الوطن

أضاحي بـ"الفاسيليتي" وعائلات تبيع أغراضها الشخصية لتغطية مصاريف العيد؟!

بسبب الضائقة المالية التي أحدثها تزامن عيد الأضحى والدخول المدرسي وارتفاع الأسعار

دفع الغلاء الذي تعرفه أسعار الأضاحي مع اقتراب العيد الجزائريين الذين يعانون من تدهور رهيب لقدرتهم الشرائية، إلى البحث عن طريقة تمكنهم من إيجاد مداخيل مالية لشراء الأضحية كالاقتراض أو حتى الشراء بالتقسيط، رغم ما يمثله ذلك من شبهة من الناحية الدينية.

 

موالون وسماسرة يطلقون عروض بيع "الكباش" بالتقسيط

 

وقد تنبه العديد من الموالين والسماسرة للضائقة المالية التي تعرفها العديد من الأسر، ما جعلهم يطلقون عروض بيع أضاحي العيد بالتقسيط، حيث وجد تجار المواشي في ترويجهم لأضاحي العيد مع إمكانية الدفع بالتقسيط، وسيلة لتفادي عزوف المواطنين عن اقتنائها، في ظل ارتفاع أسعارها مؤخرا، وتزامن فترة العيد مع الدخول المدرسي الذي أثقل كاهل الأولياء وأنهك ميزانيتهم، وإن كانت بعض المؤسسات تعمد إلى اقتناء كمية من الأضاحي، ثم بيعها بالتقسيط لموظفيها بخصم المبلغ شهريا من مرتباتهم، ومؤسسات أخرى تقدم منحة عبارة عن مبلغ مالي كإعانة لموظفيها عشية العيد، بل حتى أن بعض الموالين قد أعلنوا عن عمليات البيع بالتقسيط على عدد من مواقع الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، كما عمد بعض الباعة والسماسرة في الأحياء لاتباع نفس الطريقة

 

مواطنون في رحلة بحث عمن يقرضهم لشراء الأضحية

 

من جانب آخر  فإن الشبهة التي تحوم على شراء الأضاحي بالتقسيط دفعت بالعديد من العائلات للتفكير في الاقتراض من أجل شراء الضاحية ورد الدين بعد عيد الأضحى والدخول المدرسي، بما أن المناسبتين جاءتا متزامنتين. والملاحظ من هذه الظاهرة إصرار العائلات على التضحية رغم عدم امتلاكها للقدرة المالية، في صورة تدل أن الجزائريين باتوا يصنفون عيد الأضحى في خانة الإلزام، رغم أن العيد هو عبارة عن إحياء لسنة الخليل إبراهيم عليه السلام ولم يكن يوما فرضا إجباريا على كل المسلمين، بل من استطاع إليه سبيلا، لكن الجزائريين جعلوا من عيد الأضحى مشكلة بعد أن أصبح اسمه العيد الكبير بدل  عيد الأضحى، وجعلوا من الأضحية عادة اجتماعية وليس طقسا من طقوس العبادة والتقرب من الله، وصار فرصة لاستعراض القدرة الشرائية والتباهي بحجم الأضحية.

 

"بحاجة للمال لعيد الأضحى" تغزو إعلانات بيع الأغراض الشخصية المستعملة

 

هذا ومن الملاحظ أن بعض الجزائريين اضطروا لبيع ممتلكاتهم الشخصية فقط من أجل تغطية مصاريف العيد والدخول الاجتماعي، وهو ما يتضح من خلال الإعلانات الموجودة على مواقع الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. فخلال تصفحنا لعدد من المواقع الإلكترونية التي تعرض إعلانات بيع الأجهزة والألبسة المستعملة وكذا الصفحات الموجودة على الفايسبوك المخصصة لهذا الغرض، صادفنا مئات الإعلانات لبيع ملابس مستعملة وأغراض شخصية أخرى كالساعات والنظارات الشمسية والهواتف النقالة، كما وجدنا عددا كبيرا من إعلانات بيع الأجهزة الكهرومنزلية والأثاث. والملفت للانتباه أن العديد من الإعلانات حملت الطابع الاستعجالي وكانت مرفوقة بعبارة "في حاجة للمال لشراء الأضحية"، فنادرا ما يخلو واحد منها من محاولة لأصحابها استعطاف المطلعين عليها ودفعهم إلى الشراء وعدم اقتراح أسعار أقل من التي حددوها.

 

شراء الأضحية بالدين والتقسيط جائز لكن بشروط

 

وعن جواز شراء الأضحية بالتقسيط، أكد أمس إمام المسجد الكبير، علي عية، في تصريح لـ"الرائد"، أن الأمر جائز، ولكنه أكد أن القيام بهذه الخطوة يستجوب العديد من الشروط، وأفتى علي عية بجواز شراء كبش العيد بالتقسيط، طبعا مع اشتراط القدرة المادية التي تشترط أيضا في حال قرر الشخص أن يقتني أضحية بالدين، فإذا كان يستطيع أن يرد دينه هذا فأضحيته جائزة ولا شيء عليه، وإن لم يستطع أن يرد الدين فحكم أضحيته هنا باطلة لا تجوز، مشيرا أن من لم يستطع التضحية فقد ضحى عليه الرسول صلى الله عليه حين تقرب إلى الله بكبشين أقرنين أملحين واحد له وواحد لمن لم يضح من أمته.

وقال ذات المتحدث أن من يقترض مالا لشراء الأضحية لا شيء عليه، شريطة أن يكون قادرا على رد دينه، مؤكدا عدم وجود تكليف في مثل هذه الأمور، فقد يتأخر راتب هذا الشخص، حينها لا ضرورة في استقراضه للمال من أجل التضحية إلى حين تمكنه من أخذ راتبه، داعيا إلى تغليب الأولويات في مسألة شراء الأضحية بالدين، حتى ولو كان الشخص قادرا على رده، لأن اقتناء كبش العيد بالدين مع ترك أولوية لا يجوز، لأن فيه مضرة للشخص بحد ذاته.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن