الثقافي

"الشعر الملحون".. في دائرة البحث العلمي

التأكيد على أهمية تدوين التراث الشفهي الملحون بطريقة علمية ومنظمة

لا تزال تداعيات خطّة التقشف التي طالت معظم الفعاليات الثقافية في الجزائر في الأعوام الثلاثة الماضية تتوالى إلى اليوم، حيث يضطر منظّموها إلى تقليص عدد المشاركين؛ ومنها "المهرجان الوطني للشعر الملحون – سيدي لخضر بن خلوف"، الذي اختتمت فعالياته مؤخرا مدينة مستغانم، التظاهرة التي حافظت على موعد انطلاقتها منذ تأسيسها، تأخّرت هذا العام حوالي شهر كامل. لكن، وفي الوقت نفسه باتت تتطلّع إلى إبرز حضور نوعي على حساب الكم؛ من خلال التحوّل من تظاهرة روحية إلى ملتقى علمي يفتح المجال أمام البحث العلمي والأكاديمي.

يشير محافظ المهرجان، عبد القادر بن دعماش، في حديثه إلى وسائل الإعلام إلى أن "العمل الثقافي والميداني لا يحتاج إلى إمكانات مادية بقدر حاجته إلى الإرادة والقوة الفكرية والمعرفية التي تساهم في نفض الغبار على الأدب الشعبي، باعتباره خزاناً كبيراً للعلم والمعرفة والتاريخ.

وتضمّن البرنامج ملتقى وطنياً تحت شعار "من الذاكرة إلى المذاكرة" بمشاركة أكاديميّين وباحثين متخصّصين، تناول محاور عدّة منها الملحون الجزائري والملحون المغربي، والشعر الشعبي بين النقد والتصحيح والتوجيه، والملحون وقراءته بأبعاد النص، والملحون وإلياذة هوميروس، والجفريات والوقتيات.

واختتمت التظاهرة بعدد من التوصيات التي تهدف إلى إخراج التراث الوطني غير المادي من الطابع الشفهي أو المسموع إلى الشكل المكتوب والمطبوع بطريقة علمية ودقيقة.

كما سيصدر كتاب بتأليف جماعي يتضمّن أعمال "الملتقى الوطني للشعر الملحون"، الذي انعقد العام الماضي تحت شعار "الشعر الملحون: شعر حي"، وكرمت الدورة الجديدة الشيخ الجيلالي بن صبان (1906 - 2005) "نظير مساهماته في الحفاظ على التراث الوطني والهوية والشخصية الجزائرية"، بحسب المنظّمين، كما يُعرض فيلم وثائقي حول سيرة حياته وأعماله الفنية ضمن الطابع البدوي الوهراني.

هذا وأكد مشاركون في الملتقى الوطني للشعر الملحون على أهمية تدوين التراث الشفهي الملحون  

بطريقة علمية ومنظمة، ودعا رئيس الرابطة الوطنية للأدب الشعبي, عمر بوعزيز, إلى "التفكير الجاد  والعميق والعاجل في إنقاذ ما بقي من التراث الجزائري سواء في شكل ورقي أو  الكتروني خاصة أن الشعر الملحون يعتبر جزء أساسي من هويتنا الوطنية". 

وأوضح نفس المتحدث أن "الموروث الشفهي بحاجة اليوم إلى جمع وتصنيف وتدوين  يبدأ بتحديد المفاهيم وعلاقة هذا التراث العامي بالأدب الفصيح وبالتخصصات  العلمية كالتاريخ وعلم الاجتماع قبل المرور إلى مرحلة التدقيق والتحقيق التي  تمكن الباحثين من الوصول إلى النصوص الأصلية." 

ومن جهته أبرز الباحث في التراث خالد شهلال ياسين من مستغانم أن "عملية تدوين  الشعر الملحون تواجه صعوبة تحديد المصطلحات والاختلافات الموجودة بين الملحون  كأغنية والملحون كنص أدبي فضلا عن تناقض مضمون النصوص الشعرية المسموعة مع  الأبحاث العلمية والأكاديمية." 

وذكر أن "هناك مصطلحات متداولة وأخرى متفق عليها ومصطلحات صحيحة وغير مستعملة  في الكتابات العلمية ومصطلحات دخيلة لا علاقة لها بالشعر الملحون الأمر الذي  يتطلب جهد علمي منظم لترسيم مصطلحات الملحون الجزائري". 

كما رافع الباحث في التاريخ , عمار بلخوجة (تيارت)ئ من أجل القيام بعملية  إحصاء عاجلة لكل حفاظ النص الأدبي الشعبي وإنشاء مؤسسة تساهم في الحفاظ على كل  التعبيرات الشفهية وحمايتها من النسيان.، وأكد بلخوجة على دور المدرسة والجامعة في تقريب وتشجيع الناشئة  والأجيال الجديدة على حب وتذوق الثقافة الشعبية الجزائرية بمختلف مكوناتها. 

مريم. ع

 

من نفس القسم الثقافي