الوطن

أطفال يقتحمون عالم التجارة ببيع "الشاربات" و"المطلوع" بالطرقات السريعة!

في ظاهرة تتكرر كل شهر رمضان

تتفاقم ظاهرة عمالة الأطفال في رمضان بشكل مخيف، حيث بات منظر الأطفال خلف طاولات البيع في الأسواق أو سلل الخبز بالطرقات السريعة منظرا مألوفا في الشهر الفضيل، في واقع يعاكس أي أرقام تتحدث عنها وزارة التضامن ووزارة العمل بخصوص استغلال الأطفال.

وقد اقتحم آلاف الأطفال عبر الوطن عالم التجارة الفوضوية مع بداية رمضان، حيث تراهم يبيعون ويشترون ويجادلون في الأسواق للظفر بلقمة العيش، مقابل بيع "الحشيش والمعدنوس" أو "الديول" والشاربات والمطلوع، وهي منتجات يشترونها ويعيدون بيعها، وأخرى تحضّر في المنزل، حيث تحول هؤلاء إلى تجار حتى قبل العطل المدرسية، واحترفوا التجارة لتأمين مصروف العائلة خلال شهر رمضان، ومصروف الدخول المدرسي، متحملين أعباء مسؤولية البيت، وقد أصبحت عمالة الأطفال في رمضان في جل ولايات الوطن مثار تساؤل يطرحه المجتمع جراء استفحالها بالأسواق ومحطات الحافلات وشوارع المدن الكبرى، خاصة وأن الظاهرة أخذت منعرجا آخر تم فيه إقحام أطفال في مهن يؤديها الكبار وتتطلب جهدا مضاعفا للقيام بها، فالكثير من العائلات الجزائرية باتت تستغل أطفالها لبيع ما تصنعه ربات البيوت من أكلات يكثر عليها الطلب من الجزائريين خلال شهر رمضان أو بعده، بسبب الربح السريع والكثير الذي تدره، وهي أكلات وجدت مكانا لها بين طاولات التجار الفوضويين وسط الأسواق الشعبية، وعلى الطرقات السريعة.

 

عمالة الأطفال تهدد حياة البراءة 

 

لكن الخطير هو استغلال الأطفال في مهن باتت تشكل خطرا عليهم، فالتجارة التي يمارسها البراءة في رمضان تشهد انتشارا أيضا على الطرقات السريعة، في مشهد أقل ما يقال عنه سوداوي، حيث يعرض مئات الأطفال أنفسهم للخطر والموت، وهم يلهثون بسلال المطلوع، عبر الطرقات السريعة وهو ما يمكن ملاحظته بشكل يومي على مستوى الطريق السريع الرابط بين العاصمة والبليدة، أو تيبازة، وأغلبهم من أبناء الأحواش والمزارع القريبة من المنطقة، وهو ما يعد استغلالا خطيرا في حق هؤلاء الأطفال الذين قد يتعرضون للموت وحوادث خطيرة بسبب إهمال أوليائهم.

 

سعدي: الأطفال هم من يرغبون في العمل بحثا عن المال

 

وحول الظاهرة أكد أمس المختص في علم الاجتماع الهادي سعدي أن عمالة الأطفال تشكل خطورة كبيرة على الناحية النفسية والبيولوجية لهذا الأخير، مرجعا الظاهرة إلى أسباب مختلفة اجتماعية وثقافية ونفسية، والغريب حسب سعدي أننا نشهد رغبة جامحة من طرف الطفل للعمل خارج إرادة الأولياء وبعيدا عن مراقبتهم، كنقطة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، بهدف جمع الأموال لشراء ألبسة أو هاتف نقال وما شابه ذلك، وقال سعدي أن عمل الأطفال يبقى في شخصية الفرد طول حياته فمن يتعود على الأموال منذ صغره وعلى التجارة يصبح المال لديه هو القيمة الكبرى، ما يقوض السلم القيمي والفضيلة في تعامل الطفل ومن ثم الفرد مع حاجياته ومجتمعه. 

وفي نفس السياق قال سعدي أن ظروف العمل الشاقة قد تؤثر على بنية الطفل البيولوجية وتشكل له عاهة تحرمه من مزاولة حياته بطريقة عادية، خصوصا أن التلاعب بهذا الأخير يعني تهديم النسيج الاجتماعي للدولة وزعزعة الاستقرار القيمي للطفل، فالأطفال رجال المستقبل وجب صون كرامتهم وحفظ حاجياتهم.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن