الوطن

الحكومة مدعوة لمراجعة التعويضات وإيجاد صيغة تكاملية بين المستشفيات وصناديق الضمان

بعد المصادقة على قانون الصحة الجديد بالغرفة السفلى للبرلمان، مهنيو الصحة

خياطي: العلاج عبر بطاقة الشفاء يحتاج للمراجعة

بركاني بقاط: التمويل المشترك يبقي نقطة استفهام

 

طالب، أمس، مهنيو قطاع الصحة بعد المصادقة على قانون الصحة الحكومة بضرورة التفكير منذ الآن في إيجاد آلية تكاملية بين النظام الصحي والضمان الاجتماعي، تكون أكثر نجاعة مما هو معتمد حاليا، مقترحين العودة إلى نظام الاتفاقيات الموجود منذ سنوات ولم يطبق لوجود سوء تنسيق بين المستشفيات ومصالح الضمان الاجتماعي.

اعتبر عدد من المهنيين بقطاع الصحة أن هذا القانون، الذي تم تمريره على المجلس الشعبي الوطني وصنع الكثير من الجدل، سيكون الباب لإلغاء مجانية العلاج عن طريق التعاقد مع الضمان الاجتماعي والجماعات المحلية لتمويل قطاع الصحة، متسائلين عن مصير أكثر من 20 بالمائة من الجزائريين من غير المؤمنين ومن سيتكفل بعلاجهم، في وقت لن تتمكن أغلب البلديات التي تعاني هي بدورها عجزا في التمويل من تمويل قطاع الصحة، شأنها شأن صناديق الضمان الاجتماعي الذي سبق وأكدت بشأنها الحكومة أنها ستتجه نحو الإفلاس بسبب وضعية حرجة تعيشها.

 

بركاني بقاط: التمويل المشترك يبقي نقطة استفهام

 

وفي هذا الصدد، تأسف رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، بركاني بقاط، أمس، في اتصال هاتفي مع "الرائد"، لـمصادقة نواب الشعب على قانون الصحة رغم التحذيرات والمعارضة والجدل الذي صنعه هذا النص الذي اعتبر بقاط أنه لن يخدم القطاع ولن يقدم حلولا سحرية تجعل مستشفياتنا أحسن. 

واعتبر بقاط أن استحداث، بموجب هذا القانون، نظام تعاقدي مع الخواص لتعويض عجز المستشفيات في ضمان التغطية الصحية للمواطنين، وذلك بمنحهم حق الخدمة العمومية، بالإضافة إلى إدراج بطاقتي الشفاء والمعوز لعلاج المواطنين، حيث تقتطع تكاليف العلاج من صناديق الضمان الاجتماعي، يعد توجها غير مباشر لإلغاء مجانية العلاج بطريقة تدريجية، كما تحفظ بقاط على الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي وردت في القانون، منوّها بضرورة أن تكون للدولة مراقبة صارمة لها، حيث بإمكان القطاع الخاص أن يستغل إمكانيات القطاع العام دون أن يوفر خدمة حقيقية، لأن المعروف أن خدمات القطاع الصحي الخاص في الجزائر أساسها ربحي لا غير. 

من جانب آخر قال بقاط أن التمويل في هذا القانون والمشترك بين الدولة والضمان الاجتماعي والمؤسسات الاقتصادية والجماعات المحلية يبقي نقطة استفهام، خاصة في ظل الوضعية المالية الحرجة لمنظومة الضمان الاجتماعي، متسائلا كيف لهذه الصناديق أن تدعم مسار الوزارة في مجانية العلاج وكيف للمواطن أن يعالج في حال تأخر مصالح الضمان في صب الأموال في حساب الوزارة، على اعتبار أنها ستواجه إفلاسا حتميا مثلما تروج له الحكومة، بل وكيف يتم مسار العلاج في ظل استعمال البطاقة الرقمية أو بطاقة الشفاء إذا اعتمدت.

 

خياطي: أغنياء يزاحمون الفقراء على العلاج المجاني والعلاج عبر بطاقة الشفاء يحتاج للمراجعة

 

من جهته، انتقد رئيس الهيئة الوطنية لتطوير الصحة والبحث العلمي، البروفيسور مصطفى خياطي، عدم مناقشة القانون في ظل معطيات رقمية وتقارير تحليلية من طرف الخبراء والسلطات الصحية، حيث قال خياطي في تصريح لـ "الرائد" أن النص لا يظهر أي دراسة استشرافية لتطورات قطاع الصحة بعد اعتماد القانون، خاصة فيما يخص نقطة التمويل، وهو يفتقد لرؤية واضحة لما يجب أن تكون عليه صحة السكان. 

واعتبر خياطي أنه بما أن القانون أصبح أمرا واقعا وتم تمريره رغم الرفض والجدل الذي صنعه، فالحكومة مطالبة بالتحرك وتدعيم القانون بنصوص تنظيمية، يمكن من خلالها تطبيق ما جاء فيه، مقترحا إرساء قواعد تكاملية جديدة بين المستشفيات والضمان الاجتماعي، والعودة إلى نظام الاتفاقيات الموجود منذ سنوات ولم يطبق لوجود سوء تنسيق. وفيما يخص العلاج بالمستشفيات عن طريق بطاقة الشفاء، اعترف خياطي بوجود استغلال من طرف بعض الفئات مرتفعة الدخل التي تزاحم متوسطي الدخل والفقراء في العلاج المجاني في المستشفيات، مشيرا أن اعتماد بطاقة الشفاء للعلاج سيقطع الطريق أمام هذه الفئة، لكنه سيحرم حوالي 20 بالمائة من غير المؤمنين من العلاج، مشيرا أن الحكومة عليها معالجة هذه النقطة بعيدا عن تحميل مسؤولية تمويل لهذه الفئة للجماعات المحلية، لأن هذه الأخيرة أصلا تعاني عجزا في التمويل. من جانب آخر، لم ينكر خياطي أن قانون الصحة الجديد يسير نحو خوصصة القطاع تحت غطاء أن القطاع الخاص يكمل القطاع العام، معبرا عن تخوفاته من سيطرة القطاع الخاص على هذا الأخير، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يخدم المريض، وأنه سيضر بالمنظومة الصحية في الجزائر.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن