الوطن

جزائريون يبيعون ممتلكاتهم للعلاج بالخارج؟!

باتوا لا يثقون في العلاج المجاني الذي تضمنه المستشفيات الجزائرية

تونس وتركيا والأردن يتنافسون على "المريض" الجزائري

 

لم يعد العلاج في الخارج حكرا على المسؤولين وأصحاب الشكارة فقط، حيث تشير إحصائيات غير رسمية لهروب أكثر من نصف مليون جزائري سنويا لمستشفيات تونس والأردن وفرنسا وحتى كندا للعلاج، بعدما فقدت الثقة في المنظومة الصحية بالجزائر، وهو ما استغلته المنشآت والعيادات الصحية في عدد من دول الجوار لبدء تبني سياسة تسويقية تهدف لاستقطاب المريض الجزائري، هذا الأخير الذي بات يفضل بيع ممتلكاته لتوفير تكلفة العلاج بالخارج.

 

تونس وتركيا والأردن يتنافسون على "المريض" الجزائري

 

دفع تدني الخدمات الصحية وسوء التكوين والتنظيم عبر أغلب المؤسسات الاستشفائية بالآلاف من الجزائريين إلى السفر للخارج، بحثا عن العلاج، حيث لم يصبح العلاج في الخارج حكرا على أصحاب الشكارة والمسؤولين فقط، فحتى المواطنون العاديون إذا اضطر الأمر يبيعون ممتلكاتهم في سيبل توفير نفقات العلاج في تونس أو تركيا أو الأردن، هروبا من المعاناة والطوابير التي تسجل في المستشفيات الجزائرية رغم الملايير التي تصرف.

وقد استغلت العيادات في هذه البلدان على وجه الخصوص حاجة الجزائريين لتكفل صحي نوعي، وبدأت سياسة تسويقية لاستقطاب المريض الجزائري، على غرار الجارة تونس التي تعمل مختلف عيادتها الخاصة على الترويج عبر قنوات خاصة جزائرية لخدماتها الصحية، خاصة تلك القريبة من الحدود الجزائرية التونسية.

وتركز السلطات التونسية والفاعلون في المجال الصحي على استقطاب عدد أكبر من المرضى الجزائريين مع وجود مساع لدى مؤسسات استشفائية تونسية خاصة لإبرام اتفاقيات تعاون مع مصحات جزائرية لتبادل الخبرات والتكوين وفتح مكاتب اتصال في الجزائر، لتسهيل عملية التواصل مع المعنيين.

وليس فقط تونس التي ترى في الجزائري زبونا مهما لعايداتها الخاصة، فحتى تركيا تعمل على استقطاب الجزائريين للعلاج هناك، حيث تعمل السلطات الطبية على تسهيل الإجراءات للمرضى الجزائريين.

وتحدث المسؤولون بالمستشفيات هناك أكثر من مرة عن إجراءات جديدة لفائدة المرضى الجزائريين، تتعلق أساسا بتسهيل حصولهم على الفيزا، معلنين عن استحداث الفيزا التركية الطبية قريبا بالتشاور مع السفارة التركية، في حين تعمل السلطات الأردنية على إدراج التعاون في المجال الصحي في صلب المساعي لتقوية العلاقات بين البلدين. حيث تحاول هذه الأخيرة الترويج للأردن كوجهة طبية بامتياز مع خدمات استشفائية استثنائية في العديد من التخصصات.

 

أكثر من 30 بالمائة من سكان المناطق الحدودية الشرقية يعالجون في تونس

 

وعن الموضوع، أكد الأمين العام للمنظمة الوطنية لضحايا الأخطاء الطبية، أبو بكر محيي الدين، أن آلاف الجزائريين باتوا لا يثقون في المستشفيات المحلية، وهو ما يدفعهم للعلاج بالخارج، كاشفا أن أكثر من 30 بالمائة من سكان المناطق الحدودية الشرقية يعالجون في العيادات الخاصة التونسية، بعدما باتت هذه الأخيرة تضع الجزائري في أولوية سياستها التسويقية.

وعبر محي الدين، في تصريح لـ"الرائد"، عن سخطه الشديد جراء سوء التسيير والتنظيم الذي يعرفه القطاع العام والخاص في مجال الصحة بالجزائر، مؤكدا أنه السبب الرئيسي وراء لجوء الجزائريين للعلاج بمستشفيات تونس، بالرغم من أن الكثير من الأطباء التونسيين تلقوا تكوينهم بالجزائر، إلا أن الإهمال والتسيب الذي أضحى يطبع مستشفياتنا وعياداتنا، خاصة العمومية منها، جعل المرضى الجزائريين يفقدون الثقة في القطاع الصحي في البلاد، ويفضلون إجراء بعض العمليات الجراحية بالعملة الصعبة في عيادات تونس، ليؤكد أن التكلفة باتت لا تشكل عائقا أمام هاجس الأخطاء الطبية وسوء التكفل الذي يحدث في المستشفيات والعيادات في الجزائر.

مضيفا أن بعض المرضى يفضلون بيع ممتلكاتهم لتوفير كلفة العلاج في الخارج على العلاج المجاني في المستشفيات الجزائرية، معتبرا أن عدد المرضى الذين يسافرون سنويا للعلاج بالخارج كان ليرتفع لولا مشكل انهيار العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية وما سببه من ارتفاع في تكلفة العلاج بأضعاف مضاعفة.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن