الوطن

أباطرة الأورو بـ"السكوار" بمنأى عن قرار إزالة الأسواق

بقاؤها أثار عدة تساؤلات في أوساط الشباب

 

 

تعتبر ساحة بور سعيد أو "السكوار" بالعاصمة أو كما يرغب تسميتها عامة الناس بـ "أباطرة الاورو" أهم الفضاءات غير الرسمية للتعاملات المالية بالجزائر، ويؤكد العارفون إلى أنها بورصة حقيقية لتصريف العملة الصعبة ما دامت محل تداول ملايين الدينارات يوميا وتزداد انتعاشا في الموسم الحج، وتخضع لقانون العرض والطلب الا أن عدم هدمها أثار عدة تساؤلات في أوساط الشباب الذين هدمت طاولاتهم في إطار الحملة التي شنتها السلطات المحلية على الأسواق الفوضوية الذين وجهوا اصابع الاتهام للمسؤولين وحذروا في السياق ذاته من النتائج الوخيمة المحتمل وقوعها إزاء التفرقة وعدم تطبيق القانون على الجميع.

 

 

ارتأت "الرائد" أن تقوم بجولة استطلاعية بالسوق الموازية للعملة الصعبة بـ ''السكوار'' من خلال التقرب من سماسرة الأورو والدولار، كانت الساعة حوالي الخامسة مساء إلا أن المكان كان يعج بزبائن العملة الصعبة الذين انتعشت أرباحهم هذه الأيام بانتعاش سوق العملة بعودة المغتربين من جهة وبإقبال الحجاج على اشتراء الأورو، وهو ما رفع من هامش أرباح تجار العملة.

"لم نتلق تعليمات بالإخلاء من طرف مصالح"

تقربنا من بعض الباعة في شارع بورسعيد، الذين ينتشرون في كل الممرات ويقفون حتى على الطريق العام، خلال تجوالنا في عين المكان وأكد لنا أحدهم بعد أن تجاذبنا الحديث عن العملة وتداعيات الأزمة الاقتصادية انه لم يسمع بقرار منعهم من مزاولة نشاطهم وقال بتسم: "ولكن نحن لا نملك محلات فماذا يهدمون لنا؟". أما "احمد" وهو أحد الباعة يبلغ من العمر 24 سنة أكد في حديثه أن انتعاش سوق العملة بـ"السكوار" راج لسمعته التي لم تكن وليدة اليوم لذلك لا ظن -يقول محدثنا- ان السلطات المحلية ستشرع في مطاردتنا.. في حين أجابنا أحد الباعة الذي كان بمقربة منه بنبرة سخرية وازدراء: "لا يمكن فرض علينا ضرائب لأننا لا نتحكم اصلا في اسعار العملات المرتبطة أساسا بالبورصات العالمية فيوم يكون ربح وفير وعكسه اليوم الموالي، فكيف سنسدد مستحقات الدولة كلما ارتفعت نسبة الفوائد نسدد لها وعندما تنخفض نمتنع". وأضاف احدهم: "يا اختي احنا زوالية نخدمو على شرنا وما ديرونجيناش حتى واحد". انتقلنا الى الجهة المقابلة للمقاهى حيث تبادلنا اطراف الحديث مع احدهم الذي كان يبدو صغيرا جدا على ممارسة هذا النشاط وبعد مد وجزر بيننا سألناه ان كان يرغب في تغير نشاطه والعمل في إطار قانوني منظم تحت اشراف السلطات، فقال: "نحن نعمل كموظفين ولم أندم على دخولي هذا العالم"، مشيرا الى ان كل الامور نسير بشكل عادي ولم يطالبوهم بالرحيل من "السكوار".. هي عبارات التي رددها أغلب محدثينا في سوق صرف العملة الصعبة بـ"السكوار". وفي السياق ذاته أشار أحدهم إلى أن دائرة السوق الموازية تزداد اتساعا إلى درجة أصبحت بديلا للبنوك في مجال التعاملات الخاصة بالعملة الصعبة، كما أصبحت مقياسا لمستوى سعر الصرف الحقيقي للدينار مقابل العملات الرئيسية.

وأكد احد الباعة بسوق ذاته لـ "الرائد" أن عملية صرف الأموال تسير بطريقة عادية ولم تطل الى مسامعنا أخبار لا من قريب ولا من بعيد عن إبعادنا من هنا حتى أننا نعمل كأننا في مؤسسة حيث نبدأ من الساعة الثامنة ونصف إلى غاية الساعة الخامسة ونصف مساء والدليل - يقول – هو تواجدنا على الهواء الطلق وعلى مرأى من السلطات العمومية والمختصة.. ويمكن للمتوجه إلى "السكوار" بمحاذاة المسرح الوطني أن يجد مختلف أصناف العملة من الأورو والدولار يشرف على تسييرها شبان على أرصفة مقاهي العاصمة قبالة مقر البنك المركزي والمجلس الشعبي الوطني. كما أكد محدثنا أنهم لم يتلقوا تعليمات بالإخلاء من طرف مصالح الامن ما يعني أنهم غير معنيين بقرار إزالة الأسواق الفوضوية.

 

المحامي عبد الحميد اوزناجي لـ "الرائد":

"بيع العملة الصعبة في السوق الموازية مخالف للقانون"

أكد الأستاذ المحامي عبد المجيد أوزناجي، أن بيع العملة في السوق السوداء مخالف للقانون وللإجراءات المعمول بها في قانون الصرف ويعاقب على ذلك أي شخص تم تقديمه للعدالة. وقال محدثنا إن هذا الأمر مخالف للقانون والسوق التي يباع فيها تعتبر سوق موازية، لا تخضع لإجراءات الصرف المعمول به قانونا، لذا فإنه يعاقب أي شخص حسب القانون تم ضبطه في هذه الحالة، كما أضاف أنه لا يوجد ما ينظم العملية التي تسير في إطار مخالف تماما للقانون. وعليه حسب المحامي، فإن كل الإجراءات الخاصة بالبيع والاشتراء في السوق السوداء مخالفة. وحسب محدثنا، فإن العملية في حد ذاتها ليس لها رادع قانوني واضح وقوي مما فرضت هيمنتها على سوق الصرف الرسمي. ويضيف المحامي أن العقلية التجارية لتجار الأورو غير الشرعيين مبنية على كون العملية تجارة مربحة سريعة ومريحة في الوقت نفسه.

وأمام استمرار هذه الوضعية نستنتج أن الحكومة لم تفلح في إيجاد الصيغ العملية لاستقطاب السوق الموازية، رغم اعتماد إجراءات تنظيمية وقانونية في أعقاب إقرار قانون الصرف والنقد رقم 90-10 الصادر في 14 أفريل 1990 وتأطير عمليات الصرف على خلفية التنظيم رقم 95-07 الصادر عن بنك الجزائر بتاريخ 23 ديسمبر 1995 المعدل والمتمم للتنظيم رقم 92-04 الصادر في 22 مارس 1992 المتعلق بمراقبة الصرف، ولكن بالخصوص التعليمة رقم 13-97 الصادرة في 10 ديسمبر 1997 المعدلة والمتممة للتعليمة رقم 08-96 بتاريخ 18 ديسمبر 1996 المحددة لشروط إنشاء واعتماد مكاتب الصرف، رغم مرور 16 سنة على اعتماد أي مكتب صرف.

من جهة أخرى فان البنوك العمومية لم تتمكن من إقامة مثل هذه المكاتب، بالنظر لمحتوى النص الذي لم يكن تحفيزيا للمتعاملين، لا سيما الهامش الذي تستفيد منه مكاتب الصرف. فالمردودية تبقى هامشية ولا تشجع الصرافين النشطين في السوق الموازية للانخراط في السوق الرسمي عبر مكاتب الصرف، ما لم يسمح بتطبيق الإطار القانوني.

وبالعودة للقوانين المعمول بها حاليا، فإن بنك الجزائر هو المخول قانونا لمنح الاعتمادات لمكاتب صرف التي تقوم بعمليات البيع والاشتراء مقابل العملة الوطنية الدينار، والتعامل بصكوك الأسفار المقيدة بالعملات الأجنبية القابلة للتحويل لدى غير المقيمين، أي المغتربين والأجانب، بينما لا يسمح للمقيمين باشتراء العملة مقابل الدينار، لأن الدينار غير قابل للتحويل، وهو أحد النقاط التي تطرح كإشكال إلى جانب هامش الربح المقدر بـ1 من المائة. ويشترط لفتح مكتب صرف أن يتمتع المكان بمواصفات خاصة، كما يلزم صاحب المكتب بعرض دوري ومنتظم للتسعيرات الخاصة بالتداول اشتراء وبيعا لكافة العملات

"الدلالات لم يصل إلى مسامعهن قرار منعهن من مزاولة نشاطهن"

وليس بعيدا عن مملكة العملات هناك مملكة الدلالات فشارع العربي بن مهيدي والقصبة السفلى والعناصر أو حتى تلك التي تنشط بالقرب من وكالة رهن الذهب بالعاصمة عن بيع المجوهرات التي تعرضهن على أصابعن، مؤكدين أنهن لم يصل الى مسامعهن حتى هذه اللحظة قرار إخلائهم للمكان، مشيرين إلى أنهم باتوا مستهدفين في كل مرة لا سيما بعد أن منعوا من مزاولة نشاطهم في "زنقة لعرايس" التي كانت بالنسبة لهم مكسب لا غنى عليه ولكن هذا النوع من بائعات يشرفون على سوق الذهب بطريقة غير رسمية إلا أنهم مقتنعات بأنهن يقدمن خدمة لطبقة المتوسطة من الناس لذلك فالسلطات تغض النظر عنهم هذه المرة. ولتعذر اكتسابهن على واجهة جميلة في الشوارع الفاخرة للعاصمة فإن كرسيا أو مقعدا أو حتى درجة محل في شارع شعبي يكفيهن للحصول على بضعة آلاف من الدينارات يوميا.

استطلاع: نسيمة ب.

 

من نفس القسم الوطن