الوطن

"السوبيرات" و"المول" عند الجزائريين للتنزه وليس للتسوق !

بسبب إشكالية الأسعار والاحتيال عند البعض

لالماس: لا بد من اعتماد سياسة عمرانية تجارية وفتح المجال للاستثمارات الضخمة

صويلح يقترح استغلال عقارات الأروقة وأسواق الفلاح وتحويلها إلى مساحات تجارية

 

لم تتمكن المساحات التجارية الكبرى في الجزائر من تحقيق التوسع والانتشار المطلوب، حيث تعرف السوق الوطنية وباعتراف مسؤولي وزارة التجارة نقصا فادحا في المنشآت التجارية الكبرى وقلة إقبال، وذلك راجع لعدة أسباب، منها مشكل العقار ومزايا وفرص الاستثمار، رغم أن الخبراء يرون أن وجود مزيد من هذه المساحات في الجزائر من شأنه أن يقضي على الأسواق الموازية ويضبط السوق بشكل كبير.

حسب أرقام وزارة التجارة، فإنه عدد المساحات التجارية الكبرى يبقى محدودا، حيث يوجد 10 مساحات عملاقة و231 مساحة كبرى و1.507 متجر (سوبيرات) عبر الوطن، وهو العدد القليل جدا مقارنة بوجود سوق واعدة وهامة بها 40 مليون مستهلك جزائري، واقتصاد مفتوح للمنافسة واستهلاك للأسر في تزايد مستمر. 

وقد تحدث مسؤولون بوزارة التجارة منذ أيام عن قرب فتح سوقين عملاقتين بولاية وهران، مرجعين سبب نقص هذه المساحات الكبرى للتسوق إلى عدم وفرة العقار، حيث تم الحديث في هذا السياق عن مراسلات وجهتها وزارة التجارة إلى الولاة لتسهيل حصول المتعاملين الراغبين في بناء وحدات تجارية كبرى للأرضيات اللازمة.

 وحسب الخبراء والمختصين في التجارة، فثمة عوامل عديدة تجعل تنافس هذا النشاط مع التجارة الصغيرة يكاد يكون غائبا، منها قلة اهتمام الأسماء العالمية الكبرى بالاستثمار في الجزائر والمنافسة غير العادلة للتجارة الموازية التي أدت إلى عدول متعاملين وطنيين عن الاستثمار في التجارة الواسعة. 

فبالنسبة للمستثمرين في هذه الشعبة، وبالرغم من القدرات الضخمة التي تمثلها السوق في الجزائر، يكون دائما من الصعب الحصول على أراض لإنجاز مساحات تجارية كبرى جديدة أو مراكز تجارية. 

وهو ما يفسر العدد الضعيف لهذا النوع من التجارة الموجهة للجمهور العريض سواء في وسط الجزائر أو ضواحيها.

 

لالماس: يجب اعتماد سياسة عمرانية تجارية وفتح المجال لاستثمارات ضخمة في "التوزيع الواسع" 

 

وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي والمختص في التجارة، إسماعيل لالماس، أمس، في تصريح لـ"الرائد"، أن السوق الجزائرية تتوفر على قدرات هامة ويمكنها أن تستقبل مساحات تجارية كبرى بطاقة إجمالية تقدر بمئات الهكتارات، غير أن الظروف التي من شأنها تشجيع الاستثمارات في التوزيع الواسع بالجزائر غير متوفرة، وهو ما جعل تواجد الأسماء العالمية المشهورة في عالم المساحات التجارية الكبرى ضعيفا في الجزائر بشكل عام.

وقال لالماس أن المسؤولين أنفسهم اعترفوا بأن مشكل العقار دائما يطرح بالنسبة لمثل هكذا مشاريع، وهو ما يجب معالجته، داعيا لاعتماد سياسة عمرانية تجارية خاصة بالمدن الكبرى وتوفير البيئة القانونية والمناخ العام من أجل مساعدة المستثمرين الذين لديهم الإمكانيات المالية على استحداث مثل هذه المشاريع الهامة في مجال التجارة. 

من جانب آخر، قال لالماس أن المساحات التجارية الكبرى تعد وسيلة هامة يمكن تسخيرها لضبط السوق، حيث تحول دون أي ندرة أو اضطراب في التزويد، ويمكن مراقبتها من أجل ضمان أسعار مقبولة عكس باقي الأسواق، بالإضافة إلى أن هذا النوع من الفضاءات التجارية، يضيف لالماس، له العديد من المزايا خاصة من ناحية الأسعار ومسار المنتجات وخلق مناصب الشغل المباشرة أو غير المباشرة.

 

صويلح يقترح استغلال عقارات الأروقة الجزائرية وأسواق الفلاح وتحويلها إلى مساحات تجارية كبرى 

 

من جانبه، قال رئيس اتحاد التجار والحرفيين، صالح صويلح، أمس، أن المساحات التجارية الكبرى لا يزال مجالها محدودا في الجزائر رغم أنها هياكل تجارية هامة من شأنها أن "تضبط" السوق وتحل تدريجيا محل التجارة الموازية. 

وأضاف صويلح في تصريح لـ"الرائد" أن مشكل العقار دائما ما يطرح بالنسبة للراغبين في الاستثمار في هذا المجال، بالإضافة إلى عراقيل ومشاكل بيروقراطية، ليشير أنه فيما يخص النشاط هناك منافسة غير شرعية بين المساحات التجارية الكبرى وباقي الأسواق، سواء متاجر صغيرة أو أسواق موازية، مضيفا أن الجزائريين في مجملهم يفضلون الأسواق والتجارة الجوارية على المساحات التجارية الكبرى التي توجد معظمها في المدن الكبرى. 

وأوضح صويلح أن الكثير من المستهلكين يرون أنه لا وجود لأي حاجة لاقتناء المشتريات الأسبوعية في مساحة كبرى تمارس نفس الأسعار المطبقة في محل أو متجر صغير يقع بالحي، معتبرا أن غياب الأسعار التنافسية بين المساحات الكبرى والمتاجر الصغيرة والعروض المغرية، كما هو الشأن في البلدان المتقدمة أو في بعض البلدان العربية، يجعل حتى الإقبال على هذه المساحات ضعيفا وفي الكثير من الأحيان يكون الإقبال فقط من أجل الترفيه وليس من أجل التسوق. 

وعن مشكل نقص العقار الذي تتحجج به وزارة التجار لتفسير النقص الفادح في الساحات التجارية الكبرى، اقترح صويلح على الوزارة استغلال مساحات الأروقة الجزائرية سابقا وأسواق الفلاح في مجالات التوزيع الواسع، مشيرا أن تلك المنشآت التي توجد أغلبها في وضعية مزرية ومهجورة يمكن أن تجدد لتحول إلى مساحات تجارية راقية، خاصة وأنها تتواجد في مواقع استراتيجية بالمدن والبلديات.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن