الثقافي

جرائم الاستعمار في صفاقس: صمود الذاكرة الشعبية

يشرف على المبادرة الفوتوغرافي التونسي زاهر كمّون

لا تزال مرحلة دخول الاستعمار الفرنسي إلى تونس منطقة قليلة الإضاءة في الكتابات التاريخية، حيث يجري الاكتفاء ببعض التواريخ دون الدخول في التفاصيل والتعمّق في الأسباب وتفاصيل ما جرى. ومن أبرز ما يجري تناسيه مجموعة الجرائم التي اقترفها الجيش الفرنسي في عدد من المدن التونسية للاستيلاء عليها، ووقف كل مقاومة.يوافق تاريخ 16 تموز/ يوليو بداية المعارك بين جيش الاحتلال الفرنسي والمقاومة الشعبية في مدينة صفاقس التونسية (1881). هذا التاريخ يكاد يكون منسياً على مستوى الاستعادة الرسمية، لكن منذ سنوات بدأت تتزامن معه مبادرة مدنية تذكّر بهذا التاريخ وترسم عدداً من محطات الاشتباك بين الطرفين، والأهم من ذلك إضاءة الجرائم الفرنسية في تونس، على مختلف أنواعها؛ بشرية ومعمارية وغير ذلك، مثل سقوط مئات الضحايا العزّل، وتفجير أبواب مدينة صفاقس التاريخية.

يشرف على المبادرة الفوتوغرافي التونسي زاهر كمّون، والذي يقول في حديث إلى "العربي الجديد": "لا زلنا نعوّل في الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي لسهولة نشر المعلومات والمعطيات التاريخية من خلالها، وفي مستوى ثان هناك تعامل مع الصحف المحلية، إضافة إلى بعض التحرّكات الرمزية، مثل التوجّه إلى النصب التذكاري لشهداء صفاقس في ساحة المقاومة".

أهم ما يمكن ملاحظته في هذه الحملة هو الزخم التاريخي الذي تخلقه حولها، فمنذ تاريخ 16 تموز/ يوليو إلى اليوم يجري نشر معلومات تاريخية بشكل منتظم. يقول كمّون: "نعتمد على مصادر كثيرة، أهمّها ما وضعته الصحف الأجنبية، الفرنسية على وجه الخصوص، في نقل وقائع المعارك، وكذلك ما كتبه الجنود والقادة العسكريون الفرنسيون في مذكراتهم". ويلفت إلى أنه "لا توجد مصادر عربية قديمة في ما عدا المصادر الشفوية".

يشير الفوتوغرافي التونسي إلى أن "ما تحققه الحملة يقف عند التجاوب الشعبي، وهو مهم للغاية، لكن على المستوى الرسمي فلا حياة لمن تنادي". لعلنا هنا نقف على إشكالية تتجاوز ذكرى احتلال صفاقس إلى نوعية التعامل الدولة مع الذاكرة الجمعية: ألا يظهر جلياً أن هناك مستويان مختلفان في التعامل مع لحظة الاستعمار، مستوى شعبي يطالب بإعادة الاعتبار إلى التضحيات وربما يمتد إلى المطالبة باعتراف المستعمر السابق بجرائمه، ومستوى آخر رسمي يبدو عليه الكثير من اللامبالاة وقلة الحيلة؟

 

من نفس القسم الثقافي