولارا للبرميل في 2016.

وهي مكاسب ساهمت في تقليص العجز المالي الذي كانت تعاني منه الموازنة العامة ووضعت الاقتصاد الوطني والحكومة في نوع من الأريحية.

بالمقابل لم يتغير شيء بالنسبة للمواطن حيث لا يزال هذا الأخير يعاني من مخلفات وآثار التقشف على أكثر من صعيد، خاصة مع استمرار تهاوي قيمة العملة الوطنية والغلاء الذي مس كل شيء مع تدهور القدرة الشرائية وبقاء الأجور ثابتة، ومنع الاستيراد وغلق كل سبل التوظيف، وهو ما جعل المتتبعين للشأن الاقتصادي يعلقون أن الحكومة في السابق عندما اتخذت العديد من الإجراءات، منها زيادة الضرائب ومنع التوظيف والاستيراد وخفض حجم التحويلات الاجتماعية، اتخذت أسعار النفط والعجز الحاصل في الميزانية مبررا لمواجهة الانتقادات التي طالت قراراتها تلك.

فهل المستوى الذي وصلت إليه أسعار النفط كاف لمراجعة الحكومة سياستها تجاه الفئات الهشة من المجتمع والتي كانت ضحية التقشف؟ غير أن السؤال يجيب عنه الخبراء الاقتصاديون الذين أكدوا أن ارتفاع أسعار النفط لا يمكنه أن يمحي آثار الأزمة بشكل نهائي، على الأقل في الوقت الحالي وبمستوى الأسعار الحالية، بغض النظر ذن بقاء الاعتماد على أسعار النفط لتحقيق الرفاه للمواطن هو أصلا استراتيجية فاشلة يبقي الاقتصاد الوطني رهينة لتطورات أسعار النفط.

 

لالماس: لا الاقتصاد ولا الجزائريون استفادوا يوما من ارتفاع أسعار النفط

 

وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي، إسماعيل لالماس في تصريح لـ"الرائد"، أمس، أنه لا يمكن الوثوق في أسعار النفط حاليا حتى وإن ارتفعت إلى مستويات مطمئنة، مشيرا أن سعر البترول في السوق الدولية غير مستقر، حيث يشهد منذ سنوات تذبذبا راجعا لعدة عوامل معروفة وأحيانا غير مفهومة، لكن المؤكد أن هذا الارتفاع الذي وصل إلى حدود 85 دولارا للبرميل مؤخرا يعتبر تطورا إيجابيا نوعا ما على الاقتصاد الوطني، وينتظر أن يساهم هذا المعطى في التقليل من عجز الخزينة العمومية، مضيفا أن قانون المالية لسنة 2018 مبني على أساس سعر مرجعي للبترول يعادل 50 دولارا للبرميل، وكل دولار إضافي تربحه الخزينة يضخ في غضون سنة ما بين 500 و600 مليون دولار، وبالتالي فإنه بمعدل 10 دولارات إضافية في السعر ستضخ في خزينة الدولة 5 أو 6 مليارات دولار، لكن بالمقابل قال لالماس أن تطور الاقتصاد يجب ألا يكون مرتبطا بسعر البترول، وهو ما عشناه في سنوات البحبوحة. فرغم أن سعر البرميل من النفط وصل إلى 140 مليار دولار إلا أن هذه الزيادة لم تخدم الاقتصاد الوطني بسبب سوء التسيير وانعدام الرؤية المستقبلية، وبالتالي فإن انخفاض أو ارتفاع سعر برميل البترول إن لم يكن متبوعا بحلول جذرية من شأنها تحرير الاقتصاد والخروج من التبعية فلن يتحقق الهدف المسطر.

أما بالنسبة للمواطن، فقد أشار لالماس أن هذا الأخير كان ضحية انخفاض أسعار النفط، حيث تم اتخاذ إجراءات دمرت القدرة الشرائية لمعظم الجزائريين وعالجت الحكومة الأزمة بأزمة أخرى، معتبرا أنه من المستبعد أن يتم اتخاذ إجراءات لتحسين هذه القدرة الشرائية ووضعية المواطن بصفة عامة بعد ارتفاع أسعار النفط، وحتى وإن تم اتخاذ بعض الإجراءات فإن وضعية الجزائريين لن تتغير بشكل جذري، فأسعار النفط التي وصلت في السابق لـ150 دولار للبرميل لم تغير شيئا في دخل الفرد الجزائري الذي يعاني منذ سنوات من أوضاع صعبة، ليختم بالقول أن الجزائريين يدفعون الثمن في حال انخفضت أسعار النفط ولم يستفيدوا يوما من ارتفاعها.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن