الوطن
مغتربون "يعادون" الجزائر سياحيا ويفضلون تونس والمغرب؟!
بسبب غلاء الأسعار مقابل سوء التكفل
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 05 أوت 2018
تراجع توافد أبناء الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج لقضاء عطلتهم الصفية في الجزائر بشكل ملفت، حيث بات أبناء المهجر ينفرون من المجيء لبلدهم الأم بسبب سوء تكفل يلقاه هؤلاء المغتربون وظروف استقبال ليست في المستوى.
ورغم أن قضاء أبناء الجالية الجزائرية بالخارج وفرنسا على وجه الخصوص، عطلتهم الصيفية بالجزائر، يشكل موردا حيويا ومتنفسا للاقتصاد الوطني، إلا أن التدابير التي تتخذها الحكومة عادة لاستقبال هذه الجالية لا تعكس أهمية هذه الشريحة وما تمثله من متنفس للاقتصاد الوطني.
فزيادة على أعداد الجزائريين الذين يفرون سياحيا نحو وجهات أجنبية، بات أبناء الجالية الجزائرية في الخارج بدورهم يفضلون قضاء عطلتهم بعيدا عن بلدهم الأم ويختارون وجهات أجنبية كتونس والمغرب ودبي عوض ولايات ساحلية كسكيكدة وعنابة وهران وبجاية. ويبرر أغلب أبناء الجالية ذلك بغلاء تذاكر السفر وانعدام الفنادق والإمكانات التي تضمن لهم صيفا هادئا، وهو التبرير المنطقي بحسب العديد من المراقبين.
فتشجيع المهاجرين على قضاء عطلهم بالجزائر يتطلب، حسبهم، جملة من الإجراءات يفترض رصدها من قبل الحكومة، تبدأ بتسهيل حركة تنقلاتهم من وإلى الولاية التي يقيمون بها، وانتهاء بتوفير مرافق الاستقبال، مرورا بتفادي التعقيدات المتعلقة بإجراءات العبور على مستوى المطارات والموانئ. لكن الواقع كل صيف يثبت أنه، رغم الشعارات والتصريحات الإعلامية وإعلان التدابير، تبقى هذه التسهيلات غائبة تماما عن الجالية الجزائرية، مقارنة بجاليات الدول المجاورة على غرار كل من تونس والمغرب، رغم كثرة الاستغاثات من أبناء الجالية، والتي يبدو أنها لم تجد آذانا صاغية.
ولعل أحسن مثال على ذلك هو ما تفرضه شركة الخطوط الجوية الجزائرية من غلاء فاحش وخدمات رديئة، فالأسعار المعمول بها من قبل الجوية الجزائرية، ولاسيما عبر خطوطها نحو فرنسا، في فصل الصيف، تعتبر الأغلى في العالم، فحسب إحصائية دولية سابقة، فإن سعر الخط الرابط بين الجزائر وباريس أغلى من سعر الخط الرابط بين باريس وبانكوك (عاصمة تايلندا) في أقصى جنوب شرقي آسيا.
وليس فقط النقل الجوي هو النقطة السوداء الوحيدة في مشروع ربط الجزائر بجاليتها، فالنقل البحري أيضا يعاني من غلاء فاحش وغير مبرر، بالرغم من أنه يبقى الأكثر استقطابا من قبل المسافرين صيفا، لكونهم عادة ما يأتون بسياراتهم، وتؤكد هذا مقارنة بسيطة بين سعر خط الجزائر ـ مرسيليا (مسافة 700 كلم)، وخط مرسيليا ـ غيتواي بلندن، الذي يمتد على آلاف الكيلومترات، حيث يقدر سعر الأول بنحو 500 أورو، مقابل 183 أورو فقط للثاني، رغم فارق البعد، لتبقي أسعار الفنادق والمنتجعات السياحية تشكل هي الأخرى عاملا يجعل الجالية الجزائرية تنفر من القدوم لبلدها الأم.
• سنوسي: أكثر من 80 بالمائة من الجالية الجزائرية لا تستقطبها السياحة في بلادنا
هذا وعلى مستوى الوكالات السياحية، تعيش هذه الأخيرة كل موسم صيف خيبة أمل بسبب الحركة المحتشمة التي تعرفها من قبل أبناء الجالية الجزائرية في الخارج. وفي هذا الصدد، أكد أمس نائب رئيس نقابة الوكالات السياحية، إلياس سنوسي، أن أكثر من 80 بالمائة من الجالية الجزائرية المقيمة بالمهجر لا تستقطبها السياحة في بلادنا لانعدام الإمكانات والمرافق، وهو ما يفوت على الخزينة العمومية ملايير الدولارات.
واستغرب سنوسي التصريحات التي يطلقها وزراء في الحكومة عن مساع لاستقطاب الجالية الجزائرية وإجراءات تسهل من قدومهم للجزائر، وهي لا تملك هياكل قاعدية لاستقبالهم.
واعتبر محدثنا أن الذين يأتون إلى الجزائر إما أنهم يمتلكون منازل في الجزائر أو يقضون عطلهم عند الأقارب والأهل، وإلا فإن الهياكل السياحية تعد غير كافية وأسعارها جد مرتفعة حتى بالنسبة لأبناء الجالية الذين يجلبون معهم عملة صعبة.
من جانب آخر طرح سنوسي مشكل غلاء التذاكر، مشيرا أن هذا الغلاء جعل الجزائريين المقيمين في الخارج يفضلون قضاء عطلتهم في تونس والمغرب بدل التنقل لولاياتهم الاصلية.
من جانب آخر، رفض سنوسي التهم الموجهة إلى الوكالات السياحية بعدم لعب دورها في استقطاب سياح المهجر وحتى الأجانب، مشيرا أن الوكالات السياحية هي من بين أكبر المتضررين من هذه الوضعية، وإن كان هناك أمر يمكن أن تقوم به الوكالات فلن تقصر فيه، لكن المشكل لا يتعلق بقلة تسويق للوجهة بقدر ما هو غياب إمكانيات تجعل الوجهة الجزائرية مفضلة عند الجزائريين وعند أبناء الجالية.