الوطن

الدينار يواصل منحاه التنازلي...

مقابل ارتفاع في العملات بسبب قلة عرض في الأسواق السوداء

لالماس: طبع الدينار ضاعف من تهاوي قيمته

بنوك وباعة يحتكرون الفئات الكبيرة من الأورو والدولار لزبائن خاصين

 

تعرف أسعار العملات الأجنبية ارتفاعا متزايدا في السوق السوداء مقابل استمرار انهيار العملة الوطنية التي فقدت، حسب خبراء، أكثر من 40 بالمائة من قيمتها خلال الأربع سنوات الأخيرة، بفعل انخفاض أسعار النفط والأزمة الاقتصادية، وهو ما أسفر عن ارتفاع صاروخي في الأسعار وانهيار في القدرة الشرائية.

وقد بلغت أسعار الأورو مؤخرا مستويات قياسية، حيث تجاوزت الـ 213 دينار في أغلب ولايات الوطن وعلى رأسها العاصمة، وبسوق السكوار كان الارتفاع كبيرا ومفاجئا، حيث لم يكن يتجاوز الأورو منذ أسابيع حدود 20 ألف دينار مقابل 100 أورو، ليقفز إلى 21300 دينار جزائري، في حين بلغ سعر صرف الدولار 183 دينار للشراء، و181 دينار للبيع، وهو ارتفاع كبير يشير إلى تدهور متزايد للعملة الوطنية.

وقد فسر بعض تجار السكوار هذا الارتفاع بنقص العرض بشكل كبير، مشيرين أن هناك بارونات تحاول تقليل العرض من أجل إبقاء أسعار العملات مرتفعا حتى في الفترات التي تعتبر خارج فترات الدروة، على اعتبار أن مواسم الحج والصيف والعطل قد انقضت، وهي المناسبات التي يتزامن معها ارتفاع الطلب على العملة الأجنبية. من جانب آخر وحول الإقبال، أكد باعة السكوار أن الإقبال على العملة الصعبة بات مرتفعا طيلة السنة من طرف الراغبين في العلاج بالخارج، تجار الكابة وكذا المستوردين، مشيرين أن العرض هو الذي يرتفع في فترات وينخفض في فترات أخرى، ليؤكدوا أنه مع انقضاء فصل الصيف وعودة المغتربين إلى بلدان إقامتهم ينخفض العرض بشكل ملحوظ الفترة الأخيرة.

 

بنوك وباعة يحتكرون الفئات الكبيرة من الأورو والدولار لزبائن خاصين

 

من جانب آخر، وبعيدا عن الارتفاع في أسعار العملة الأجنبية، تعرف أسواق العملة نقصا في تداول الأوراق النقدية من فئات كبيرة، حيث أكد العديد من رواد السكوار، لـ"الرائد"، أن الباعة باتوا يتعاملون بفئات أوراق نقدية ذات 5 و10 و20 و50 أورو، ويحتفظون بالفئات الأكبر، وهو نفس ما ينطبق على البنوك، حيث اشتكى العديد من زبائن هذه البنوك أثناء سحب مبالغهم المالية من العملة الصعبة من دفع القابضين بالبنوك أوراقا كثيرة من فئة 20 و50 أورو، حتى ولو تعلق الأمر بمبلغ كبير قد يتجاوز 1000 أورو، وكأن الأمر يتعلق بالتخلّص من الأوراق النقدية ذات القيمة الأقل من 50 أورو للزبائن العاديين، رغم أن مسؤولي البنوك يؤكدون أن هذه الفئات هي المتوفرة فقط، غير أن البعض فسر ذلك بكون الفئات النقدية الكبرى جدّ مطلوبة بالسوق السوداء والوكالات البنكية، وأغلب زبائن السوقين سواء الرسمية أو السوداء يفضلون الفئات النقدية ذات القيمة الكبيرة وهو ما يجعل هذه الأخيرة تصرف بالمعريفة.

 

لالماس: طبع الدينار ضاعف من تهاوي قيمته

 

وعن الموضوع، أكد الخبير الاقتصادي، إسماعيل لالماس، لـ"الرائد"، أمس، أن مواصلة انهيار قيمة العملة الوطنية هو أمر متوقع بسبب استمرار الحكومة في طبع الكتلة النقدية بقيمة تفوق تلك التي أعلنت عنها، مشيرا أن ذلك جعل الدينار يواصل انهياره رغم تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية، منها ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير مقارنة بـ2015 و2016. وقال لالماس إن قيمة الدينار الوطني انهارت بأكثر من 40 بالمائة خلال الأربع سنوات الأخيرة، وهو ما أدى لإضعاف الاقتصاد الوطني.

من جانب آخر، توقع لالماس أن يتسبب المنحى التنازلي للعملة الوطنية في نزيف أكبر لاحتياطي الصرف، لأن استمرار انهيار الدينار مقابل ارتفاع صاروخي لباقي العملات الأجنبية سيجبر الحكومة على الاستنجاد باحتياطي الصرف من العملة الصعبة التي تملكها الجزائر لاستيراد المواد الاستهلاكية من الخارج، وهو ما سيؤدي في الأخير إلى تراجع المخزون الاحتياطي.

كما تحدث لالماس عن تأثير انهيار الدينار على القدرة الشرائية، معتبرا أن الدينار والقدرة الشرائية يسيران في منحى واحد، ما يعني أن المواطن هو وحده من يدفع ثمن هذا الانهيار.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن