الوطن

رجال المال والأعمال في الجزائر غائبون عن "النشاط الخيري"

تفتقد البلاد لمؤسسات خيرية تسير من قبل هؤلاء

في الوقت الذي وصل العمل الخيري في العالم العربي إلى مستويات جد متطورة، بلغت حد بناء كبريات المستشفيات ومشاريع السكن وبرامج للتكفل بملايين الفقراء، وذلك بدعم من رجال الأعمال والأثرياء هناك، يبقى عمل الخير في الجزائر يقتصر على "قفة رمضان"، في حين يسجل غياب شبه كلي لرجال الأعمال والأثرياء الجزائريين الذين يصنفون كمليونيرات ومليارديرات عن النشاط الخيري المؤسساتي، متجاهلين الدعوات التي عادة ما يتلقونها من الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني.

ومن الواضح أن أثرياء الجزائر التي تحتل المرتبة الرابعة إفريقيا كأفضل موطن لمليونيري إفريقيا، لا يستهويهم النشاط الخيري المؤسساتي المنظم. فعكس العالم والبلدان العربية، تفتقد الجزائر لمؤسسات خيرية خاصة تحمل أسماء رجال أعمال ومليارديرات جزائريين للقيام بأعمال خيرية منظمة وممنهجة، سواء كانت اجتماعية، صحية أو حتى تعليمية. 

فعكس كبار أثرياء العالم وخاصة العالم العربي الذي باتت بعض البلدان فيه تقدم جوائز لأحسن الخدمات الاجتماعية والإنسانية التي يراعاها رجال الأعمال لبعث التنمية في المناطق النائية في بلدانهم وبناء المستشفيات ومشاريع الإسكان والقضاء على الجوع، ضمن برامج مسطرة ومنظمة تسيرها مؤسسات خاصة تابعة لهؤلاء الأثرياء، تفتقر الجزائر إلى مثل هذه الجمعيات والمؤسسات المدعومة من طرف رجال المال والأعمال، بل حتى دعوات الجمعيات الخيرية التي تعنى بالنشاط الخيري في الجزائر تبقى دون استجابة من رجال الأعمال الجزائريين، فدائما ما تناشد عدد من الجمعيات رجال المال والأثرياء من أجل تقديم يد المساعدة لهم ودعمهم ماليا لإتمام برامج خيرية مسطرة، وقليل ما تجد هذه الجمعيات استجابة من رجال الأعمال الذين يبدو أنهم تركوا المجال للدولة، المصدر الوحيد لهذه الجمعيات بالموارد المالية، في وقت أصبحت الجزائر عاصمة للمتسولين والفقراء بعيدا عن الأرقام الرسمية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية. 

ويعاب على رجال الأعمال الجزائريين وأثريائها عدم وجود روح المبادرة في الأعمال الخيرية التي لا يظهر لها أثر، لا في المناسبات ولا خارجها، لتبقى محصورة في بعض التحركات المحتشمة التي تعد على الأصابع، قد يكون محورها قفة رمضان أو التكفل بختان الأطفال المعوزين. والمتتبع لنشاط رجال المال والأعمال في الجزائر يلمس غياب التكفل بالفئات الهشة للمجتمع بأي شكل من الأشكال، فحتى في الحالات والمناسبات الاستثنائية كحالات الكوارث الطبيعية يغيب دور هؤلاء عن مرافقة الدولة وحتى الجمعيات الخيرية من أجل مساعدة شريحة محتاجة من المجتمع.

لكن من المفارقة أن رجال المال والأعمال يتحججون عند سؤالهم عن نشاطاتهم الخيرية ودعمهم للفئات الهشة أنهم يعملون الخير في السر تحت شعار "دير الخير وأنساه"، وحقيقة هناك فئة من رجال الأعمال من تقوم ببعض الأفعال الخيرية سواء مناسباته أو على مدار السنة، لكن الإشكال هنا يتعلق بعمل الخير الممنهج والمؤسساتي وليس مجرد فعل الخير الذي يدخل ضمن متطلبات وشعائر دينية. هذا وتتنوع أنماط المساعدات الخيرية التي يقدمها أثرياء العالم، ففي البلدان العربية تتكفل عائلات ثرية بالأردن على سبيل المثال برعاية الأيتام، ومساعدة الفقراء، عبر دفع مبالغ مالية شهريا والتكفل بمصاريف دراستهم، فيما يكفل آخرون الأيتام بإيجاد عمل لهم يساعدهم على أعباء الحياة. 

ويقوم رجال الأعمال في الأردن بتنظيم أيام طبية مجانية مزودة بأطباء من أصحاب الاختصاص، في المناطق النائية، لمعالجة كل محتاج، وتصرف الأدوية بالمجان أيضا. 

وفي مصر، تعمل مؤسسات خيرية مدعومة من رجال أعمال هناك على مساعدة الفقراء والمعوزين، من خلال المساهمات الخيرية التي توفرها كمساندة للدولة في القضاء على أزمة السكن، حيث يتم توفير الأراضي الصالحة للتعمير مجانا لإسكان الفقراء، كما تتولى مؤسسات تابعة لرجال أعمال مهمة علاج المرضى ودعم المستشفيات وحتى بنائها. 

وفي لبنان تخصص مؤسسات خيرية تابعة لرجال الأعمال مبالغ طائلة من أجل تعليم آلاف الأطفال في المدارس والتبرع من أجل إيفاد الطلاب إلى أفضل الجامعات الأمريكية بالإضافة إلى مساعدات في جميع المجالات.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن