الوطن

"الطريق العام" يتعرض للخوصصة من طرف أصحاب فيلات؟!

باتوا يحاصرون محيط منازلهم بالحواجز الإسمنتية والسلاسل لمنع أصحاب المركبات من الركن

حوّل أغلب أصحاب الفيلات والسكنات الفردية في الطوابق السفلى محيط منازلهم إلى ملكية خاصة‌، حيث لا يجد هؤلاء حرجا في إحاطة هذه المساحات التي من المفروض أنها مساحات عمومية مشتركة بالحجارة والسلاسل والحواجز الإسمنتية وحتى المزهريات الكبيرة، فقط لمنع أصحاب المركبات من ركن سياراتهم وكأن هؤلاء اشتروا المنزل والطريق العام، في ظل غياب الرقابة وقوة القانون التي تحمي هذا الأخير من محاولات الخوصصة هذه.

وقد باتت المساحات المحيطة بالسكنات الخاصة والفيلات في المدن الكبرى عبارة عن مناطق محرمة، محاصرة بالحجارة والحواجز الإسمنتية والسلاسل الحديدية وحتى المزهريات الكبيرة، حيث لا يتورع الكثير من المواطنين في احتكار وخوصصة هذه المساحات التي تعد مساحات عمومية مشتركة ومنع الآخرين من حقهم في استعمالها، في ظل تغاضي السلطات المحلية وحتى الأمنية عن القيام بواجبها تجاه المواطن.

والمتجول في أحياء الأبيار، بن عكنون، القبة، حيدرة، جسر قسنطينة وأغلب بلديات العاصمة يلاحظ "المتاريس" والقوالب الإسمنتية وحتى القطع الحديدية في محيط الكثير من البيوت، لمنع ليس فقط الغرباء عن الحي من الاقتراب من المكان، بل وحتى أبناء الحي، بأي وسيلة، حتى وإن كانت السيارات لا تعيق مرآب صاحب البيت.

وتخلق هذه التصرفات في الكثير من المرات صراعات وشجارات بين الجيران وأبناء الحي الواحد. ولا يقتصر هذا التصرف على الجانب المتعلق بحماية البيت، فالكثير من هذه التجاوزات تتسم بالمزاجية وأخرى كيدية.

 

يخرّبون سيارات المواطنين ويعتدون على كل من يركن أمام منزلهم

 

ولأن أكبر معضلة تواجهها المدن الجزائرية هي غياب حظائر توقف السيارات، فإن هذه الممارسات المنافية للقانون من طرف أصحاب الفيلات والسكنات الفردية باتت تعمق من معاناة المواطنين، خاصة الموظفين منهم من أجل الحصول على مكان آمن لركن سياراتهم، فالظفر بمكان لركن السيارة قرب الفيلات وحتى العمارات المتواجدة بأغلب الأحياء أشبه بمهمة مستحيلة، ولا يقتصر هذا السلوك على أصحاب الفيلات وسكان الأحياء الراقية، فالعدوى انتقلت أيضا إلى الأحياء الشعبية، مثل باش جراح وبلوزداد وباب الوادي، والأخطر أن كل من يركن سيارته أمام أماكن باتت محتكرة من أصحاب الفيلات بات يتعرض إما لتخريب سياراته أو لاعتداءات من طرف أصحاب المنزل، كما أن المعيقات التي يضعها هؤلاء الأشخاص أمام منازلهم تشكل خطرا وتتسبب في أضرار للمركبات تصل إلى درجة تمزيق الإطارات المطاطية وحتى الإضرار بهياكل السيارات والدراجات النارية، وقد تلحق أضرارا ببعض المارة وكبار السن وفئة الأطفال.

 

تجار يحتلون أجزاء مهمة من الطرقات العامة ويحتكرونها لصالح زبائنهم

 

من جانب آخر، فإن الظاهرة ليست مقتصرة على أصحاب الفيلات والسكنات فحتى أصحاب المحلات التجارية باتوا يحتلون أجزاء مهمة من الطرقات العامة ويحتكرونها لصالحهم ويتعمدون نصب حواجز معدنية وحتى إسمنتية وحتى وضع كراس وصناديق خشبية من أجل تضييق الهوامش والأماكن الواقعة على أطراف الطرقات بنيّة واضحة، وهي عرقلة أي شخص تدفعه الحاجة والضرورة إلى ركن مركبته بمحاذاة تلك المحلات، بداعي إتاحة الفرصة وتمكين ‌''زبائنهم'' من التوقف السلس، وتبقى تلك المساحات محجوزة على مدار الساعة، حتى ولو لم يظفر هؤلاء بزبائن. والأدهى أن هذه الممارسات تتم أمام مقرات رسمية وعلى مقربة من مصالح البلديات والدوائر، وبعضها محاذٍ لمقرات فرق الدرك الوطني والأمن، ويتم ذلك في شكل مخالف تماما للإجراءات الإدارية التي تقتضي من أصحاب الأنشطة والمكاتب والمحلات طلب ترخيص من مصالح البلديات من أجل تخصيص أماكن للركن، ويتم تعليمها بإشارات مطابقة للقانون، ويدفعون مقابل تلك التخصيصات مبالغ مالية لفائدة خزينة البلدية، وتكون تلك الإجراءات غير مضرة بحق المواطنين في الفضاءات العمومية.

دنيا. ع

 

من نفس القسم الوطن